الرأي

إرث الصقور السعودي.. نافذة على المستقبل والهوية الوطنية

منذ أيام قليلة، شهدت العاصمة الرياض انطلاق فعاليات معرض الصقور والصيد السعودي الدولي، الذي يعد حدثاً ضخماً يتجاوز حدود المملكة العربية السعودية، جامعاً بين التراث العريق والطموحات المستقبلية. هذا المعرض، الذي يقام في الفترة من 3 إلى 12 أكتوبر الجاري، يُعتبر الأكبر عالمياً لعشاق الصقور والصيد، حيث يُقام على مساحة واسعة تبلغ 160 ألف متر مربع، ويستقطب الزوار والمهتمين من مختلف أنحاء العالم.
ويبرز المعرض الجانب الاقتصادي كأحد أهم محاوره، حيث يُعتبر جسراً اقتصادياً يصل بين الصقارين والمستثمرين، مسهماً في تعزيز اقتصاديات الصيد وتربية الصقور. فالمعرض يعرض أحدث منتجات مزارع الصقور المحلية والدولية، إلى جانب المعدات الخاصة بالصيد. كما تُخصّص مساحات واسعة لشركات الأسلحة التي تعرض أحدث التقنيات والأسلحة المستخدمة في الصيد، مما يتيح للزوار فرصة اقتناء معدات الصيد من كبريات الشركات العالمية.
وليس الجانب الاقتصادي المباشر هو الوحيد الذي يقدمه المعرض، بل يمتد تأثيره ليخلق فرص عمل جديدة، خاصةً للشباب الذين يسهمون في الأعمال الموسمية المرتبطة بهذا الحدث الكبير. بالإضافة إلى ذلك، يعزز المعرض من الحركة الاقتصادية في العاصمة، من خلال زيادة الطلب على الفنادق والمطاعم والمقاهي، واستئجار السيارات، ما يسهم في تنشيط القطاع السياحي في المدينة.
أما من الناحية الثقافية والسياحية، فيُعد المعرض فرصة سنوية لإبراز الهوية الوطنية والتراث العريق للمملكة، خاصةً من خلال تسليط الضوء على تاريخ الصقارة في المنطقة. فالمعرض يقدم تجربة متكاملة للزوار عبر أجنحة تفاعلية مثل «متحف شلايل الرقمي»، الذي يستعرض تاريخ الصقارة باستخدام أحدث تقنيات الواقع الافتراضي، إلى جانب برامج موجهة للأطفال مثل برنامج «صقار المستقبل”، إضافة إلى الفنون التشكيلية والحرف اليدوية.
ومع وجود مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية، يتيح المعرض تجربة متكاملة تجمع بين التراث والتكنولوجيا. الزوار لن يستمتعوا فقط بمستلزمات الصقور والصيد، بل سيحظون بفرصة استكشاف عمق التراث السعودي والتعرف على المواقع السياحية في المملكة. كما سيتيح لهم المعرض لقاء خبراء الصقارة من مختلف دول العالم والتعرف على أحدث التقنيات والمستجدات في هذا المجال.
بشكل عام، يمثل معرض الصقور والصيد السعودي الدولي نقطة تحول في تعزيز الاقتصاد المحلي وإبراز التراث السعودي الأصيل، إضافةً إلى كونه فرصة لاكتشاف آفاق جديدة في مجالات الاقتصاد والسياحة، ليظل الحدث علامة مميزة تُبرز الهوية السعودية، وتؤكد حضورها العالمي.