حذيفة إبراهيمأكد المشاركون في الجلسة الرابعة من المؤتمر الخليجي الإستراتيجي الثاني أمس أن على دول مجلس التعاون الخليجي تعزيز تحالفاتها واستخدام عدة خيارات لردع إيران من الاستمرار ببرامجها على مختلف الأصعدة.وأضافوا خلال الجلسة، التي جاءت بعنوان «مظاهر التحولات الجيوسياسية العالمية»، أن إيران لها أطماع تحاول تحقيقها بعد الاتفاق النووي مع دول 5+1، مشددين على أنها تدعم الجماعات الإرهابية في الوطن العربي وتحاول تصدير الأزمات لدول الجوار.وقال المستشار الأول للسياسات بالمؤسسة الأوروبية للديموقراطية في بلجيكا ديمير موارت سيري، إن عدة دول تدعم جماعات مختلفة في سوريا بسبب مصالحها الإقليمية المتضاربة، فيما تخوض تلك الدول حروباً بالوكالة.وأشار إلى أن اللاعبين بالوكالة هي منظمات إرهابية، فمثلاً إيران تدعم نظام الأسد، إضافة إلى لاعبين بالوكالة وهم الميليشيات الشيعية المختلفة، وأضاف «للأسف فإنه بعد الاتفاق النووي مع إيران، أصبح لدى طهران ثقة أكبر في التحكم بالمنطقة، وسوريا كانت التجربة».وبين أن السعودية وتركيا وقطر، تدعم أيضاً بعض الفصائل المسلحة المعارضة للأسد، إلا أن تركيا مثلاً يشكل لها أكراد سوريا أولوية في المحاربة، بأهمية أكبر من داعش كونها ترى في الأكراد تهديداً أساسياً لتركيا.وقال إن روسيا كانت تدعم نظام الأسد، وتسهل لإيران دعم بعض الجماعات المعارضة، أما الغرب فدعم الأكراد وبعض الجماعات السنية في سوريا، ولكن بطريقة ليست صحيحة ما أدى لنتائج سلبية أدت لاحقاً لظهور داعش وقوتها.وأشار إلى وجود أكثر من 6 آلاف مقاتل أجنبي من أوروبا الشرقية، و500 منهم من بلجيكا لوحدها، مبيناً أن تركيا سمحت لهم بالدخول، كما إن الاتحاد الأوروبي تجاهل مشكلة الإرهاب والأزمة السورية، ولولا أزمة اللاجئين وتفجيرات أوروبا لما انتبهت تلك الدول لأهمية هذا الموضوع.وقال إنه يجب إيجاد طرق للتعامل بين الاستخبارات الأوروبية ودول مجلس التعاون الخليجي، مبيناً في الوقت نفسه أن إخفاقاً في التبادل للمعلومات بين أوروبا وتركيا، أدى لتفجيرات بروكسل.وأشار إلى أن الشرطة الأوروبية «اليوروبول» أسست وحدة خاصة منذ 2015، لمنع تجنيد الإرهابيين عبر الإنترنت، وهم يراقبون «تويتر» وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، إلا أنهم يواجهون مشكلة عدم التحدث باللغة العربية، ولذا فإن دول الخليج يمكن أن تكون شريكاً حقيقياً وجيداً في مسألة منع التجنيد للمنظمات الإرهابية عبر الإنترنت.وأشار سيري إلى أن الاتحاد الأوربي والدول الإقليمية يجب أن تكون جادة بمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ودون أي تمييز بين حركات إرهابية دون أخرى.وشدد على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب، سواء التمويل لتلك المنظمات أو أدبياتها أو التاريخ أو الأيديولوجيات، أو الأفكار التي تصدر لأوروبا، أو حتى استخدام الدين في التجنيد.وأشار إلى أن غالبية المقاتلين الـ500 من بلجيكا هم من المغرب العربي، والذين يعتبرون الجيل الثالث في بلجيكا، وليست لديهم هوية مغربية، كما إنهم لا يشعرون بأنهم بلجيكيون، ولذا فهم فاقدون للهوية ومنحتهم المجموعات الإرهابية هوية جديدة، لتصبح سبباً وقضية ليحاربوا من أجلها.وتابع «المجتمعات الإسلامية في أوروبا تحتاج للإمام وتحتاج المدارس الإسلامية، وتحتاج فهم الدين، ويمكن لدول أوروبا بالتعاون مع الدول الإسلامية أن تقوم بذلك الدور، بدلاً من أن تقوم به مجموعات إرهابية».مفاوضات إيرانية أمريكيةفيما قال مدير برنامج الدراسات الإستراتيجية في مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة د. أشرف كشك، إن الاتفاق النووي مع إيران جاء بعد 3 نقاط، الأولى كون إيران تسعى لمفاوضات إقليمية، والولايات المتحدة كانت تسعى مفاوضات نووية، إلا أن الصيغة التي وصلتا إليها هي وجود توازن في المصالح بين الدولتين.وبين أن الاتفاق النووي مع إيران هو مؤشر جديد لتغير معادلة الأمن الإقليمي، كما يعتبر بداية جديدة لمرحلة جديدة من الصراع الخليجي الإيراني، موضحاً أن هذا الاتفاق مؤشر جديد لتغير معادلة الأمن الإقليمي، وهو بداية جديدة لمرحلة جديدة من الصراع الخليجي الإيراني.أما النقطة الثالثة، فهو اختزال مخاطر إيران في الأمر النووي، وخرج القرار في المنطقة من يد الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وسيكون وفق التوافقات في المصالح بين القوى الكبرى.وأشار إلى أن من أخطر ما يحدث في المنطقة هو تشكك دول مجلس التعاون الخليجي في السياسة الأمريكية من جانب، ومحاولة إيران لتصدير الأزمة الداخلية والسياسية والأمنية والهيكلية من جانب آخر.وأوضح كشك «يوجد مشاكل وجدل داخل إيران حول ولاية الفقيه، وهناك مشكلة كبرى أيضاً في الخلافات والانشقاقات والمشاكل المجتمعية داخل إيران، فضلاً عن مشاكل الطائفية والتي قد تظهر في الدول الأوروبية أيضاً، إذ أن هناك 10 أثنيات داخل إيران فيما تقوم طهران بمحاولات هدم الكنائس والجوامع السنية، ومع استخدام اللغات المتعددة داخلها».وأشار إلى وجود 100 تصريح رسمي ضد دول الخليج من إيران بين عامي 2011 و2015، منها حوالي 64 ضد البحرين و 36 تصريح ضد دول الخليج بشكل عام، مبيناً أنها سعت إيضاً لتجهيز «الجيوش الموازية»، فيما استطاعت دول الخليج إجهاض أكثر من 300 محاولة تهريب أسلحة لليمن.وأكد كشك أن إيران تعمل وفق منظومة إقليمية والتي بدورها تعمل وفق محورين، الإيراني الروسي والأمريكي الأوروبي، وعلى دول الخليج أن تختار أحدهما، مشيراً إلى أن امتلاك إيران للسلاح النووي ليس بعيداً، إلا أن المخابرات الأمريكية لم تكتشف أساساً أي من الدول التي امتلكت سلاحاً نووياً سابقاً.وتابع «سينتهي الحديث عن الأمن الإقليمي حال امتلاك إيران للسلاح النووي إذ ستسعى طهران لفرض رؤاها في المنطقة، وستكرس الخلل في توازن القوى».وأوضح أن دول مجلس التعاون الخليجي ستسعى لامتلاك السلاح النووي أيضاً حال امتلاكه من قبل إيران، وهو ما قد ينتج عنه مشاكل بيئية وأخرى تتعلق بالتقنية نفسها، لافتاً إلى أن أمام دول الخليج 5 خيارات، أولها توازن القوى مع إيران، بعد إنشاء قوى مثل القوى العربية المشتركة، والتحالف العسكري الإسلامي.أما الأمر الثاني، فأشار كشك إلى ضرورة وجود نوع من التوافقات في السياسات الخارجية تجاه إيران، وهي تلعب على الثغرات الموجودة، فيما ينص الخيار الثالث على أن دول الخليج بحاجة لشراكة دولية، ويجب البحث عن أسس جديدة للشراكة.وأوضح أن الخيار الرابع يتمثل في المواجهة الإعلامية والأكاديمية، إذ لا يتم الحديث عن إيران إلا في ظل وجود أزمة، بينما نجحت إيران في الوصول للمراكز البحثية الغربية، وتصدر كتباً ضد دول مجلس التعاون، ويجب على دول الخليج أن تصل لهناك.وشدد كشك على ضرورة دعم المملكة العربية السعودية في جهودها لنشر الإسلام والجهود الأخرى المبذولة في إفريقيا لإيقاف إيران عما تفعله.بسط النفوذ الإيرانيالزميل أول بمعهد هولندا للعلاقات الدولية بيتروس هندريكس، قال إن إيران تريد بسط نفوذها خارج حدودها لدى المجتمعات الشيعية، مستغلة إدعاءات المظلومية سواء أكانت حقيقية أم لا، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود أخطاء في التعامل مع الشيعة في تلك الدول إذ أنها لم تحتويهم.وأشار إلى أن رفض المالكي للسنة في العراق وتمييزه ضدهم خلق داعش، أما بشار الأسد، ورغم أنه شيعي، إلا أن الأقلية العلوية غير مرتبطة بالشيعة الإمامية الاثني عشرية، أما حزب البعث فهو الذي كان قريباً من الأقلية العلوية.وتابع «إيران تدعو للتخلص من كل هذه الأنظمة، أما الخميني فهو تحدث كمرجع لكل المسلمين سنة وشيعة، ونجح بحدود في كسبهم مؤقتاً، حيث اعتبر حينها أنه شخص معاد للحركة الاستعمارية».ولفت إلى أن حزب الله وعلى مدى سنوات طويلة، كانت لديه قوات أمنية حصل عليها من خلال البرستيج الذي ناله بعد مقاتلته لإسرائيل في 2006، وهو مازال يعتبر من القوى الناعمة، وتعرض للكثير من الخسائر بسبب حربه ضد إسرائيل.وعن التقارب بين حماس وحزب الله رغم اختلاف مذهبهما، أشار إلى أنه بسبب رأس المال السياسي، والذي سينضب بسبب دعم حزب الله وإيران للأسد، مبيناً أن حماس تشاهد بشكل سلبي ذبح السنة في سورياً من قبل النظام السوري.وأكد وجود دعم مالي للحوثيين في اليمن، كما إن إيران تساند المسيحيين في أرمينيا، وليس الشيعة في أذربيجان، ولذا فهي تحاول أن تزيد من التحديات الخارجية، وبالتالي زيادة نفوذها الخارجي.وبيّن أن إيران دعمت الولايات المتحدة في تشكيل حكومة كرزاي في أفغانستان العام 2001، ولكن جورج بوش كافأها بالقول بأن إيران هي محور الشر، مشدداً على أن إيران ستستمر في دعم حزب الله والأسد والحكومة العراقية، وستقوم بكل ما يمكنها لمنع وصول نظام سني إلى الحكم في العراق.ارتباك خليجيوقال المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج في الكويت د. ظافر العجمي، إن هناك ارتباكاً في دول الخليج بعد اتفاق 5+1، كونه لا يوجد أي باب خلفي، بل ترك الولايات المتحدة الأمريكية لتلعب بالمنطقة.وتابع «بعد عاصفة الحزم ورعد الشمال، استطاعت دول الخليج أن تمسك بزمام الأمور من جديد في المنطقة، وأكدت أنها قادرة على رفع كلفة أي حرب ستدخلها إيران، ولذا يجب إدامة خطوط التماس مع إيران حتى تفقد عنصر المفاجأة».وأشار العجمي إلى أن حيز المناورة الخليجي يتمثل باختيار الإجراءات الحادة، ومن بينها الخيارات الاقتصادية، فالحرب الاقتصادية قد تمتد لزمن السلم وليس فقط في المعارك، متسائلاً «هل لدول الخليج القدرة على مناوءة إيران بمواجهة اقتصادية؟».وأكد أن الحرب الاقتصادية قد تؤدي لتركيع حكومة طهران، ودفعها لقبول قرار قاس بالتعايش مع دول الخليج، وقرار فرض العقوبات الاقتصادية يلغي حلمها بالهيمنة، وهو ما لا يقبله الكبرياء الإيراني.وأشار إلى أن الحرب النفطية هي خيار آخر، وهي تكون في مجال الأسعار والحصص، وقال «إننا نعيش حالياً في هذه المرحلة ويجدر بنا حسن استخدامها، وهو ما يحدث حالياً من تضييق للخناق على إيران».وبين أن دول الخليج لديها آليات بالدفاع عن الاقتصاد الخليجي والذي يتميز بالقوة والتنوع، مقابل الاقتصاد الإيراني المنهك، مشدداً على أهمية مقاطعة النظام المصرفي لإيران، وخلق أزمات تمويل لها، وتشكيل مكتب لمقاطة الطرف الثالث الذي يتعامل مع إيران.وأشار العجمي إلى أن من بين الخيارات السياسية هو دعم المضطهدين في إيران، من خلال الاعتراف بحقوقهم المشروعة كالأحوازيين أو غيرهم، مشيداً بموقف السعودية وقطر والإمارات بتأييدها قراراً أممياً أدان إيران بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في مارس الماضي، إضافة إلى المؤتمر الشعبي لدحم الأحوازيين في الكويت.وأكد أن تخفيض العلاقات الدبلوماسية وقطعها هو إحدى التدابير القسرية في العلاقات الدولية، وطرد السفير كإجراء جماعي يعد إهانة يتحملها نظام طهران أمام شعبه، يرافقه تصعيد من الدول العربية، وإعادة النظر في المعاهدات معها.وتابع «من الإجراءات السياسية إيضاً شيطنة طهران أمام الدول الغربية، والتأكيد على أن النظام الإيراني عامل عدم استقرار دولي».وأكد العجمي أن من بين الخيارات أيضاً هو الخيار العسكري، كون مكامن القوة والضعف وميزان القوة لصالح الخليج بشكل عام فالجيش الخليجي هو الأكثر تأهيلاً وتدريباً وعقيدة وتسليحاً خارج حلف النيتو، والجيش الخليجي يمثل الكتلة الثانية في الوطن العربي، حيث الأولى هي المغرب العربي، وذلك لحين تعافي مصر وسوريا وعودتهما لقوتهما.وأشار إلى أن خلق قوة عربية مشتركة هو أمر قوي أيضاً، ويعد من الأمور المعنوية التي ترفع من شأن الجيوش العربية، مشيراً إلى أن العسكري الخليجي يفخر بأنه لم يمثل في يوم من الأيام دور المذل لشعبه كما في جيوش الدول الأخرى، ولم تتم عسكرة الشارع في أي دولة خليجية، ولذا فإن العسكري الخليجي لديه ترابط مع شعبه».وأشار إلى إمكانية تعزيز العلاقات العسكرية بين الخليج وواشنطن، فالمقاتل الأمريكي لم يرحل، ولازالت دروعه منتشرة على الساحل العربي، وبقاء الأصول العسكرية الأمريكي مجال استثمار للمناورات والهياكل العسكرية الأخرى، ويمكن استغلال حلف النيتو، ودفع الرياض ومسقط للانضمام مع معاهدات ذلك الحلف.وأكد أن عاصفة الحزم وإعادة الأمل ودرع الشمال، نجحت بوقف جمهورية الحوثيين الإسلامية، وما تبقى هو الجزء الثاني من الحرب، تحديد التحدياتوأكد محلل السياسات بمركز أوروبا للسياسات في بلجيكا آندريا فرونتيني، أن الجميع يحاول تحديد التحديات والأهداف العامة لأوروبا بعد سيناريو الحرب الباردة التي انتهت سابقاً.وشدد على أن الاتحاد الأوروبي لديه قوة بعد الاتفاقيات المشتركة التي وقعها، والقوانين المتعلقة بسياسات الدفاع الأمنية، فضلاً عن تحديث إستراتيجياته.وأكد فرونتيني على أهمية أن تنتبه دول الاتحاد الأوروبي إلى الأزمة المالية الحالية، وتوحيد الانقسامات حول ملف المهاجرين، إضافة إلى التركيز على الأمن والدفاع بين دول الاتحاد الأوروبي، والتكامل مع دول ملجس التعاون.