البحرين

الساعي: نسعى لتعزيز التصنيع الغذائي المستدام والممارسات الزراعية

هبة محسن


الساعي: «غذاء» تدعم جهود البحرين لتحقيق الأمن الغذائي


البحرين تولي أهمية كبيرة بتنويع وضمان سلسلة التوريد الغذائية


إنشاء هيئة مستقلة للرقابة على الغذاء أمرٌ مُلِحّ ويخدم المرحلة الحالية


تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030 يتطلّب حلولاً جذرية


دول الخليج أقل عرضة لأزمات الأمن الغذائي


أكد رئيس مجلس إدارة شركة غذاء البحرين القابضة «غذاء» باسم الساعي، أن الشركة تهدف على المدى الطويل إلى تعزيز قطاع التصنيع الغذائي المستدام والممارسات الزراعية التي من شأنها تقليل الاعتماد على الواردات، إلى جانب توفير الأغذية الصحية، وتحفيز التصنيع والتوزيع ضمن قطاع الأغذية الزراعية في المملكة من خلال إيجاد الحلول المبتكرة والاستثمار فيها، داعياً إلى إنشاء هيئة مستقلة للغذاء في البحرين لتوحيد الجهود وتنسيقها بين مختلف الأطراف المعنية.وأوضح الساعي، في حديثه لـ«الوطن» بأول حوار له بعد توليه رئاسة مجلس إدارة الشركة، أن حجم قطاع الأغذية في البحرين يبلغ 1.2 مليار دينار بحريني، مؤكداً أن البحرين تولي أهمية كبيرة بتنويع وضمان سلسلة التوريد الخاصة بالمواد الغذائية، لافتاً إلى أن «غذاء» تأسّست لتعزيز النمو والابتكار في قطاع الأغذية والزراعة، ودعم جهود مملكة البحرين في تحقيق الأمن الغذائي.وقال إن دول الخليج تُعتبر أقل عرضة لأزمات الأمن الغذائي مقارنةً ببعض الدول الأخرى، وذلك بفضل مجموعة من السياسات والاستراتيجيات التي تبنّتها حكومات دول مجلس التعاون، معتبراً أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030 يتطلّب حلولاً جذرية في النظم الغذائية، خاصةً لتحقيق الهدف الثاني المتعلّق بالقضاء على الجوع، وسوء التغذية، وتعزيز الزراعة المستدامة، مسلّطاً الضوء على جهود البحرين لتعزيز الأمن الغذائي، وفكرة إنشاء «غذاء» القابضة، وخطتها الاستراتيجية على المدى القصير والمتوسط والبعيد. وفيما يلي نص الحوار:

- كيف ترى وضع الأمن الغذائي على الصعيد العالمي؟تحقيق الأمن الغذائي أصبح من المهام الرئيسة للدول جميعها، التي عليها أن تحمل أعباء توفير احتياجات مواطنيها، ومواجهة الاختلالات الغذائية نتيجة العوامل الداخلية والخارجية. وأصبح شاغلاً رئيساً للتنمية المستدامة والنمو في منطقة الشرق الأوسط التي تواجه تحديات زراعية كبيرة.وقد أدت جائحة «كوفيد-19» والصراعات، والصدمات المناخية إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع على مستوى العالم. فوفقاً لطبعة عام 2023 من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، واجه ما بين 691 و783 مليون شخص الجوع في عام 2022، مقارنةً بـ122 مليون شخص في عام 2019.ويتطلّب تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 حلولاً جذرية في النظم الغذائية، خاصةً لتحقيق الهدف الثاني المتعلق بالقضاء على الجوع وسوء التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة. لذلك من الضروري تعزيز التنسيق والتعاون الدولي لضمان سلامة النظام الغذائي العالمي، مع التأكيد على مسؤولية الحكومات الوطنية في توفير الغذاء لشعوبها.- ما أهمية الغذاء بالنسبة لأهداف التنمية المستدامة؟الغذاء يقع في قلب أهداف التنمية المستدامة «SDGs» ضمن أجندة التنمية للأمم المتحدة للقرن الحادي والعشرين، وأن «القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة» هو ثاني أهداف التنمية المستدامة الـ17 للأمم المتحدة، والذي من المستهدف تحقيقه بحلول عام 2030، الأمر الذي يستدعي إجراء تغيير عميق في نظام الأغذية والزراعة العالمي.وتُعتبر دول الخليج أقل عرضة لأزمات الأمن الغذائي مقارنةً ببعض الدول الأخرى، وذلك بفضل مجموعة من السياسات والاستراتيجيات التي تبنّتها حكومات دول مجلس التعاون، فقد نجت هذه الدول من الأزمات بفضل تحلية مياه البحر والزراعة الحديثة والمائية والأهم استثمارها لأراضٍ زراعية في الدول النامية لتأمين احتياجاتها، رغم الجدل كله الذي أثارته هذه الخطوة.وتؤكد أهداف التنمية المستدامة على ضرورة «عدم ترك أحد خلف الركب»، مما يسلّط الضوء على أهمية الإنصاف والاستدامة في تحقيق الأمن الغذائي.ويعقد البنك الدولي يوم الأربعاء 23 أكتوبر العام الجاري اجتماعاً بعنوان «الزراعة والغذاء بوصفها قاطرة للنمو المستدام وفرص العمل»، ويحمل الاجتماع رسالة مهمة وهي: «يمكن للنظام الزراعي والغذائي العالمي أن يُتيح أكثر من مجرّد توفير الطعام لأعداد متزايدة من السكان»، حيث يحمل إمكانات هائلة كمحرّك للنمو وخلق فرص العمل. غير أن إطلاق هذه الإمكانات على المدى الطويل يتطلّب إعادة تصوّر هذا النظام من أجل وضع التغذية، والقدرة على التكيّف مع المناخ، ووقف التدهور البيئي في طليعة أولوياته.- ما هي الخطوات التي اتخذتها حكومة المملكة لتعزيز الأمن الغذائي؟سعت حكومة مملكة البحرين بخطوات جادّة نحو تعزيز الأمن الغذائي، وتبنّي المبادرات التي من شأنها رفع مستوى الأمن الغذائي في المملكة، ودعم الإنتاج الغذائي الوطني. كما أولت المملكة أهمية نحو تنويع وضمان سلسلة التوريد الخاصة بالمواد الغذائية، والحفاظ على الأسعار المدعومة لبعض المواد الغذائية، إلى جانب فرض إعفاء من القيمة المضافة على المواد الغذائية الأساسية، وتقديم خدمات حماية المستهلك، ودعم المزارعين المحليين، ومصايد الأسماك، بالإضافة إلى جهود المملكة البارزة في توظيف التقنية الحديثة للزراعة، وتعزيز التعاون الدولي.وتماشياً مع استراتيجية التأمين الغذائي، أعلنت شركة ممتلكات البحرين القابضة «ممتلكات»، صندوق الثروة السيادي لمملكة البحرين، في شهر مارس الماضي عن إطلاق شركة غذاء البحرين القابضة «غذاء»؛ لتعزيز النمو والابتكار في قطاع الأغذية والزراعة، ودعم جهود مملكة البحرين في تحقيق الأمن الغذائي.- حدثنا عن فكرة إنشاء شركة «غذاء»؟اعتمدت العديد من الدول في السنوات الأخيرة، تشريعات تكرّس الحق في الغذاء، مما أظهر تقدّماً في بعض القضايا. ومع ذلك، لايزال هناك الكثير من العمل المطلوب للأعمال الكامل لهذا الحق الحيوي.وقد وضعت مملكة البحرين استراتيجية وطنية لمواجهة هذه التحديات ترتكز على زيادة الإنتاج المحلّي الممكن ضمن إمكانيات ووضع مملكة البحرين، وضمان استمرار تدفق الواردات الغذائية. وتضمّنت الاستراتيجية رؤية وخطة عمل واضحة لضمان الأمن الغذائي المستدام على المستويين الوطني والإقليمي. كما برزت في مملكة البحرين الممارسات الزراعية البديلة، مثل الزراعة المائية، وتنمية الأحياء المائية بشكل متزايد.ومن أجل هذا كله تأسّست شركة غذاء البحرين القابضة «غذاء» لتعزيز النمو والابتكار في قطاع الأغذية والزراعة، ودعم جهود مملكة البحرين في تحقيق الأمن الغذائي.- ما هي الشركات المنضوية تحت مظلة «غذاء»، هل توجد نية لإضافة شركات أخرى؟تضمّ شركة «غذاء» أصول ممتلكات في القطاع الغذائي، وهي الشركة العامة للدواجن، وشركة دلمون للدواجن، وشركة البحرين لمطاحن الدقيق «المطاحن»، حيث سيعزّز وجود جميع الشركات تحت مظلّة واحدة من آفاق التعاون والتكامل فيما بينها. وستعمل شركة «غذاء» كذلك على البحث عن الفرص الاستثمارية الواعدة في المشاريع والتقنيات التي من شأنها تعزيز إنتاج الأغذية وتصنيعها وتوزيعها.في الوقت الراهن الموجود تحت مظلّة غذاء، الشركات الثلاث الأساسية وهي: الشركة العامة للدواجن، وشركة دلمون للدواجن، وشركة البحرين لمطاحن الدقيق «المطاحن»، والشركات الثلاث قوية ولديها مجال للتوسع، ويُعْمَل على تسريع التوسّع في جميع هذه الشركات، حيث سيُبْدَأ الاستثمار في مصنع جديد للمطاحن، وقد أُنجزت توسعات في الشركة العامة للدواجن.وشركة دلمون للدواجن تلبّي حالياً 20% من احتياجات السوق من اللحوم، مع وجود إمكانية كبيرة لزيادة هذه النسبة لتلبية نسبة أكبر من احتياجات السوق المحلي، مما سيساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي. والاستثمار في قطاع الدواجن من أنجح الاستثمارات، ويناسب مملكة البحرين؛ لأنه لا يحتاج مساحات أراضي شاسعة.- حدثنا عن الخطة الاستراتيجية للشركة؟حجم قطاع الأغذية في البحرين يبلغ 1.2 مليار دينار، ويشمل عدة قطاعات مختلفة من الغذاء، وهناك علاقة طردية بين النمو السكاني والاقتصادي والحاجة المتزايدة للغذاء، لذلك وضعت شركة غذاء خطة استراتيجية قصيرة (1-2 سنوات)، ومتوسطة (2-4 سنوات)، وطويلة المدى (5 سنوات وأكثر).وتهدف «غذاء» على المدى الطويل إلى تعزيز قطاع التصنيع الغذائي المستدام والممارسات الزراعية التي من شأنها تقليل اعتمادنا على الواردات، إلى جانب توفير الأغذية الصحية، وتحفيز التصنيع والتوزيع ضمن قطاع الأغذية الزراعية في المملكة من خلال إيجاد الحلول المبتكرة والاستثمار فيها.كما تسعى «غذاء» إلى الاستثمار في قطاعات تشمل تكنولوجيا الأغذية الزراعية، والزراعة المستدامة، وخدمات الأغذية، وذلك من خلال البحث عن الفرص والشراكات التي تتوافق مع هدفها والنهج الذي تتبناه شركة ممتلكات البحرين القابضة في تعزيز كفاءة أصولها الحالية، وتطوير محفظتها لتحقيق نمو مستدام طويل الأجل.- ما الخطة الاستراتيجية طويلة المدى؟الخطة، على المدى الطويل، يستوجب في بعض المشاريع التوجّه خارج البحرين نحو مستوى إقليمي ودولي، نظراً لمحدودية المياه والأراضي الزراعية التي تُعيق إنشاء مشاريع كبيرة، بالإضافة إلى التركيز على استخدام التكنولوجيا في مختلف أنواع الزراعة.لذلك هناك زيارة قامت بها شركة غذاء مؤخراً إلى شركة «سالك» في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، حيث التقينا مع القائمين على الشركة لبحث سُبل تحقيق الأمن الغذائي والتعرّف على خبراتهم والاستراتيجيات المتبعة والممتدة في قطاع الأغذية والأمن الغذائي.فضلاً عن ذلك، هناك زيارة مرتقبة في أكتوبر المقبل إلى سلطنة عُمان للتعرّف على شركة «نتاج»، التي تركز على قطاع الأغذية وبعض مشاريع الأمن الغذائي، وزيارة للكويت للاطلاع على خبرات شركة المطاحن الكويتية و«كي دي دي». وقد التقينا مع المنظمة العربية للاستثمار الزراعي لتعزيز التعاون في هذا القطاع من خلال زيارة رئيس المؤسسة الأخيرة إلى البحرين.وتهدف هذه الزيارات إلى التعرّف على التجارب الناجحة والاستفادة من الخبرات وبناء جسور التعاون مع هذه الشركات والمؤسسات.- ما هي مصادر التمويل لشركة «غذاء»؟في الوقت الحاضر الشركة لديها عوائدها المالية واستثمارات شركاتها على مدار السنوات الماضية، فنحن مستمرون، ونطمح أن نحصل جزءاً من التمويل من جهات خارجية لم تُحَدّد، ولكن سننظر أيهما الأنسب لنا.- كيف يمكن للبحرين التكيّف مع التحديات العالمية المتعلقة بالأمن الغذائي؟النموذج الحالي في البحرين يعتمد على مراقبة عدة هيئات، مما قد يؤدي إلى تشتت المسؤوليات، وضعف الأداء، وانعكاسات سلبية على القطاع وأصحاب العمل والمستثمرين، لذلك أدعو إلى إنشاء هيئة مستقلة للغذاء، لما لهذا الأمر من أهمية كبيرة في الوقت الراهن.ستعمل الهيئة المستقلة على توحيد الجهود وتنسيقها بين مختلف الأطراف المعنية، مما سيسهّل اتخاذ القرارات السريعة والفعالة وتكون مدروسة، وتعكس الواقع وتلبّي احتياجات المجتمع.وستكون الهيئة أكثر قدرة على التكيف مع التحديات الجديدة والمتغيّرة في مجال الأمن الغذائي، مثل التغيّرات المناخية والأزمات الاقتصادية والسياسية، وتكون الجهة المسؤولة عن الأمن الغذائي، ورسم السياسات المتعلقة بالأمن الغذائي.الخلاصة، إن إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة الغذاء يُعدّ خطوة استراتيجية نحو تحقيق الأهداف المرجوة من ملف الأمن الغذائي بشكل أسرع وأدقّ، مما يساهم في تعزيز قدرة الدولة على مواجهة التحديات الغذائية الحالية والمستقبلية.