عواصم - (وكالات): أكد مجلس الوزراء السعودي أن «الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سوريا خطوة إيجابية»، معرباً عن أمله بأن «يسهم هذا الانسحاب في تسريع وتيرة العملية السياسية التي تستند إلى إعلان «جنيف 1» وأن يجبر نظام الرئيس بشار الأسد على تقديم التنازلات اللازمة لتحقيق الانتقال السياسي الذي ينشده الجميع في سوريا»، فيما أستأنف امس الاسبوع الثاني من مفاوضات جنيف حول سوريا برعاية الموفد الدولي الخاص ستافان دي ميستورا الذي يضغط على وفد رئيس النظام السوري لتقديم مقترحات عملية بشأن رؤيته لمرحلة الانتقال السياسي، في حين رفضت الولايات المتحدة، دعوة روسية لاجتماع عاجل بشأن انتهاكات اتفاق وقف العمليات القتالية في سوريا، المطبق منذ ثلاثة أسابيع قائلة «إنه تم التعامل مع ذلك بالفعل بشكل بناء»، بينما هددت روسيا «باستخدام القوة ضد منتهكي الهدنة بسوريا».وجدد مجلس الوزراء السعودي في جلسته التي عقدت امس برئاسة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، «إدانة المملكة استمرار الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام السوري وأعوانه ضد أبناء الشعب السوري والتي أدت إلى وقوع 400 ألف قتيل ومليون جريح وتشريد ونزوح ولجوء ما يزيد على 12 مليون شخص».وأعرب المجلس عن استياء المملكة وإدانتها «لاستمرار النظام السوري في تأخير إجازة تصاريح المساعدات وعدم إجازة المواد الطبية اللازمة للمناطق المحاصرة، ومناشدتها المجتمع الدولي بإلزام النظام السوري وأعوانه بوقف إطلاق النار والاختراقات اليومية للهدنة التي تم التوصل إليها وضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري».من ناحية أخرى، استأنف أمس الأسبوع الثاني من مفاوضات جنيف حول سوريا برعاية الموفد الدولي الخاص ستافان دي ميستورا الذي يضغط على وفد رئيس النظام السوري لتقديم مقترحات عملية بشأن رؤيته لمرحلة الانتقال السياسي. والتقى دي ميستورا بعد استراحة في اليومين الماضيين الوفد الحكومي السوري، في لقاء هو الأول بين الطرفين بعد مطالبة دي ميستورا الوفد بـ«تقديم ورقة حول الانتقال السياسي» إثر تلقيه «ورقة جيدة وعميقة حول رؤية وفد الهيئة العليا للمفاوضات» على حد تعبيره. وأعلن رئيس الوفد السوري الحكومي المفاوض بشار الجعفري أن مستقبل الأسد «ليس موضع نقاش» في محادثات السلام الجارية في جنيف مع المعارضة.وقال الجعفري في مؤتمر صحافي عقده اثر لقائه الموفد الاممي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا «إن الكلام عن مقام الرئاسة لا يستحق الرد لأن أصحابه يعرفون إنه ليس موضع نقاش ولم يرد في أي وثيقة مستندية، وليس جزءا من مرجعيات وأدبيات هذا الحوار». ويتمسك الوفد الحكومي منذ انطلاق المفاوضات بمضمون ورقة بعنوان «عناصر أساسية للحل السياسي» سلمها للموفد الدولي وينص أبرز بنودها على ضرورة الالتزام بتشكيل «حكومة موسعة» دون أن تأتي على ذكر الانتقال السياسي الذي يعتبره دي ميستورا «أساس» المفاوضات. ويشكل مصير الأسد نقطة خلاف جوهرية، إذ تطالب الهيئة العليا للمفاوضات برحيله مع بدء المرحلة الانتقالية فيما يصر الوفد الحكومي على إن مصير الأسد يتقرر فقط عبر صناديق الاقتراع. وأقر دي ميستورا في ختام الأسبوع الأول من المحادثات غير المباشرة بان «الهوة كبيرة» بين الوفدين، معلناً أنه سيعمل خلال هذا الأسبوع على «بناء أرضية مشتركة». ويقول دبلوماسي غربي إن «هاجس النظام هو الإجراءات فيما هاجس المعارضة تحقيق التقدم» في هذه الجولة من المفاوضات، التي تضغط القوى الكبرى وخصوصاً واشنطن وموسكو لإنجاحها. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري انه سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره سيرغي لافروف في موسكو لدفع عملية المفاوضات. ويقول كريم بيطار مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس أن اللقاء بين الرجلين «يأتي متأخراً لكنه سيكون مهما» موضحاً أن «الخلافات بين البلدين ليست جوهرية كما يعتقد البعض». ويعتبر دي ميستورا أن الاجتماعات بين لافروف وكيري «حاسمة» لأنها «يمكن أن تساعد كثيراً في المرحلة الثالثة من المفاوضات التي ستعقد في أبريل المقبل». وجولة المفاوضات الحالية واحدة من 3 جولات وتستمر حتى الخميس المقبل قبل أن تبدأ جولة ثانية بعد توقف لمدة أسبوع أو 10 أيام على أن تستمر لمدة «أسبوعين»، ثم تعقد بحسب ما أعلن دي ميستورا الأسبوع الماضي جولة ثالثة من المفاوضات بعد توقف مماثل. ويلتقي دي ميستورا اليوم وفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي سيسلمه ردوده على نحو 30 سؤالاً وجههم إليها حول الانتقال السياسي وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي. ووصل أمس إلى جنيف المنسق العام للهيئة رياض حجاب لمواكبة الاجتماعات الأخيرة في الأمم المتحدة. وتنتقد الهيئة «عدم جدية» دمشق في المفاوضات. وآمل نائب المنسق العام للهيئة يحيى قضماني أن «تستخدم روسيا نفوذها للضغط على نظام الأسد بشكل جدي كي يدخل في مفاوضات جادة حول الانتقال السياسي». وتأتي جولة المفاوضات الراهنة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال القتالية في سوريا صامد منذ 27 فبراير بموجب اتفاق روسي أمريكي مدعوم من الأمم المتحدة وبعد بدء موسكو الأسبوع الماضي سحب الجزء الأكبر من قواتها من سوريا. لكن الجيش الروسي وجه انتقادات إلى الجيش الأمريكي حول متابعة انتهاكات الهدنة. وقال المسؤول الكبير في قيادة الجيش الروسي الجنرال سيرغي رودسكوي في بيان «من غير المقبول تأخير البدء بتطبيق إجراءات تنص على التحرك في حال حصول انتهاكات لوقف إطلاق النار» محذراً من أن روسيا «ستتابع بشكل أحادي الجانب قواعد تطبيق الهدنة في حال غياب رد من الجانب الأمريكي» اعتباراً من اليوم.ميدانياً، قتل 26 عنصراً من قوات النظام السوري بعد صد تنظيم الدولة «داعش» هجوماً للجيش غرب مدينة تدمر الأثرية وسط سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وبدأ الجيش منذ أسبوعين معركة لاستعادة المدينة التي يسيطر عليها المتشددون من مايو الماضي، بغطاء جوي روسي.