حسن الستري
ردت الحكومة على مشروع قانون نيابي يمنع تحويل تأشيرة الدخول إلى مملكة البحرين التي تمنح للأجنبي بغرض الزيارة إلى إقامة عمل، بأن إقامة الأجنبي بالبحرين تخضع لسلطتها التقديرية، باعتبار أن منح الإقامة يُعد من أعمال السيادة التي تصدر عن السلطة التنفيذية، والتي تتمتع بعدم خضوعها للرقابة، وإن كانت قضائية. وبينت الحكومة في مذكرتها الإيضاحية أن التنظيم القانوني الحالي كفيل بتحقيق هذه الغاية دون حاجة إلى نص تشريعي جديد، ذلك أن قانون الأجانب (الهجرة والإقامة) لسنة 1965 قد نظم مسألة دخول وإقامة الأجانب في البلاد، حيث أجازت المادة (18) منه منح رخصة الإقامة للأجنبي حال كونه في وضع يمكنه من إعاشة نفسه، ومن يعولهم إن وجدوا معه في مملكة البحرين، أو في حال رغبته في العمل بالمملكة، ومن ثم فقد حددت المادة المذكورة ضوابط إقامة غير البحريني في البلاد، وخولت الإدارة سلطة تقديرية في منح وتحديد صلاحية رخصة الإقامة أو تجديدها بالمدة التي تراها مناسبة، وجواز منح رخص الإقامة في حالات محددة. بحسب تقديرها، مع مراجعة المستفيد بشكل دوري لتحديد مركزه القانوني. ومن ناحية أخرى، فإن قرار وزير الداخلية رقم 25 لسنة 1976 بشأن تأشيرة الدخول إلى البحرين قد تناول بالتنظيم تلك المسألة، حيث حظرت المادة (1) منه دخول غير البحريني مملكة البحرين إلا إذا كان يحمل جواز سفر صالحاً وتأشيرة دخول من إحدى سفارات الدولة بالخارج، ومنعت المادة (2) من ذات القرار منح تأشيرة دخول لغير البحريني إذا كان يقصد العمل، إلا بعد إصدار شهادة عدم ممانعة من إدارة الهجرة والجوازات، ولا تصدر شهادة عدم الممانعة إلا بعد الحصول على تصريح بالعمل أو بكفالة الجهة الحكومية المتعاقدة، وفي جميع الأحوال لا يجوز منح تأشيرة دخول لغير البحريني بقصد الزيارة إذا ثبت للسفارة من الأوراق المقدمة إليها، أو من الظروف المتعلقة بالطلب أنه يقصد العمل. كما وضعت المادة (3) الشروط اللازمة لإصدار تأشيرة الدخول لغير البحريني، ومن بينها ألا يكون القصد من الدخول العمل بالدولة. وتنوه الحكومة في هذا المقام إلى أن وزارة الداخلية لا تألو جهداً في سبيل التصدي لأي بوادر قد تهدد أمن المملكة، وخاصة ما يتعلق بمتابعة ومراقبة الأوضاع القانونية للأجانب من زوار ومقيمين، وتعمل شؤون الجنسية والجوازات والإقامة جاهدة بشكل مستمر على تشديد الرقابة على كافة التأشيرات والإقامات، بما في ذلك التأشيرات السياحية وإقامة العمل، حيث يتم التشديد على ضوابط الحصول عليها أو تحويلها، وعدم تحويل تأشيرات الزيارة لرجال الأعمال إلى تأشيرة عمل وغيرها. وذلك من خلال إلزام الضامن بالتعهد بعدم تحويل تأشيرة الزائر إلى إقامة عمل عملاً بنص المادة (4) من القرار الفائت ذكره، والتي أجازت لموظفي الجوازات قبل إصدار التأشيرة المنصوص عليها في المادة السابقة اشتراط توقيع كفيل بحريني إذا رأى ضرورة لذلك. وتنوه الحكومة في هذا الصدد إلى أنه قد صدر قرار وزير الداخلية رقم (16) لسنة 2024 بتعديل البند (22) من الجدول من الجدول المرافق للقرار رقم (196) لسنة 2014 بشأن الرسوم الخاصة بخدمات الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، الذي يهدف إلى وقف تحويل تأشيرات الزيارة بدون ضامن إلى تأشيرة عمل أو التحاق، والسماح بتحويل تأشيرة الزيارة لنفس الضامن فقط إلى تأشيرة عمل أو التحاق مقابل رسم (250) ديناراً. ومن جميع ما تقدم يتضح أنه يوجد من النصوص القانونية القائمة، والقواعد الإجرائية المرتبطة بها ما يكفي بذاته لتحقيق الهدف المنشود من وراء هذا المقترح، ومن ثم ليس ثمة مبرر لصدور مشروع القانون المعروض، وذلك لوفرة النصوص القانونية القائمة التي تحقق ذات الغرض المأمول، فضلاً على اعتبارات عدم الإسراف في وضع التشريعات دون مبرر مقبول. وأكدت الحكومة تعارض مشروع القانون مع نصوص قائمة في قانون الأجانب (الهجرة والإقامة) لسنة 1965، إذ إنه لا يتسق مع النصوص الواردة في قانون الأجانب (الهجرة والإقامة) لسنة 1965 وبالأخص المادة (1/18) منه، والتي تنص على أنه «... ما لم يكن ذلك بتصريح من الحاكم، لا يجوز منح رخصة إقامة لأجنبي أو تجديد رخصة إقامته إلا في الحالات الآتية: أ- أن يكون الأجنبي في وضع يمكنه من إعاشة نفسه وإعاشة معوليه (إن وجدوا) في البحرين. ب- وإذا أراد العمل أو الاستمرار في العمل بالبحرين أن يبرز عند تقديمه طلب الحصول على رخصة الإقامة أو تجديد رخصة إقامته، كما يكون الحال، رخصة كتابية صادرة له أو لصاحب عمله من دائرة العمل تسمح له بالعمل في البحرين. مما مفاده أنه وبالنظر إلى المادة (18) سالفة الذكر أنها وضعت أحكاماً لمنح الأجنبي رخصة إقامة بقصد العمل، والتي من أهمها إبراز رخصة كتابية صادرة له أو لصاحب عمله من دائرة العمل تسمح له بالعمل في البحرين، على نحو يكون معه مشروع القانون فيما تضمنه من النص على عدم جواز تحويل تأشيرة الدخول إلى البحرين التي تمنح للأجنبي للزيارة إلى رخصة إقامة للعمل متعارضاً مع نص المادة (18) من قانون الأجانب (الهجرة والإقامة 1965 الفائت ذكرها، والتي أباحت في وضوح جهير حق الأجنبي في العمل وحصوله على رخصة إقامة إذا ما توافرت الشروط المنصوص عليها قانوناً. ومن ثم فإنه من غير المقبول أن يحظر مشروع القانون المعروض حقاً قد سبق أن قررته المادة سالفة الذكر. ومن ناحية أخرى، فإن مشروع القانون يخالف النهج التشريعي المعمول به في قانون الأجانب (الهجرة والإقامة لسنة 1965 إذ من المقرر أن مراعاة السياسة التشريعية المعمول بها في سن القوانين، مما يحرص المشرع عليه، حيث يتعين عند قيامه بتنظيم أمر ما أن يحدد الإطار العام الموضوعي له، مع ترك التفصيل للوائح التنفيذية والقرارات الوزارية، وذلك لاتسام تلك اللوائح والقرارات بالمرونة وسهولة التعديل تبعاً لأي ظروف قد تستجد وتستدعي تدخلاً تشريعياً سريعاً، بخلاف القانون الذي تتطلب إجراءات تعديله مزيداً من الوقت على النحو المقرر دستورياً، وهو ما حرص المشرع البحريني على مراعاته وتحقيقه في قانون الأجانب الهجرة والإقامة لسنة 1965. وبينت أن إقامة الأجنبي في المملكة تخضع لسلطتها التقديرية، مفيدة بأنه ولئن أوكل الدستور البحريني للمشرع وضع القواعد المتعلقة بالجنسية وإقامة الأجانب في مملكة البحرين، إلا أن ممارسة المشرع لسلطته التقديرية في هذا المجال يحددها القيد العام الذي ضمنه الدستور نص المادة (31) منه، والذي بمقتضاه لا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها، مما لازمه وجوب التزام التنظيم الذي يقره المشرع بالمبادئ الضابطة لسلطته في هذا الشأن والتي يحددها الدستور، والتي يُعد تحقيقها غاية كل تنظيم يسنه المشرع. ولا مراء في أن الدولة وحدها هي التي تختص بوضع القواعد المتعلقة بالأجانب بما تملكه من سيادة على إقليمها، وبما تمليه اعتبارات الأمن والسكنية العامة داخل الإقليم، إذ إن الأصل في مسائل الجنسية والإقامة أنها من صميم الأمور الداخلة في كيان الدولة، وتنظيمها يتعلق بسيادتها لاتصالها بالنظام العام. فسلطان الدولة على إقليمها مطلق، ولها أن تتخذ كافة الإجراءات التي تضمن أمنها وسلامتها، وتتسع هذه الإجراءات، وتضيق حسب الظروف التي تكتنف الدولة، وتطبيقاً لذلك فإن الدولة لها الحق في استقبال الأجانب أو عدم السماح باستقبالهم داخل أراضيها، ومن ثم السماح لهم بالإقامة أو عدمها على إقليمها، وأنه لسلطات الدولة التقدير الكافي الذي تترخص به في هذا الشأن. ولا ريب في أن المشروع المعروض يُعد تقييداً للسلطة التقديرية التي منحها الدستور والقانون للجهة الإدارية المختصة بحسبان أن منح الإقامة يُعد من أعمال السيادة التي تصدر عن السلطة التنفيذية، والتي تتمتع بعدم خضوعها للرقابة وإن كانت قضائية، ومن ثم فإن إقامة الشخص الأجنبي في البلاد تكون بناءً على سلطة الدولة التقديرية وفقاً لما تراه محققاً للصالح العام، والتي توازن فيها بين وجود الأجنبي من عدمه، وتقدير المدة الزمنية التي تتناسب وكل نوع من أنواع الإقامة وطبيعتها ومتطلباتها. ولا ريب أن مشروع القانون يُعد تقييداً للسلطة التقديرية التي منحها الدستور والقانون للجهة الإدارية المختصة، وذلك بحسبان أن منح الإقامة يُعد من أعمال السيادة التي تصدر عن السلطة التنفيذية، والتي تتمتع بعدم خضوعها للرقابة، وإن كانت قضائية.