عواصم - (رويترز): قال مسؤولون غربيون إنه من المتوقع أن تقرر مجموعة دولية تراقب عمليات غسل الأموال على مستوى العالم إبقاء إيران على القائمة السوداء للدول عالية المخاطر وذلك رغم ما مارسته طهران من ضغوط للخروج من تلك القائمة من أجل النفاذ إلى النظام المالي العالمي، فيما باتت الاتهامات الدولية المتصاعدة لإيران بدعم الإرهاب تنذر بإمكانية فرض عقوبات دولية جديدة عليها، خاصة بعد إصدار محاكم غربية أحكاماً تقضي بتعويض المقربين من ضحايا عمليات إرهابية تورطت طهران بدعمها. وتتولى مجموعة العمل المالي التي تأسست عام 1989 لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل تحديث القائمة بانتظام. وستعقد دولها الأعضاء البالغ عددها 37 دولة اجتماعها في كوريا الجنوبية. وقال مسؤول غربي مطلع على مناقشات المجموعة «لا توجد تغييرات وشيكة لوضع إيران على القائمة السوداء». واتفق مسؤولان غربيان آخران في الرأي هذا الأسبوع على أن إيران لن تخرج من القائمة هذه المرة. وشكت إيران من أنها لم تحصل على الفوائد الاقتصادية الموعودة خلال المفاوضات التي جرت العام الماضي وانتهت باتفاق مع 6 قوى عالمية كبرى للحد من برنامجها النووي. ونتيجة لذلك الاتفاق رفع الكثير من العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على إيران. ومع ذلك فمازالت الولايات المتحدة تفرض عقوبات تمنع التعامل مع إيران بالدولار وربط إيران بالنظام المالي في نيويورك. وقالت ألكسندرا ويجمنجا دانييل المتحدثة باسم مجموعة العمل المالي إن المجموعة ستنشر تحديثاً للدول عالية المخاطر وغير المتعاونة وذلك بعد الاجتماع الذي يعقد هذا الأسبوع. ومن شأن الخروج من القائمة السوداء التي تضم أيضاً كوريا الشمالية أن يزيل عقبة رئيسة تواجه إيران في التعامل مع البنوك الخارجية وغيرها من مؤسسات مالية. وقال مسؤولون إيرانيون وغربيون إن هذا هو السبب في أن إيران كانت تضغط لرفع اسمها من القائمة أو على الأقل تخفيف وضعها الحالي في القائمة. وقالت لجنة العمل المالي التي تتخذ من باريس مقراً لها في وقت سابق العام الحالي إنها مازالت «تشعر بالقلق على وجه الخصوص وبشكل استثنائي» لما رأته في إيران من «فشل في معالجة خطر تمويل الإرهاب وما يمثله ذلك من خطر جسيم على نزاهة النظام المالي العالمي». ويقع عبء الإثبات على إيران في إظهار أن هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة.ويخشى كثير من البنوك الكبرى التعامل مع إيران خشية انتهاك العقوبات الأمريكية الباقية. ومنذ يناير الماضي أقامت إيران صلات مصرفية مع مؤسسات مالية من الأصغر حجماً. وامتنعت متحدثة باسم قسم السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي عن التعقيب لحين انتهاء اجتماع مجموعة العمل المالي. وامتنعت الولايات المتحدة عن التعقيب أيضاً رغم أن مسؤولاً بوزارة الخزانة قال «نحن واثقون أن مجموعة العمل المالي ستعامل إيران معاملة منصفة». وقال مسؤول إيراني إن عدة اجتماعات عقدت بين مسؤولين كبار من إيران وأوروبا في الشهور الأخيرة «لمساعدة إيران على الخروج من القائمة السوداء». وأضاف أن رئيس البنك المركزي الإيراني ناقش موضوع لجنة العمل المالي مع المسؤولين الأمريكيين خلال زيارة قام بها في الآونة الأخيرة للولايات المتحدة.ومما يزيد من عزوف المؤسسات الدولية عن التعامل مع إيران خوفها من النفوذ الكبير التي يتمتع به الحرس الثوري في الاقتصاد الإيراني. وقد كان الحرس الثوري هو القوة الدافعة وراء البرنامج النووي الإيراني ولا تزال أنشطته في مجال غسل الأموال وكذلك أنشطته العسكرية في الخارج محل عقوبات دولية واسعة النطاق. وقال مسؤول إيراني آخر إن الحرس الثوري كان يأمل في مواصلة استخدام شركاته وبنوكه الاسمية التي يختبيء وراءها بعد رفع العقوبات لكنه شعر بخيبة أمل لأن المستثمرين الأجانب تجنبوه. كذلك فإن الشركات تخشى الخوض في المياه الإيرانية انتظاراً لما ستسفر عنه انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تجري في نوفمبر المقبل. وقال مسؤول أوروبي «إذا أصبح دونالد ترامب الرئيس التالي فهو يقول إنه سيمزق اتفاق إيران. ولذا فإن التردد من جانب المؤسسات مفهوم».وأعلنت مصادر مصرفية أوروبية أنه بغض النظر عن وضع ايران على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي فإنها غير مستعدة للتعامل مع إيران بسبب المخاطر المرتفعة. والشهر الماضي قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في اجتماع مع مديرين مصرفيين تنفيذيين في لندن إنه يجب ألا تخشى البنوك الأوروبية من أن تتعرض لعقوبات أمريكية إذا استأنفت التعاملات المشروعة مع إيران. وقال المصدر المصرفي الأوروبي المطلع على ما دار في الاجتماع إن الحاضرين قالوا لكيري «ربما تريد أن تبرم البنوك الأوروبية تعاملات في إيران لكنك لا تسمح للبنوك الأمريكية بذلك. والرسالة التي تصل للسياسيين هي أن أغلب البنوك مازالت ترى مخاطر كثيرة جداً». في سياق متصل، باتت الاتهامات الدولية المتصاعدة لإيران بدعم الإرهاب تنذر بإمكانية فرض عقوبات جديدة عليها، خاصة بعد إصدار محاكم غربية أحكاماً تقضي بتعويض المقربين من ضحايا عمليات إرهابية تورطت طهران بدعمها.وبات ذلك يطرح سؤالاً بشأن الآليات التي قد تتبعها إيران لمواجهة العقوبات المحتملة والتي قد تقود إلى نتائج سلبية.من جانبه، يرجح تقرير مركز المستقبل للأبحاث والدراسات الصادر في الخليج أن ترى طهران في اعتقال بعض الأجانب مزدوجي الجنسية فرصة للضغط على دولهم لتساوم على إطلاق سراحهم ودفعهم إلى تقليص الضغوط التي تمارسها على إيران، أو قد تصدر محاكم إيرانية قرارات لتعويض أسر ضحايا إيرانيين في أحداث شاركت فيها واشنطن، رغم ضعف محاكمها على الصعيد الدولي.أما المحاولة الأخيرة، بحسب التقرير، فقد تكمن في لجوء إيران إلى محكمة العدل الدولية لإنهاء القرصنة الأمريكية لأموال إيرانية، بحسب قول طهران، لكن هذه الخطوة تحديداً قد لا تحقق نتائج إيجابية لإيران، لاسيما في ظل تصاعد الاتهامات الموجهة إليها بدعم الإرهاب. وقد تكون التداعيات المحتملة التي يمكن أن تفرضها الاتهامات بدعم الإرهاب، بحسب التقرير، أكثر تأثيراً في مصالح وأمن إيران من تلك التي أنتجتها أزمة الملف النووي، فالأحكام القضائية الموجهة ضد طهران تعرقل جهود حكومتها لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعطي انطباعاً بأن الاستثمار في إيران محفوف بالمخاطر، خاصة أن ذلك يتوافق مع العقوبات التي تواجهها بعض الشركات الإيرانية بسبب اتهامها بالمشاركة في دعم برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.