الرأي

أنا بطل قصتك

نشر أحدهم فيديواً مصوراً لرجل عمل في منصب إداري رفيع في قطاع التعليم، يتحدث في أحد المجالس عن ذكريات عمله ويشارك الحضور بعضاً من خبراته والمواقف التي تعرض لها على مر الأعوام.تلك الشخصية المُلهمة ذكرت في الفيديو قصة لأحد التلاميذ الذين تركوا أثراً بالغاً في نفسه، فقرر أن يحكي عنها، لعلها تكون عبرة يعتبر بها الناس، حكى الرجل قائلاً «إنه عندما كان يشغل منصب مدير منطقة تعليمية، تقدم تلميذ في المرحلة المتوسطة بطلب خطي لمقابلته في مكتبه، جمال خط يد التلميذ أثار استغرابه، فوافق وطلب من العاملين في مكتبه السماح له بالدخول، ما أن دخل الشاب الصغير طلب منه المدير أن يُعيد كتابة الطلب أمامه ليتأكد أن خط اليد هذا هو له، الفتى أمسك القلم بثقة وأعاد الكتابة، جمال خطه لفت انتباه المدير، سأله لماذا طلبت رؤيتي؟ قال الفتى «لتنصفني» استغرب المدير وطلب من الفتى الاسترسال في الحديث ليفهم أكثر، قال الفتى إنه من المتفوقين في الدراسة، لكن بعد انتهاء المرحلة المتوسطة قام والده بسحب ملفه من المدرسة، ومنعه من إكمال تعليمه الثانوي، استغرب المدير وسأل الفتى عن السبب، فقال إن زوجة والده لا تريد له أن يكمل تعليمه، صمت المدير قليلاً وطلب من الفتى المغادرة مع وعده بأن يتم حل المشكلة في فترة لا تتجاوز الأسبوعين.غادر الفتى المكتب، وفور مغادرته قام المدير بالاتصال مباشرة بمدير التعليم المتوسط للسؤال عن قصة هذا الشاب الصغير، فجاء الرد مماثلاً لما حكاه الفتى، إن والد التلميذ قام بسحب ملفه مع رفض قاطع للسماح لابنه بإكمال تعليمه الثانوي، حينها قام المدير بطلب حضور الأب لمكتبه، وعندما حضر استقبله بود وسأله بكل احترام عن سبب منعه لابنه بإكمال تعليمه؟ ثار الأب غاضباً، وقال إنه ابنه، ويعرف مصلحته أكثر من غيره، وأنه لا يسمح لأي أحد مهما كان أن يتدخل في شؤونه الخاصة.المدير ذو الشخصية القوية المحنكة لم يرضخ ولم يقبل بكلام الأب، بل أجاب بثبات إنه في موقع مسؤولية يخوله أن يتحدث رسمياً عن الدولة التي توفر التعليم لكل التلاميذ، وطلب من الأب أن يعيد تقييم الأمور، أو أنه سيضطر آسفاً لاتخاذ أساليب قانونية أخرى تجبره على إعادة ابنه إلى مقاعد الدراسة، غادر الأب، وجاء الرد بعد يومين أنه قام بإعادة ملف ابنه والسماح له بإكمال تعليمه، فرح المدير وطلب من المدرسة أن يتم إعادة شرح كامل الدروس التي لم يحضرها الشاب خلال فترة انقطاعه عن التعليم، وبالفعل تم إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.وتمر الأعوام، ويقرر المدير أن يكتب مجموعة من القصص الملهمة التي من الممكن أن تُستخدم كمرجع لغيره من المدراء لكيفية التعامل مع مختلف المواقف، ويذكر فيها قصة الشاب الصغير، بعدها بمدة ليست بالبعيدة يلتقي المدير صدفة بأحد الضباط العاملين في القوات البحرية، فيلقي عليه التحية، ويرحب به بحب واحترام شديدين، المدير باستغراب يسأل الضابط من أنت؟ فيجيب باختصار أنا بطل قصتك، نعم أنا ذلك الشاب الصغير الذي لجأ إليك لتمد له يد العون، أنا ذلك الذي كنت السبب في أن يعود لمقاعد الدراسة، فيتفوق فيها ويكمل تعليمه الجامعي، لألتحق بعدها بالقوات البحرية، وأكون العائل والمسؤول عن أبي وزوجته.إنه بطل قصة الإصرار، الفتى الذي لم يمنعه أحد من تحقيق حلمه في أن يتعلم وينهض بنفسه ليكون بعدها السند والدرع الحامي لوطنه ولأهل بيته.الخلاصة: كم من أبطال القصص حولنا، أولئك الذين لم يمنعهم أحد أو ظرف في أن يكملوا مشوارهم، أولئك الأبطال الذين تحدوا المواقف الصعبة بثقة وأمل بالله إنه لن يخذلهم، وكم من مُلهم كان سبباً في إنصافهم، ودعمهم، كثيرة هي القصص من حولنا، لا تيأس ولا تجعل أحدهم يقف بينك وبين تحقيق أحلامك ورغباتك، كن أنت دائماً بطل القصة.