يقول المطلعون على ما يجري داخل حملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، إنها تعاني من توترات وضغوط من أقطاب الحزب، زادت من مشاعر الإحباط والغضب التي يشعر بها بعض المسؤولين في الحملة التي بدت في الأيام القليلة، وكأنها غير خاضعة للسيطرة والانضباط بسبب إصرار ترامب على تصفية حساباته مع كل من تجرأ على انتقاده، وزج نفسه في معارك جانبية، تظهر ضيق أفقه، وصبيانيته وتعصبه.ويضيف منتقدو ترامب من الجمهوريين بحسب ما ذكرت قناة العربية في تقرير لها الخميس، أن سلوكه المتهور سوف يساعد منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بشكل غير مباشر، وأنه بدلاً من ذلك يجب أن يركز على انتقاد سجل ومواقف كلينتون، وخاصة بعد أن أدلت بتصريحات ادعت فيها خطأ أن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (الأف بي آي) جيمس كومي أثنى على صدقيتها خلال التحقيق الذي أجراه المكتب بشأن استخدامها لجهاز خاص لرسائلها الإلكترونية خارج إشراف وزارة الخارجية حين شغلت هذا المنصب. وفوجئ الجمهوريون وغيرهم من المراقبين والمحللين لأن ترامب لم يستغل التقارير الرسمية التي أظهرت أن الاقتصاد في حالة انحسار. بعض المصادر في حملة ترامب تحدثت عن حالة "رعب" لأن استمرار الفوضى وإصرار ترامب على تجاهل مشورة مساعديه يعني أن قطار الحملة سوف ينحرف عن سكته بشكل كارثي.وفي هذا السياق، تواجه الحملة احتمال بروز حالة تمرد أوسع داخل الحزب تدعو لنبذ ترامب وترشيحه ومحاولة الحفاظ على الأكثرية الجمهورية في مجلسي النواب والشيوخ وبين حكام الولايات، حتى ولو أدى ذلك إلى خسارة الانتخابات الرئاسية، لأن ذلك سيعني من جملة ما سيعنيه محاولة أخيرة لصيانة ما تبقى من الحزب الجمهوري. وأخيراً أعلن النائب الجمهوري ريتشارد حنا (اللبناني الأصل، الذي يمثل مقاطعة في ولاية نيويورك) أنه لن يصوت لترامب، كما أعلنت مارغريت ويتمان رئيسة شركة هولت باكرد والمرشحة الجمهورية السابقة لحاكمية ولاية كاليفورنيا – بعد تلقيها لاتصال هاتفي من كلينتون- أنها لن تصوت لترامب "الديماغوجي" بل لكلينتون. وكان معظم الخبراء في الشؤون الاستراتيجية من الجمهوريين قد رفعوا أكثر من كتاب أعربوا فيها عن رفضهم لترشيح ترامب واعتباره خطراً على البلاد وعلى الحزب الجمهوري.وتوقعت مصادر جمهورية أن تزداد مشاعر التململ داخل الحزب مع ما يعنيه ذلك من انسحاب أو تمرد المزيد من الفعاليات الجمهورية. هذه الخلافات والتوترات داخل الحزب الجمهوري دفعت ببعض المحللين إلى القول إن هناك احتمالا بأن ينسحب ترامب من السباق، متذرعاً بحجج مثل القول إن حزبه لم يدعمه بقوة كافية، أو إن "النظام مزور" في إشارة إلى أن الانتخابات يمكن أن تزور لصالح منافسته كلينتون، وهذا بدوره يمثل إهانة لصدقية البلاد وقوانينها الانتخابية وتقاليدها السياسية.ويوم الثلاثاء شنّ الرئيس أوباما هجوماً لاذعاً ضد ترامب – زاد من وقعه أنه فعل ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس وزراء سنغافورة لي لونغ - بأن ترامب "غير مؤهل" لرئاسة البلاد. وانتقد أوباما قادة الحزب الجمهوري الذين ينتقدون ترامب، ولكنهم يواصلون تأييد حملته، داعياً إياهم إلى سحب تأييدهم لمرشح حزبهم. وهذه هي المرة الأولى منذ أكثر من 60 سنة يوجه فيها رئيس أميركي انتقادات قوية ومباشرة لمرشح الحزب الآخر. وجرت محاولات لجمع ترامب مع بعض الشخصيات الجمهورية التي أيدته منذ البداية لمحاولة لجمه وتقديم المشورة إليه حول كيفية إدارة حملته بطريقة مهنية والابتعاد عن توجيه الإهانات لمن يختلف معه أو ينتقده، وتفادي المعارك الجانبية الانتقامية، ولكن هذه المحاولات وصلت إلى طريق مسدود.وفي الأيام الماضية بدا ترامب وكأنه يستمتع باستفزاز أكبر عدد ممكن من المعارك العبثية أو الخاسرة، بمن فيها معركته مع عائلة خازير خان الذي قتل نجله في العراق في 2004 عندما كان في السابع والعشرين من عمره. وكان خان قد انتقد طروحات ترامب ضد المسلمين، في كلمة ألقاها أمام المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في الأسبوع الثاني. ولم يخيب ترامب آمال المراهنين على تهوره والذين لا يرون أي احتمال بأنه سيتغير، حين دخل في معركة خاسرة وغريبة ضد رئيس مجلس النواب بول رايان، والسيناتور جون ماكين، والسيناتور كيلي آيوت حين قال إنه لا يؤيد إعادة انتخابهم لولاية جديدة في الكونغرس.هذا الموقف عرّض ترامب إلى انتقادات أقسى من قبل أقطاب الحزب الذين رأوا في هذا الموقف استهتاراً بالحزب وأقطابه.يواجه الحزب الجمهوري، وتحديداً ما تبقى من أقطابه، نافذة زمنية محدودة لقطع صلتهم بترامب والتخلي عنه باسم صيانة الحزب الجمهوري، والعمل على إعادة انتخاب معظم إن لم يكن جميع الأعضاء الجمهوريين في مجلسي الكونغرس. مؤيدو هذا التوجه يقولون إنهم بذلك سوف ينقذون صدقيتهم وسمعتهم كجمهوريين حقيقيين، وإن هذا هدف نبيل حتى ولو صاحبه ثمن كبير يتمثل بخسارة الرئاسة لخصمهم اللدود هيلاري كلينتون.