«نعتبر البحرين دولةً جذّابة».. هكذا وصف نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك التحولات المالية والاقتصادية والاستثمارية في المملكة، في معرض حوار خصّ به «الوطن»، وأكد من خلاله أن موسكو تنظر إلى دول الخليج كشركاء رئيسيين، وستستمر في خلق الظروف المناسبة لزيادة حجم التجارة والاستثمار وتطوير سلاسل إمداد الطاقة من خلال تشجيع التفاعل بين ممثلي القطاع الخاص لاستغلال الفرص الاستثمارية المُتاحة في المستقبل.ولم يفت نوفاك التفصيل ببعض تفاصيل التعاون الروسي مع دول الخليج، وعلى رأسها التعاون السعودي-الروسي لتعزيز استقرار سوق النفط العالمي ودعم الطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن «أوبك+» هو أساس استقرار سوق النفط العالمي، قبل أن يُسهب بالحديث عن جهود روسيا للمضي قُدُماً نحو الطاقة المتجددة مع الحفاظ على مكانتها في القطاع التقليدي، وعن خطط روسيا للتحوّل إلى الطاقة الهيدروجينية بحلول 2050.وحول مدى تأثير العقوبات الغربية على موسكو، أكد نوفاك أن روسيا تزيد إمدادات الطاقة إلى آسيا والمحيط الهادئ رغم العقوبات الغربية في ظلّ اهتمام متزايد من عديد الدول للحصول على الغاز الروسي ما يدفع لتعزيز شراكات تقليدية وتطوير شراكات جديدة على أساس المنفعة المتبادلة.وأجرت «الوطن» لقاءها الحصري مع نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك على هامش حضورها فعاليات أسبوع الطاقة الروسي، حيث تناولت المقابلة أبرز التحديات التي تواجه روسيا نتيجة العقوبات الغربية، ومدى تأثيرها في توسع المشاريع الروسية بالمنطقة، بما في ذلك البحرين.لتأتي هذه المقابلة في إطار التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاع الطاقة العالمي، حيث تبرز روسيا كلاعب رئيسي يسعى لتطوير علاقاته مع دول الشرق الأوسط، وبالأخصّ دول الخليج. وفي هذا السياق. وتناولت المقابلة تأثير القيود الغربية على خطط روسيا التوسعية في الشرق الأوسط، والخطوات التي اتخذتها روسيا لضمان استمرار التعاون مع شركائها الدوليين رغم العقوبات.كما استعرض نوفاك العلاقات الثنائية بين روسيا، وكل من المملكة العربية السعودية والإمارات في مجالات النفط والطاقة، وخطط تعزيز التعاون بين هذه الدول.وأخيراً، تحدث نوفاك عن استعدادات روسيا للتحوّل نحو مصادر الطاقة المتجددة مع الحفاظ على دورها في قطاع الطاقة التقليدية. وإلى نص الحوار:
إلى أي مدى أثرت القيود التي فرضها الغرب على خطط روسيا لتوسيع مشاريعها الدولية، خاصة في الشرق الأوسط؟ وكيف ترى تطور العلاقات بين روسيا ودول الخليج في قطاع الطاقة خلال العقد القادم؟- بالطبع، نحن نأخذ بعين الاعتبار القيود التي تفرضها الدول غير الصديقة في عملنا، ولكن استجابتنا النظامية تتمثل في تكثيف جهود مجموعة واسعة من الدول لتشكيل آليات تفاعلية «مقاومة للضغوط». نحن منفتحون على التعاون مع جميع الدول المهتمة، بما في ذلك في المجال المالي، وفي هذا السياق، تعتبر البحرين أيضاً جذابة.دول الخليج بالفعل هي شركاؤنا الرئيسيون، وسنستمر في خلق الظروف المناسبة لزيادة حجم التجارة والاستثمار وتطوير سلاسل إمداد الطاقة من خلال تشجيع التفاعل بين ممثلي القطاع الخاص لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في المستقبل.نواصل التعاون في إطار «أوبك+» لموازنة السوق العالمية للنفط، ولدينا مواقف مشابهة في مسارات الطاقة الأخرى ضمن المنصات المتعددة الأطراف. نحن راضون عن مستوى تعاوننا المبني على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة.ما هي الخطوات التي تم اتخاذها للتكيف مع تحديات العقوبات وضمان الوفاء بالعقود والاتفاقيات مع الشركاء الدوليين؟- على الرغم من استخدام الدول الغربية للطلب على الموارد الطاقية كأداة للضغط السياسي والاقتصادي، إلا أن روسيا لاتزال شريكاً تجارياً موثوقاً به.تعتبر إنشاء بنية تحتية للتجارة في مجال الطاقة مقاومة للعقوبات أولوية بالنسبة لنا. لهذا الغرض، يتم تطوير آليات مالية آمنة لتسوية الحسابات، والنقل البحري، والتأمين، وإعادة التأمين، بالإضافة إلى تطوير وتعزيز التعاون التكنولوجي مع الدول الصديقة والمواقف البناءة.هل يمكن أن تخبرنا المزيد عن العلاقات مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في قطاعات النفط والطاقة، وخطط توسيع التعاون؟ هل هناك مشاريع مشتركة أو قيد التطوير؟- تقوم علاقاتنا مع شركائنا في المملكة العربية السعودية والإمارات على المصالح المشتركة والرؤى المتطابقة حول أهمية الحفاظ على توازن سوق الطاقة العالمية، بما في ذلك سوق النفط، ورغبتنا المشتركة في تطوير التعاون الثنائي المتبادل المنفعة في مجالات الطاقة التقليدية والجديدة المنخفضة الكربون لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. نحن نتعاون بنشاط في إطار المنظمات الدولية بشأن قضايا التحوّل الطاقي.نحن ندعم استقرار السوق العالمية للنفط من خلال التنسيق في إطار مجموعة «أوبك+». بالإضافة إلى ذلك، نعتزم تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى تحقيق هيكل أكثر توازناً لمصادر الطاقة من خلال زيادة حصة الطاقة النظيفة والمتجددة. نحن مهتمون بتوسيع العلاقات المؤسسية بين بلدينا.كيف تستعد روسيا للتحوّل إلى مصادر الطاقة النظيفة في ظل التحوّل العالمي نحو الطاقة المتجددة مع الحفاظ على مكانتها في قطاعات الطاقة التقليدية؟- في عام 2021، تبنّت الحكومة الروسية استراتيجية التنمية منخفضة الكربون حتى عام 2050، ويتمّ تنفيذ برنامج الدولة لتطوير الطاقة الهيدروجينية، ومن المتوقع تقديم استراتيجية الطاقة الجديدة حتى عام 2050 بنهاية هذا العام، والتي ستتضمن مهام واضحة لتحقيق هذه الأهداف.نستند إلى مفهوم التحولات الطاقية العادلة والمنظمة والمتساوية. يستند هذا المفهوم أولاً إلى مراعاة الخصائص الوطنية، بما في ذلك الظروف المناخية والطبيعية، والمهام التنموية الاجتماعية والاقتصادية، وهيكل موازنة الطاقة والوقود. وثانياً، يعتمد على مبدأ «الحياد التكنولوجي»، والذي يعني استخدام جميع الحلول التكنولوجية المتاحة ومصادر الطاقة لتقليل الانبعاثات. ثالثاً، يهدف إلى ضمان بيئة غير تمييزية للتجارة الدولية والاستثمار في مجال الطاقة.في هذا العام، تحت رئاسة روسيا في مجموعة بريكس، التي تضم الآن 10 دول، أعد خبراء منصة الطاقة المشتركة في بريكس دراسة مشتركة حول التحوّل الطاقي العادل. تعكس هذه الدراسة النهج الجماعي لدولنا تجاه هذا الموضوع، الذي يحتل الآن مكانة مركزية في أجندة الطاقة في المنظمات الدولية المتعددة الأطراف.ما توقعكم لتقلبات أسعار الطاقة هذا العام، مع الأخذ في الاعتبار التغيرات في الظروف الاقتصادية العالمية والأحداث الجيوسياسية؟ وبرأيكم، إلى أي مدى يمكن أن تؤثر هذه العوامل بشكل كبير على أسواق الطاقة والسلع العالمية؟- التغيرات في أسواق الطاقة والسلع العالمية دائماً ما تكون عملية متعددة العوامل، ويكون من الصعب أحيانًا تحديد مدى تأثير العوامل السياسية، والتي بالطبع تلعب دورًا في بعض الأحيان. الأساس هو توازن العرض والطلب، ونحن مهتمون بالحفاظ على استقرار الأسواق.اليوم، تواصل روسيا بنجاح تطوير تعاونها مع العديد من الدول، وتضمن بشكل كامل الوفاء بجميع التزاماتها تجاه شركائها، وتزيد إمداداتها إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، على الرغم من الضغوطات والعقوبات التي تفرضها الدول الغربية. وفي الوقت الحالي، ندرك أن هناك اهتماماً متزايداً من عدد من الدول للحصول على موارد الطاقة، بما في ذلك الغاز، من روسيا. نحن مستعدون لتعزيز الشراكات التقليدية وتطوير شراكات جديدة على أساس المنفعة المتبادلة.