^   نبدأ بقول الله سبحانه وتعالى “فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ”، أصدر بعض نواب مجلس العموم البريطاني بياناً يدعون فيه إلى إلغاء سباق “الفورمولا-1” في البحرين احتجاجاً على ما وصفوه بانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. نقول لهم إن البحرين لم تغزُ بلداً ولم تقتل رجاله ونساءه وأطفاله، كما فعلت بريطانيا في العراق وأفغانستان. ونسوق لكم هنا مثالاً واحداً فقط على جريمة بشعة من جرائم الجيش البريطاني، وهي جريمة قتل العراقية حنان صالح مطرود الطفلة ذات الـ 8 أعوام، والتي قتلها جندي بريطاني أمام منزلها في البصرة في 21 أغسطس 2003. ويقول المحامي شاينر “لسبب ولآخر توقفت دبابة بريطانية في نهاية الشارع حيث كان الأطفال يلعبون بمنطقة كرمة علي، وكانت الفتاة تقف خارج منزلها وهي ترتدي فستاناً أصفر، وفجأة خرج من قلب الدبابة جندي بريطاني حاملاً بندقيته، وأطلق النار على الطفلة في وضح النهار”، فهل هذه الطفلة متظاهرة أم إرهابية لكي يقتلها الجندي؟ وهل حرقت إطاراً أو رمت قنبلة على شرطي أو سدت الشارع بقصد الاحتجاج والفوضى كما تفعل بعض الفتيات في البحرين؟ لا أبداً إنما الآلة العسكرية البريطانية ذهبت لتغزو بلداً لم يكن لها يوماً عدواً ولم يقصف أيٌّ من أبنائه برجاً في بريطانيا ولم يفجر مبنى تجارياً، وإنما لأنها دولة استعمارية عكفت على استعمار شعوب الأرض وقتلهم. أما قول هؤلاء النواب أن “52 موظفاً صحياً حاولوا مساعدة ضحايا قمع الاحتجاجات لايزالون يخضعون للمحاكمة، وأنهم يخشون أن تستخدم الحكومة البحرينية السباق لإضفاء الصدقية على سياساتها القائمة على قمع المعارضين”، فنقول لهم إن رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون ومع سقوط أول قتيل بالرصاص في أعمال الشغب التي اجتاحت لندن، عَقَدَ اجتماعاً استثنائياً للبرلمان، مؤكداً أنه “سيفعل كل ما في وسعه” لإعادة الأمن، حيث أعلن رفع عدد قوات الشرطة من 6 آلاف إلى 17 ألفاً، وأن رئيس مجلس العموم أدان بشدة الصور المروعة التي شوهدت على شاشات التلفزيون وفي الشارع، ومشاهد هاجم فيها شباب عناصر الشرطة. وقال كاميرون في رسالة حازمة “على الشعب أن يدرك أننا سنقوم بكل ما في وسعنا لاستتباب الأمن في الشوارع وجعلها أكثر أماناً للذين يحترمون القانون”. كما قام رجال الأمن باعتقال المئات من المواطنين بينهم 3 رجال اعتقلوا بتهمة محاولة القتل، بعد أن جرحوا شرطيين كانا في سيارتهما. كما استخدمت الشرطة المدرعات لمواجهة مجموعة من الشبان، فأين هؤلاء النواب عن هذه القوة المفرطة التي استخدمتها الشرطة البريطانية في قمع مظاهرات احتجاجية تطالب بإصلاحات اقتصادية؟ في الوقت الذي ينتقدون فيه الحكومة البحرينية على استخدام خراطيش مسيل الدموع في مواجهة قنابل حارقة وأسياخ قاتلة ذهب ضحيتها رجال أمن ومواطنين، بينما تقوم شرطة لندن باعتقال أشخاص جرحوا شرطيين فقط، واعتقال شباب محتجين لم يحتلوا مستشفيات ولم يسيطروا على أبراج تجارية وشوارع رئيسة، وذلك كما فعل المتظاهرون في البحرين الذين قطعوا أوصال المنامة وأعلنوها جمهورية إسلامية موالية لطهران، فماذا ستفعل شرطة لندن لو أعلن المحتجون بريطانيا جمهوريةً إيرلنديةً أو أرجنتينيةً؟ هل ستأخذهم بالأحضان وتنثر عليهم الورود والريحان، أم ستستقدم لجنة تحقيق دولية لتتحرى ما فعلت الشرطة وما فعل المحتجون؟ وذلك كما فعلت البحرين حيث قدّم جلالة الملك حمد بن عيسى عند سقوط أول قتيل التعازي وطالب بالتحقيق وأعلن الحداد ثم أتى بلجنة للتقصي، وأخذ بتوصياتها وقدم لأي محتج به شمخ أو ندبة جرح من الطفولة مبالغ سخية كتعويض، فهل فعلت شرطة لندن في تاريخها مثلما فعلت البحرين مع المتظاهرين الذين تعدى خطرهم رجال الأمن حتى وصل إلى المواطنين في أعمالهم ومدارسهم ومنازلهم. إن المساحة لا تسع لذكر المزيد، ومجلس العموم البريطاني أعلم بما قام به الجيش البريطاني في العراق وأفغانستان، وما تقوم به شرطة لندن لبسط الأمن في شوارعها، لكن أن تتعدى بريطانيا حدودها وتتدخل في شأن داخلي للبحرين فهذا أمر غير مقبول، فإن قبل به بعض الشعب العراقي والشعب الأفغاني، فالشعب البحريني يرفض هذا التدخل ويعتبره اعتداءً عليه، وذلك عندما تكون مثل هذه التصريحات هي تأييد للمشروع الإيراني الذي يريد أن يختطف البحرين من خلال المحتجين والأطباء الذين يدافع عنهم النواب البريطانيون، والذي عليهم أن يتركوا البحرين لقادتها وشعبها، وأن يعالجوا مشكلة الفقر في بريطانيا، حيث يعيش 3.8 ملايين طفل في المملكة المتحدة في فقر مدقع. كما تعتبر بريطانيا ثاني أعلى دولة من دول الاتحاد الأوروبي من حيث معدلات الجريمة، والمرتبة الخامسة من حيث معدلات السرقة، والرابعة من حيث معدلات السطو، وغيرها من جرائم الاغتصاب وتزايد نسبة العنف ضد المرأة. كلها قضايا اقتصادية واجتماعية على نواب مجلس العموم البريطاني أن يجد لها حلولاً. وبعد أن يجعلوا من المملكة المتحدة مملكة العدل والإنسانية والرفاهية، قد ننظر في عرائضهم ونهتدي بتجاربهم. لكن بجرائمهم ضد الإنسانية في العراق وأفغانستان وقمعهم لمواطنيهم الذين لم يطالبوا إلا بتعديل أحوال معيشية. فنقول لهم نأسف.. لا نتعامل مع من قتلت دبابته الطفلة العراقية حنان ذات الثوب الأصفر والتي كانت جريمتها أنها تجرأت أن تلعب أمام بيتها في وقت مرور دبابة الجيش البريطاني.