كشف الرئيس التنفيذي لبنك البحرين للتنمية نضال العوجان بأن البنك قدم منذ تأسيسه وحتى فبراير الماضي نحو 455 مليون دينار بحريني كتمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي تشكل أكثر من 90 % من المؤسسات العاملة في مملكة البحرين.واكد العوجان في مقابلة مع وكالة انباء البحرين "بنا" أن البحرين تمتلك نموذجاً متكاملاً لتنمية هذه المؤسسات عبر نظام بيئة ريادة الأعمال، وهو نظام متكامل يتكون من آليات وبرامج تمويلية ومالية وتدريبية واستشارية وبرامج دعم الابتكار وتعزيز التنافسية والانتاجية، إضافة إلى التمويل والدعم الفني، وهذا ما لا يتوافر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة حتى في بعض الدول المتقدمة.واشار الى أنه من المتوقع أن توفر المشاريع الممولة من قروض الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أكثر من 5000 فرصة عمل، ولفت بأن بنك البحرين للتنمية والصندوق يعملان بشكل وثيق لصالح ذات الأهداف، وأن الصندوق قدم قروضاً للبنك ساعدت في تأسيس مئات المشاريع البحرينية، كما يجري الترتيب لتمويل مشروع إحدى الجامعات المحلية.وفيما يلي نص الحوار:/ ما هو دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد الوطني ؟- بحسب بعض الدراسات فإن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكّل النسبة الأكبر من المؤسسات العاملة في مختلف دول العالم. كما تحظى هذه المؤسسات باهتمام عالمي متزايد يمكن ملاحظته من خلال انعقاد وتنظيم مؤتمرات ومنتديات دولية متخصصة لبحث قضايا هذه المؤسسات وكيفية تعزيز دورها في عملية التنمية الاقتصادية، حيث تتميز بقدرتها على توفير فرص عمل جديدة وتحقيق قيمة مضافة عالية للاقتصاد الوطني وتعتبر نواة أساسية للمشروعات الكبيرة.إضافة إلى تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاعات مجدية تجارياً واقتصادياً، وتشجيع الابتكار واستقطاب العملات الأجنبية وتشجيع ثقافة ريادة الأعمال والإنتاج لدى الشباب. كما تعتبر هذه المؤسسات إحدى الأدوات المهمة في عملية التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل وهو ما يعكس دورها الرئيسي في عملية دعم الاقتصاد الوطني انطلاقاً من هذه الجوانب أو المؤشرات./ كيف تقيّم تجربة مملكة البحرين في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ؟- تجربة مملكة البحرين في مجال تمويل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تجربة متميزة وثريّة، وقد مرّت هذه التجربة بمراحل وتجارب متعددة ومتراكمة مما أنتج لنا تجربة متكاملة وناضجة في هذا المجال. إذ تمتلك البحرين اليوم نموذجاً متكاملاً لتنمية هذه المؤسسات تحت مسمى "نظام بيئة ريادة الأعمال"، وهو عبارة عن نظام متكامل يتكون من مجموعة من الآليات والبرامج التمويلية والمالية والتدريبية والاستشارية وبرامج دعم الابتكار والاحتضان وتعزيز التنافسية والإنتاجية. كما يضم شبكة واسعة من المؤسسات المتخصصة ذات العلاقة بشؤون قطاع ريادة الأعمال في مملكة البحرين سواءً على صعيد التمويل أو على صعيد الدعم الفني وهو ما لا يتوافر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة حتى في بعض الدول المتقدمة.وأود الإشارة هنا إلى ظهور كثير من قصص النجاح لرواد أعمال بحرينيين في مجال تأسيس وإدارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على المستوى الإقليمي والعالمي وذلك ما يعكس مدى ثراء وفعالية التجربة البحرينية في مجال ريادة الأعمال رغم بعض التحديات التي تواجهها. / ما هي التوجهات العالمية تجاه دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ؟ - تسير الاتجاهات العالمية بشكلٍ عام تجاه دعم هذه المؤسسات في محورين متوازيين؛ هما التمويل وخدمات الدعم الفني أو ما يمكن أن نسميه بالخدمات غير المالية. وكل محور من هذه المحاور يتضمن برامج وآليات ومبادرات متنوعة ومتخصصة تتواكب مع المتغيرات والظروف الاقتصادية التي تشهدها السوق العالمية حالياً، وكذلك المتغيرات المستقبلية المدروسة وهو ما يعكس الاهتمام العالمي المتزايد بتعزيز دور هذه المؤسسات في عملية التنمية الاقتصادية.ويمكن ملاحظة هذا الاهتمام العالمي من خلال تنظيم مؤتمرات ومنتديات عالمية متخصصة في مناقشة قضايا هذه المؤسسات وبحث سبل تعزيز دورها في تنمية الاقتصادات الوطنية والاقتصاد العالمي بشكلٍ عام. ومن هذه المنتديات – على سبيل المثال – "منتدى التنافسية الدولي 2016" والذي عقد بمدينة الرياض في المملكة العربية السعودية مطلع العام الجاري، والمنتدى العالمي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 2015 والذي عقد بتركيا، وكذلك مؤتمر اتحاد المصارف العربية حول المشروعات الصغيرة والمتوسطة والذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم خلال العام الماضي، وجميعها تعكس التوجهات العالمية تجاه تعزيز آليات دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتصميم مبادرات وبرامج جديدة مالية وفنية وتكنولوجية وإدارية لتفعيل دورها في عملية التنمية الاقتصادية بشكلٍ أكبر./ ما هو معدل فشل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي طلبت تمويلاً من البنك ؟- في مجال ريادة الأعمال لا يمكن أن نصف المؤسسات التي لم تصل إلى مرحلة معينة من التقدم بالفشل، لأن تجربة ريادة الأعمال مليئة بجوانب إيجابية وناجحة بالنسبة لرائد العمل والتي يمكنه الاستفادة منها في حياته العملية أو في تأسيس مشروع آخر بناءً على الخبرات الإدارية والمعلومات والمهارات التي اكتسبها من خلال تأسيسه لمشروع معين.وفي هذا المجال يطلق على مثل هذا النوع من المؤسسات "بالمؤسسات المتعثرة"، والتي يتعامل معها البنك بآليات مناسبة لوضعها وطبيعتها، مثل إعادة عملية الجدولة وتقديم استشارات وبرامج دعم فني تعيد هذه المؤسسات إلى وضع الربحية. أما إذا لم تنجح هذه الآليات فقد يضطر رائد العمل إلى إغلاق المشروع ولكن ذلك لا يعني فشله في هذا المجال بل قد يعد ذلك حافزاً ودافعاً له للتوجه نحو مجال أو مشروع جديد مستفيداً من تجربته السابقة. / ما هي آلية عمل البنك فيما يخص تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ؟- لدى البنك خبرة تراكمية طويلة تصل إلى 25 عاماً في مجال تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبناءً على ذلك يطبّق البنك آلية متخصصة ومتكاملة في هذا المجال. حيث ترتكز هذه الآلية على طبيعة الاحتياجات التمويلية والمالية للمشروع وحجمه وطبيعة نشاطه، مع الأخذ في الاعتبار مدى الجدوى الاقتصادية للمشروع والتي يمكن رصدها من خلال وضع مجموعة من المؤشرات الاقتصادية التي يعمل البنك على ضوئها ومنها فرص العمل التي سيوفرها المشروع وحجم القيمة المضافة وحجم الاستثمار والصادرات أيضاً.وانطلاقاً من دراسة المشروع المتقدم للتمويل وفقاً للعوامل السابقة يقوم البنك بتحديد نوعية التمويل وحجمه أيضاً./ ما مدى التنسيق بين البنك وتمكين وغيرها من الجهات الرسمية في البحرين بشأن دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ؟- تشكل المؤسسات ذات العلاقة بشؤون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين جزءًا أساسياً من مكونات "نظام بيئة ريادة الأعمال" ولذا فإن التنسيق والتعاون أمر قائم بين هذه المؤسسات، وتعتبر علاقة البنك مع تمكين "شراكة استراتيجية" لتنمية مؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة ودعم رواد الأعمال البحرينيين.وتقوم هذه الشراكة على طرح برامج ومبادرات مشتركة في الجانب التمويلي والاستشاري والفني وغيرها من الجوانب الأخرى التي تسهم في تحقيق الأهداف المشتركة للطرفين. وقد حقق برنامج التمويل المشترك نجاحاً كبيراً في تمويل وتحسين أداء كثير من المؤسسات في مختلف القطاعات. فضلاً عن برامج أخرى مثل برنامجي دعم الابتكار ودراسات الجدوى ودعم خدمات حاضنات الأعمال ومحفظة "ريادات" المخصصة لتنمية النشاط التجاري للمرأة.ولا نغفل أيضاً عملية التنسيق والتعاون بين البنك وجهات أخرى وفي مقدمتها وزارة الصناعة والتجارة والمجلس الأعلى للمرأة ومجلس التنمية الاقتصادية وغرفة تجارة وصناعة البحرين وغيرها من الجهات الأخرى./ ما هي علاقة بنك البحرين للتنمية مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي؟- نظراً لأن كل من بنك البحرين للتنمية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي - والذي يتخد من دولة الكويت الشقيقة مقراً له – مؤسستان تنمويتان انبثقت فكرة التعاون بين الجانبين من أجل المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين عبر منح البنك قروضاً خاصة بتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المملكة من خلال الحساب الخاص والذي يعتبر إحدى المبادرات العربية المخصصة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي، وقد قام الصندوق بمنح البنك قروضاً بمبلغ 130 مليون دولار .وإلى جانب ذلك يتعاون البنك والصندوق في مجال ترتيب تمويل مشترك ومشاركة في رأس المال لمشاريع اقتصادية واستثمارية في قطاعات تنموية أساسية مثل الجامعات والمستشفيات مما يسهم في دعم تنفيذ استراتيجية البنك الخاصة بتمويل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة القادمة للمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في قطاعات متنوعة. فضلاً عن تعزيز مجالات التعاون والشراكة بين المؤسسات التنموية العربية. / ما عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تم دعمها من قبل الصندوق عبر بنك التنمية ؟- بلغ عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المستفيدة من التمويل الذي حصل عليه البنك من الصندوق ضمن اتفاقيتي القرض الأولى والثانية؛ 697 مؤسسة بقيمة 80 مليون دولار. فيما تجاوزت كلفة المشاريع الممولة 120 مليون دولار . ونتوقع أن يصل عدد المؤسسات المستفيدة من هذا التمويل - بعد صرف القرض الإضافي - إلى أكثر من 1000 مؤسسة وأن تصل كلفة المشاريع الممولة إلى أكثر من 175 مليون دولار ،كما نتوقع أن تزيد فرص العمل لتصل إلى أكثر من 5000 فرصة عمل جديدة.يأتي ذلك مع اهتمام مملكة البحرين بتنويع الاقتصاد، بهدف تعزيز مكانة الأفراد وتمكينهم وتقليص معدلات البطالة، وذلك عبر تجهيز البيئة المناسبة للاستثمارات الصغيرة والمتوسطة./ ما هي التوجهات المستقبلية لتطوير العلاقة بين البنك والصندوق؟- من خلال التعاون الحالي بين الطرفين نتطلع إلى توسعة نطاق آفاق التعاون المشترك وهناك علاقة قوية وإرادة متوافرة لدى الطرفين أيضاً تدفع نحو هذا الاتجاه، سيما فيما يتعلق بترتيب عملية التمويل والمشاركة في رأس المال لمشاريع نوعية في المملكة حيث يقوم الطرفان حالياً بالترتيب لتمويل مشروع إحدى الجامعات المحلية والمشاركة فيه.