عواصم - (وكالات): بلغ التوتر الدبلوماسي بين باريس وموسكو بسبب الحرب في سوريا ذروته أمس مع إلغاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة مقررة منذ زمن للعاصمة الفرنسية، جراء الشروط التي تفرضها فرنسا، في حين تجددت الغارات الروسية على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في حلب بوتيرة هي الأعنف منذ نحو أسبوع، متسببة بمقتل عشرات المدنيين بينهم ضحايا تحت الأنقاض، في تصعيد يتزامن مع وصول الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار إلى طريق مسدود، فيما دعا وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون مناهضي الحروب إلى تنظيم احتجاج أمام السفارة الروسية في لندن، وذلك خلال نقاش في البرلمان حول قصف مدينة حلب السورية، مضيفاً أن «كل الأدلة المتاحة تشير إلى مسؤولية روسيا عن الهجوم على قافلة المساعدات في سوريا»، مؤكداً أن «روسيا تتحول إلى دولة مارقة».وأبلغت باريس موسكو أن هولاند جاهز لاستقبال نظيره الروسي من أجل «اجتماع عمل» حول سوريا وليس لمشاركته في تدشين كاتدرائية أرثوذكسية في باريس، في وقت تغير فيه الطائرات الروسية على حلب دعماً لهجوم الجيش السوري. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في موسكو «قرر فلاديمير بوتين إلغاء» زيارته المقررة أصلاً لتدشين كاتدرائية كبيرة أرثوذكسية، لكنه «لا يزال مستعداً لزيارة باريس عندما سيشعر هولاند بأنه جاهز» للقائه. وفي الوقت نفسه أعرب الرئيس الفرنسي «عن استعداده للقائه في أي وقت» للدفع باتجاه السلام. وأضاف هولاند أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أن «الحوار ضروري مع روسيا لكن يجب أن يكون حازماً وصريحاً» مشدداً على أن «هناك خلافاً أساسياً» بين باريس وموسكو حول سوريا. وتجسد الخلاف عندما استخدمت روسيا مساء السبت الماضي «الفيتو» في مجلس الأمن على مشروع قرار فرنسي يدعو إلى وقف عمليات القصف على حلب وقدمت مشروع قرار مختلفاً. وكان النص الفرنسي يدعو إلى وقف غارات النظام السوري وحليفته روسيا على ثاني مدن سوريا. في حين طالب الاقتراح الروسي المضاد بوقف المعارك لكن دون الإشارة إلى عمليات القصف التي أوقعت مئات القتلى منذ بدء الهجوم على حلب في 22 سبتمبر الماضي.وكان هولاند أعلن لشبكة تلفزيون فرنسية أنه «يتساءل» ما إذا كان عليه استقبال نظيره الروسي بسبب «جرائم الحرب» التي يرتكبها نظام بشار الأسد في حلب بدعم من الطيران الروسي. وتساءل هولاند في الحديث «هل سيكون الأمر مفيداً؟ هل هو ضروري؟». أما وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت فحذر من أن هولاند سيقول «حقائق» لنظيره الروسي إذا قرر استقباله في 19 الشهر الحالي.وكانت وكالة أنباء إيتار تاس نقلت عن المتحدث باسم الكرملين بيسكوف قوله إن التحضيرات لزيارة باريس لا تزال مستمرة. إلا أن الجانب الروسي اعتبر أن موقف الرئيس الفرنسي في غير محله، لأنه «عندما يكون هناك توتر دبلوماسي يجب التحاور، والوقت مناسب لذلك» كما أفاد مصدر دبلوماسي روسي. ولم يستبعد بوتين زيارة برلين للمشاركة في اجتماع مخصص لأزمة أوكرانيا كما نقلت إيتار تاس عن أحد معاونيه يوري أوشاكوف من إسطنبول على هامش زيارة دولة. والمستشارة الألمانية إنغيلا ميركل هي من اقترح اللقاء بين ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا كما ذكر مصدر دبلوماسي روسي. وفي هذه المرحلة من غير المؤكد أن يشارك فيه الرئيس الأوكراني بحسب المصدر نفسه. والتوتر الأخير بين باريس وموسكو قد يزيد الأمور تعقيداً.في سياق متصل، قال دبلوماسيون إن احتمالات أن يخفف الاتحاد الأوروبي عقوباته على روسيا بسبب أوكرانيا باتت أقل ترجيحاً الآن بعد الضربات الجوية الروسية المكثفة على مقاتلي المعارضة في سوريا بل إن بعض أعضاء الاتحاد يلوحون بمزيد من الخطوات العقابية ضد الكرملين. وفي سوريا، تجددت الغارات الروسية على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في حلب بوتيرة هي الأعنف منذ نحو أسبوع، متسببة بمقتل عشرات المدنيين بينهم ضحايا تحت الأنقاض، مستهدفة بشكل خاص أحياء القاطرجي والميسر وقاضي عسكري وبستان القصر.وفي حي بستان القصر، قالت مصادر إن الغارات أدت إلى تدمير مبنيين بالكامل إثر استهدافهما، وشوهدت الكثير من الأشلاء لضحايا مدنيين ممددين على الأرض لم يتمكن السكان من التعرف على هويات العديد منهم. وقالت المصادر إن متطوعين من الدفاع المدني كانوا يعملون بأيديهم على رفع الأنقاض بحثاً عن الضحايا، مشيرة إلى سحب جثتي طفلين. وأظهر شريط فيديو بثه مركز حلب الإعلامي المعارض من حي بستان القصر طفلة تبلغ أعواماً عدة ترتجف من الخوف وقد غطت الدماء الجانب الأيمن من وجهها وهي تحاول التحرك على حمالة داخل مستشفى. ويصرخ في الخلف أحد الجرحى من الألم. كما يظهر الفيديو رجلاً يدخل إلى المستشفى حاملاً في يديه طفلة أخرى أصغر سناً وقد غطى وجهها وثيابها الغبار جراء الضربة الجوية. وتنفذ قوات النظام السوري منذ 22 سبتمبر الماضي هجوماً على الأحياء الشرقية في حلب وتدور منذ ذلك الحين اشتباكات على محاور عدة، إلا أن الجيش السوري أعلن في 5 أكتوبر «تقليص» عدد الضربات الجوية والمدفعية على مواقع الفصائل.من ناحية أخرى، قتل 5 أطفال وأصيب عشرون معظمهم من الأطفال جراء قذيفة صاروخية استهدفت مدرسة ذات النطاقين للتعليم الأساسي في مدينة درعا، جنوب سوريا.وتسيطر الفصائل الإسلامية والمقاتلة على معظم محافظة درعا، فيما تسيطر قوات النظام على الجزء الأكبر من مدينة درعا، مركز المحافظة، وعلى بلدات عدة في الريف الشمالي الغربي.من جهة أخرى، تدور اشتباكات بين جماعة «جند الأقصى» المتشددة من جهة و«حركة أحرار الشام» الإسلامية وفصائل متحالفة معها من جهة ثانية في ريف إدلب الجنوبي على خلفية اعتقالات متبادلة، علماً بأن المجموعتين كانتا متحالفتين سابقاً وشاركتا في معارك واحدة ضد قوات النظام.