الرأي

لو كان الكلام بـ'فلوس'..!!

تذكرت مقالاً كتبته قبل عشر سنوات تقريباً، كنت أنتقد فيه بعض النواب الذين يتحدثون ويصرحون كثيراً، وبعضهم كان يظهر على صفحات الصحف أكثر من المسؤولين، وبعضهم على وسائل الإعلام أكثر من المذيعين، ورغم ذلك كانت "جعجعة بلا طحين" للأسف، لأن النتائج لم تكن بحجم مستوى الزخم والظهور الإعلامي، والحديث والتصريح اليومي. في مقابل هذا الصنف، كنت أنتقد نواباً آخرين تجدهم دائماً "على الصامت"، خاصة بعد انتهاء دور الانعقاد الأول، إذ يعيشون في الدورين الثاني والثالث حالة "السكوت من ذهب"، ليعاودوا "النطق" في دور الانعقاد الأخير، وذلك لأسباب انتخابية لدى الغالبية منهم، أو لإبراء الذمة أمام الناس!كنت أقول: لو كان الكلام والتصريحات بفلوس، لما وجدت أحداً صرح أو أطلق وعوداً! بل لوجدت سكوتاً مطبقاً. لكن المشكلة أن الكلام "ببلاش"، ورغم ذلك فإن قلة قليلة مازالت تتلم وتصرح وتحاول أن تحقق بعضاً من وعودها الانتخابية للناس. مازالت قلة قليلة تتواصل مع الناخبين، وصدمت مؤخراً حينما علمت بظاهرة "فقدان أثر النائب"، بمعنى أن أهالي المنطقة لا يجدون نائبهم، بل يجدونه في مناطق أخرى بالبلد! إما مشاركاً في فعاليات أو جالساً بعيداً عن الدائرة الانتخابية. عموماً، اليوم تنطلق أعمال دور الانعقاد الثالث من المجلس الوطني الحالي، والتركيز الإعلامي سيكون حاضراً لتشرف الحفل بحضور جلالة الملك المعظم حفظه الله وافتتاحه للدور، وترقب كلمته السامية. وعليه اليوم ستجدون بعض نوابكم الذين فقدتم ظهورهم مؤخراً، والذين فقدتم أصواتهم سواء في دور الانعقاد الأول أو الثاني، بخلاف ما كانوا عليه وقت الانتخابات. اليوم ينبغي أن يتذكر النواب المنتخبون من الشعب، بأن وجودهم في هذا المكان جاء بفضل ثقة الناس وأصواتهم، وأن عليهم "رد الدين" للناس عبر توصيل نبضهم والعمل على قضاياهم وحل همومهم. دور جديد يبدأ، تحديات تضاف على التحديات السابقة، وتطلع الناس للأجواء بشكل عام، والتركيز على الملفات المعيشية والخدمية التي تسهل حياتهم. وفي هذا الشأن العملية ليست مقرونة بـ"ألغاز"، أو بنفس صيغة الكلام الشهيرة التي جسدها الممثل المخضرم سعد الفرج في إحدى المسرحيات، وهو يصرخ كمسؤول "الشعب شيبي؟!"، إذ نوابنا الكرام جميعهم يعرفون "الشعب شيبي"؛ لأن رغبات وتطلعات وهموم الناس كلها، وثقتموها في برامجكم الانتخابية، وقدمتموها للناس كوعود ستحققونها فقط شريطة أن تحصلوا على أصواتهم. من ما زال باقياً على العهد من النواب، نقدر له ثباته، ونتطلع لمزيد من إيصال صوت الناس والعمل على تحقيق مطالبهم. ومن اختفت صورته وصوته، نتمنى أن يتذكر مسؤوليته تجاه من وثقوا به، وأن يقدم أداء يشفع له عند ناخبيه. والفئة الأخيرة نتمنى صحوتها الآن، لأن الاستنفار في الشهور الأخيرة من دور الانعقاد الرابع لا يفسره الناس إلا بـ"محاولة أخرى" لدغدغة مشاعرهم لكسب أصواتهم.