انتخب البرلمان اللبناني اليوم الاثنين الزعيم المسيحي الموالي لحزب الله ميشال عون رئيسا للجمهورية بعد عامين ونصف عام من شغور المنصب جراء انقسامات سياسية حادة، وبعد تسوية سياسية وافق عليها معظم الاطراف السياسيين في البلاد.و أظهر بث على الهواء مباشرة من البرلمان اللبناني اجتماع البرلمان اليوم الاثنين لانتخاب قائد الجيش السابق العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية منهيا 29 شهرا من الفراغ السياسي، ليكون عون الرئيس الثالث عشر للبنان، وسيتم انتخابه لولاية من ست سنوات غير قابلة للتجديد. وحصل ميشيل عون على 84 صوت من أصل 127 نائب مقترع في الجولة الأولى، الأمر الذي أستدعى إقامة جولة تصويت ثانية بعد أن فشل عون في تحقيق الأصوات للازمة ليصبح رئيساً، وخاض النواب أيضاً جولة ثانية وثالثة من التصويت بسبب وجود ورقة إضافية، الأمر الذي أستدعى لإقامة جولة تصويت رابعة فاز بها عون.صفقة سياسيةويأتي الانتخاب كجزء من صفقة سياسية من المتوقع أن يصبح بموجبها الزعيم السني سعد الحريري رئيسا للوزراء.ويرأس عون منذ العام 2009 كتلة من 20 نائبا، هي اكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني. وهو كان يحظى منذ بداية السباق بدعم حليفه حزب الله، لكنه لم يتمكن من ضمان الاكثرية المطلوبة لانتخابه الا بعد اعلان خصمين اساسيين تأييده، وهما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يتقاسم معه الشارع المسيحي، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري. كما انضم الى المؤيدين اخيرا الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.ويعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو جزء من التحالف الذي يضم عون وحزب الله، أبرز المعارضين لانتخاب عون.وانتشرت في مناطق عديدة من بيروت وخارجها الاعلام البرتقالية الخاصة بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون وبصور الرئيس العتيد. وأعد التيار لاحتفالات ومنها تجمع ضخم في ساحة الشهداء في وسط العاصمة مساء الاثنين.وتجمع العشرات من مؤيدي عون في الجديدة، ضاحية بيروت الشمالية، وحملوا أعلام التيار الوطني الحر وشعارات "عماد الجمهورية" و"أكيد انت الجنرال" و"أنت أو لا احد"، وصدحت اغاني وأناشيد وطنية وخاصة بالتيار عبر مكبرات الصوت. الاثنين الأسودفي المقابل، وعلى الرغم من التوافق السياسي، يعبر العديد من اللبنانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن خيبة املهم من انتخاب عون، معتبرين ان حزب الله فرض إرادته على لبنان. وانتشرت تعليقات على موقع "تويتر" مع هاشتاغ "الاثنين الاسود".وانعكس الشغور في منصب الرئاسة شللا في المؤسسات الرسمية وتصعيدا في الخطاب السياسي والطائفي، وتراجعا في النمو الاقتصادي في بلد صغير ذي امكانات هشة ويرزح تحت وطأة وجود اكثر من مليون لاجئ سوري.ويقدم عون نفسه منذ العام 1988 على انه "الرئيس الاقوى"، مستندا بذلك الى قاعدته الشعبية المسيحية العريضة.لكن خصومه يرون فيه رجلا انفعاليا ويتهمونه بالتقلب في مواقفه من العداء للنظام السوري مثلا في 1989 عندما كان قائدا للجيش ورئيس حكومة الى حد شن حرب ضد الجيش السوري الذي كان منتشرا آنذاك في لبنان، الى حليف للنظام بعد تحالفه مع حزب الله اعتبارا من 2006.وبات واضحا ان التسوية السياسية التي ستوصل عون الى الرئاسة تشمل تكليف الحريري بعد الانتخاب بتشكيل حكومة جديدة. ويجمع محللون على ان تشكيل الحكومة سيواجه عقبات كثيرة خاصة بسبب عدم تجانس المكونات ذات المصالح المتضاربة في السلطة في المرحلة المقبلة.