الرأي

«إحنا اللي كنا تحت الكوبري»

في مشهد يمثل قمة الكوميديا السوداء يجيب الطباخ «المرحوم الفنان طلعت زكريا» عند سؤاله من الرئيس «الفنان خالد زكي»، عن سبب تأخره، أن «الشوارع زحمة والكوبري كان واقف»، فيقول الرئيس «أنا جاي من الكوبري وكان سالك»، فيرد الطباخ «سيادتك إحنا اللي كنا تحت الكوبري».كثيرة هي القضايا والملفات والمشاكل التي يعانيها المواطن العادي، ولكنها غير مرئية في نظر المسؤول أو ليست ذات أهمية قصوى، بسبب اختلاف الحاجات وأولوياتها والموقع الذي يُنظر من خلاله لتلك القضية.في أحد المؤتمرات مؤخراً حدث نوع من الارتباك بسبب سوء التنظيم وعدم الاهتمام بكافة تفاصيل المشاركين والمدعوين، وهو ما عبّر عنه أحد الزملاء الصحافيين أمام أحد المسؤولين، والذي استغرب هذا الانتقاد، ومؤكداً أن المؤتمر كان من أكثر المؤتمرات تنظيماً ودقة.ما لم يره المسؤول أنه صاحب دعوة «VIP»، يعني «الباركات» مفتوحة، ولن يضطر أن «يفتر» في «الباركات» عدة مرات، ليوقف سيارته على بُعد مئات الأمتار، كما أن كرسيه محجوز وعليه اسمه، لذلك لن يقف طوال ساعة أو ساعتين على قدميه لمتابعة أعمال المؤتمر.. لأجل كل ذلك وغيره من الترتيبات «اللهم لا حسد»، فإنه لن يشعر بما يشعر به الضيف العادي، ولا حتى الزملاء الإعلاميون، والذي لم يُخصَّص لهم على الأقل مكان لمتابعة ونقل فعاليات المؤتمر.ذات الأمر؛ نقله لي أحد المواطنين والذي التقى بالصدفة أحد المسؤولات، حيث شكا لها أنه لم يجد نوعاً من الأدوية في صيدليات وزارة الصحة، فما كان منها إلا أنها أخبرته أن هناك تأخيراً في توريد هذا الصنف، وأن بإمكانه هذا الشهر شراؤه من أي صيدلية خاصة، حيث إنه متوفر وبسعر معقول.. «40 ديناراً بس».المواطن علّق على إجابة المسؤولة؛ 40 ديناراً بالنسبة لها سعر معقول ولكنها بالنسبة لي ثروة، وتساءل؛ كم من 40 ديناراً في الراتب في ظل الظروف الحالية وارتفاع أسعار كل شيء؟!وبالتأكيد هناك الكثير من القصص والمواقف التي ربما عايشتموها أو سمعتم عنها، عندما ينسى أو يتناسى المسؤول أنه واحد من أبناء هذا الوطن، وأن منصبه لا يُعفيه من التقرّب للناس والتعرّف على معاناتهم ومشاكلهم ومحاولة وضع الحلول لها.وأجزم أن كل هذه القصص ليس قاعدة بل استثناء، ولكنها تترك آثارها السلبية بدون شك على المواطن، وفي ذات الوقت على المسؤول ذاته.سياسة الباب المفتوح والتواصل الفعّال مع المواطن وتلمّس احتياجاته والتعرّف على مشاكله عن قرب هي سياسة الدولة، والتي طالما حظيت بالتوجيه من جلالة الملك المعظم وسمو ولي العهد رئيس الوزراء.وأخيراً.. نرجو من السادة المسؤولين أن ينظروا إلى «اللي تحت الكوبري».