إنّ مصادر التاريخ والتراث والأدب وكتب الجغرافيين العرب وكتب النسب تثبت بما لا يقبل أدنى شك بأنّ البحرين عربيّة، فهي تمثّل امتداداً في موقعها الجغرافيّ وجزءاً لا يتجزأ من أقاليم الجزيرة العربيّة، كما أنّ موقعها الجغرافي جعلها نقطة التقاء لمختلف الحضارات والثقافات ومهداً لحضارات أصيلة؛ فمنذ أوائل الألف الثالث قبل الميلاد بزغت حضارة دلمون وكان مركزها مملكة البحرين، ومنذ القرن الرابع قبل الميلاد ظهرت فيها حضارة تايلوس، وبذلك كان سكان البحرين هم ذات سكان جزيرة العرب ويمثلون امتداداً لهم، حيث سكنتها القبائل العربية منذ عهودٍ مبكّرة وأصبح دورها كبيراً بعد انتشار قبائل الأزد وقضاعة ولخم وبني نمارة منذ أوائل التاريخ الميلادي والتي انضمت لبعضها لتشكل حلف تنوخ، وفي منتصف القرن الخامس الميلادي بدأت مرحلة استقرار قبائل ربيعة الوائلية العدنانية في نواحي البحرين وكدليل على عمق التأثير العربي والثقل الاجتماعي والثقافي أُطلق على جزر البحرين تسمية أوال اقتباساً من أحد المعبودات لقبيلة ربيعة الوائلية، وكذا استمرت أوال تلعب دوراً متميزاً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً في الجزيرة العربية، حيث شكّلت بعض بطون ربيعة حلف اللهازم والذي ساهم في التصدي للأخطار والغزوات القادمة من الشرق، واستمر سكان البحرين يؤدون دورهم الاقتصادي حيث تنوعّت الأنشطة الاقتصادية التي مارسوها من تجارة وملاحة بحرية وبرز دورهم في نقل بضائع الشرق للغرب وبالعكس، إضافةً إلى أنشطة اقتصادية أخرى ومنها صيد اللؤلؤ والأسماك والزراعة والرعي، وتطلّب ذلك انتشار الأسواق والتي رافقتها مواسم ثقافية واجتماعية، بل كان لشعراء البحرين مساهمة وتألّق في مواسم العرب الثقافية في مكة حيث كان من بينهم أصحاب المعلقات، ممّا يوضح امتدادهم العربي اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً، وفي العهود الإسلامية أصبحت البحرين جزءاً لا يتجزأ من الدولة العربية الإسلامية تمارس انتماءها للإسلام وتمارس دورها الرائد في الحفاظ على الوحدة الدينية والسياسية للدولة، ووقف أهلها بوجه كل التحديات والفتن التي حاولت إبعادهم عن نسيجهم الثقافي والاجتماعي في الجزيرة العربية، وحافظوا على ولائهم للنبي صلى الله عليه وسلم ثم للخلافة الراشدة ممّا يُظهر التزامهم بالوحدة العربية والإسلامية ويعزّز من مكانتهم كجزء أساسي من النسيج العربي.وتُعدّ البحرين واحدة من الدول العربية التي تحمل تاريخاً طويلاً وعريقاً يعكس انتماءها العربي.منذ القدم، تمسّك سكان البحرين بانتمائهم العربي، ومع قيام الدولة الوطنية في البحرين عام 1783م وبدء العهد الخليفي، واصلت البحرين دورها البنّاء في محيطها الخليجي والعربي والدولي وأثبت شعبها انتماءه وارتباطه الأصيل بهويته وجذوره وثوابته العربية الإسلامية، حيث أظهر تقرير لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة عام 1970 أن جميع سكان البحرين يتطلّعون إلى دولة عربية ذات سيادة واستقلال تام.هذا التوجّه يعكس الوعي الوطني لدى البحرينيين ورغبتهم في تحقيق استقلالهم ضمن إطار الأمة العربية، ويؤكد ذلك ما جاء في بيان 1971: «إن البحرين الدولة العربية المسلمة تؤمن بالوحدة العربية كضرورة ملحّة يفرضها عليها التاريخ والدين واللغة والثقافة والمصير العربي المشترك».هذا البيان يعكس التزام البحرين بالهوية العربية والمشاركة في القضايا العربية الكبرى. وها هي مملكة البحرين في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، تمارس دورها الكبير في كافة المحافل الإقليمية والعربية والدولية متمسّكة بثوابتها العربية الإسلامية الأصلية والعمل الجادّ لتحقيق الاستقرار ونشر قيم التسامح والتعايش السلمي. إن قيادة البحرين الخليفية الرشيدة وشعبها الوفيّ يؤكدان بالقول والفعل وفي كل مناسبة ومحفل انتماءهم للعروبة والإسلام حاملين للعالم قيم الحق والعدل والسلام وأنّ عروبة البحرين هي واقع متجذّر في وجدان أهلها.
الرأي
البحرين عربيّة خليفيّة في جذورها التاريخية
25 أكتوبر 2024