بغداد - (وكالات): اندلع عراك بالأيدي بين نواب في جلسة البرلمان العراقي أمس على خلفية استجواب وزير المالية هوشيار زيباري الذي صوت المجلس بعدم قناعته بأجوبته، بينما أثار قرار محكمة عراقية السجن سنة لصبي دين بتهمة سرقة علب مناديل ورقية سخطاً شعبياً دفع البعض إلى المقارنة بين هذا الحكم وتبرئة مسؤولين كبار من الفساد.واستجوب المجلس وزير المالية، وهو قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بازراني، إثر اتهامه بملفات فساد. وبحسب مصدر برلماني، فإن النائب هيثم الجبوري الذي استجوب الوزير قدم طلباً لإدراج موضوع قناعة المجلس بأجوبة الوزير من عدمها، والجبوري رئيس تجمع «الكفاءات والجماهير»، ضمن ائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وأثار الطلب غضب النواب الأكراد من الحزب الديمقراطي ما دعا رئيس كتلة الحزب خسرو كوران إلى اتهام النائب الجبوري بتحويل أموال إلى مصارف عربية. وإثر المشادة قرر رئيس البرلمان سليم الجبوري رفع الجلسة مدة نصف ساعة. وبعد استئنافها، عاد النقاش حول زيباري فاندلعت على إثرها مشادة أخرى بين النائب عواطف نعمة عن ائتلاف «دولة القانون» والنائب أشواق الجاف عن كتلة برزاني، تحول إلى عراك بالأيدي. وبعد فض المشاجرة، صوت البرلمان بعدم قناعته بأجوبة زيباري، ما يعني أن الجلسة المقبلة ستتضمن تصويتاً على سحب الثقة من الوزير بحسب مصدر برلماني. وأبرز الملفات التي استجوب حولها زيباري هي صرف نحو ملياري دينار «مليون و800 دولار»، بطاقات سفر لعناصر حمايته الذين يسكنون في أربيل. وصرف نحو 900 مليون دينار «800 ألف دولار»، لترميم منزله في المنطقة الخضراء المحصنة، وصرف مبلغ ضخم لتأجير منزل لسكرتيرته الشخصية فضلاً عن قروض كبيرة خارج السياقات القانونية لعدد من التجار. وكان البرلمان قرر سحب الثقة من وزير الدفاع خالد العبيدي بعد جلسة استجواب مثيرة للجدل اتهم خلالها نواب ورئيس البرلمان بالوقوف وراء ملفات فساد. وفي شأن متصل، أثار قرار محكمة عراقية السجن سنة لطفل أدين بتهمة سرقة علب مناديل ورقية سخطاً شعبياً دفع البعض إلى المقارنة بين هذا الحكم وتبرئة مسؤولين كبار من الفساد. وقضت محكمة السماوة، كبرى مدن محافظة المثنى الجنوبية، قبل أيام بالسجن مدة عام للطفل البالغ من العمر 12 عاماً بتهمة سرقة عدة علب من المناديل الورقية. وأثارت القضية ردود فعل واسعة في شبكات التواصل الاجتماعي. كما انتقد الحكم ممثل المرجع الديني آية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء أمس الأول، ووصفه بـ «الظالم». وقال الكربلائي «إذا سرق الشريف سواء من الأموال العامة أو من الناس الضعفاء الذين قد يأكل أموالهم بالباطل مستغلاً موقعه، تركوه». وأضاف «أما إذا سرق الضعيف وربما يكون سرق ليأكل أو ليلبس أو يشتري دواءً أو ليعتاش، ونحن لا نبرر السرقة (...) فإن كل قوة القانون تطبق عليه بحذافرها». وتابع «هؤلاء الذين بيدهم تطبيق القانون أو يجلسون في مواقع القضاء، يراعون الشريف أو يخشون سطوته، أو يخشون حزبه أو جماعته المسلحة، لكنهم لا يراعون الضعيف ولا يخشونه لأن لا سطوة له، فيطبقون عليه القانون ويعاقبونه. هذا ضرب من الظلم». وكتب ناشطون على «فيسبوك»، «القضاء الذي يحكم على طفل سرق أربع علب مناديل ورقية من المحل، هو نفسه الذي برأ السياسيين الذين سرقوا المليارات وهربوا الأموال وتحايلوا على القانون». ووصفت الناشطة الحقوقية هناء ادور قرار القضاء بأنه «سخرية». وقالت إن «اللصوص الذين يجلسون على سدة الحكم هم من يفترض أن يحاكموا على الفقر والفساد في البلد، لا الطفل الذي لا يتجاوز عمره 12 عاماً». ودفع حكم القضاء بعض الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي إلى مقارنة الواقعة مع رواية «البؤساء» لفيكتور هوغو. بدوره، قال ياسر الصفار «طفل سرق علبة مناديل يسجن عاماً، ولصوص سرقوا نصف العراق خرجوا براءة». ويشير الصفار إلى سلسلة الاتهامات المتبادلة بين ساسة البلاد، وآخرها اتهام وزير الدفاع السابق خالد العبيدي رئيس البرلمان سليم الجبوري وأعضاء في مجلس النواب بالوقوف وراء صفقات فساد.وكتب ناشطون على «فيسبوك»، «القضاء الذي يحكم على طفل سرق 4 علب مناديل ورقية من المحل، هو نفسه الذي برأ السياسيين الذين سرقوا المليارات وهربوا الأموال وتحايلوا على القانون». ويربط الناشطون حادثة الطفل باستجواب العبيدي الذي سحب البرلمان الثقة منه الأسبوع الماضي. وكان العبيدي اتهم خلال جلسة استجواب أمام البرلمان الشهر الحالي الجبوري ونواباً آخرين بالابتزاز والفساد ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى مطالبة القضاء بفتح تحقيق. وطلب الجبوري في حينها رفع الحصانة عنه وهذا ما حدث، وتوجه مباشرة إلى القضاء الذي أصدر قراراً سريعاً جداً إثر تحقيق لم تتجاوز مدته 40 دقيقة، معلناً تبرئة الجبوري. وأبرز الاتهامات التي وجهها العبيدي هي محاولة الجبوري الحصول على عقد تجهيز طعام الجيش. وتصل قيمة العقد إلى تريليون و300 مليار دينار عراقي «أكثر من مليار دولار»، وفقاً لوزير الدفاع.