كتبت ـ مروة العسيري: أكد الأستاذ المشارك بكلية الاقتصاد بجامعة دلمون د.عمر شبيب عمارين، أن ما يسمى «الربيع العربي» حل سياسي لمعالجة الأزمة الاقتصادية العالمية، على غرار الحرب العالمية الثانية التي أعقبت الكساد الاقتصادي عام 1929، لافتاً إلى أن دول الخليج العربي تواجه تحديات مختلفة، وأن الاتحاد الكونفدرالي يحفظ أمنها ويصون حدودها ويؤمن استقرارها وسيادتها على أرضها. وقال لدى مشاركته في ندوة نظمها تجمع الوحدة الوطنية أول أمس، إن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية في حال الانتقال إلى اتحاد فيدرالي خليجي هي الوصول إلى دولة كبرى قد تنتقل إلى عظمى، والقدرة على إدارة عناصر الإنتاج الأساسية وهي «العمل، الأرض، رأس المال»، وتحقيق مكاسب على صعيد الأنظمة والتشريعات على غرار ما هو جارٍ في الدول الأوروبية والولايات المتحدة ولكن ضمن بيئة مجتمعاتنا الشرقية. وأضاف أن الاتحاد يحفظ كيان الدول ويحميها من أية مؤثرات خارجية، مشيراً إلى أن قوى الإنتاج في الألفية الثالثة وهي النانو تكنولوجي والكوانتم تكنولوجي تكون من منال هذا الاتحاد، وظهور الاتحاد الفدرالي الخليجي في عصر «الزمكان» حيث أنه مع تطور وسائل الاتصال والتواصل والانتقال يمكن تبادل المعلومات والإنتاج في سويعات معدودة وبطريقة سهلة. ولفت عمارين إلى أن جميع الظروف التي شهدتها الدول العربية كانت مهيئة للدخول في اتحاد فيدرالي، ولكن كان هناك تباطؤ شديد في اتخاذ القرار، موضحاً أن تخلص العرب من قانون العبودية منذ دخول الإسلام في القرن السابع ميلادي، ولكن أوروبا تخلصت منه متأخرة جداً عن الدول المسلمة، وكانت هناك ثورات صناعية وأزمات اقتصادية عجلت بالحلول السياسية هناك، متمثلة بالحروب لحل هذه الأزمات. وأعتقد أن ما يسمى «الربيع العربي» هو أحد الحلول السياسية التي خلقتها الدول المنهارة اقتصادياً وتعاني من أزمة لتنهض باقتصادها وتعيد ازدهاره، وهذا ما يسمى «التشكيل الاقتصادي ـ الاجتماعي» في الدول الصناعية، وهو اجتماعي لأن علاقات العمل يجب أن تنعكس على طبيعة العلاقات الاجتماعية أيضاً، فنتيجة لعلاقات الإنتاج تكونت علاقات اجتماعية وتحالفات اجتماعية يكون هدفها استمرارية الحياة الاقتصادية، وهنا ظهرت الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج والطبقة المحتاجة إلى العمل «طبقة العمال». وأوضح عمارين أن المقصود بعدالة توزيع الدخل هي مجموعة القوانين والتشريعات التي تسود وتحكم وتضمن للمواطن حق العيش الكريم في المستويات التي يحددها المجتمع من الدخل، مضيفاً حيث إن نوعية في تطوير وسائل الاتصال يتبعها تطور في علاقات الإنتاج، ومن ثم تعزز الثانية الأولى، وفي حال حدوث تطور في علاقات الإنتاج يتبعه تغير في طبيعة العلاقات الاقتصادية ـ الاجتماعية، ويتبعه بصورة مباشرة تغير في القيم السائدة في المجتمعات البشرية وفي الأنظمة والقوانين والتشريعات. وكشف أن النتيجة السلبية الكبرى للثورة الصناعية هي الأزمة الاقتصادية، وأصبح المنتجون يتنافسون بين بعضهم البعض لكسب أكبر قدر ممكن من الأرباح، وتسارعت المصانع لإنتاج أكبر كمية من السلع لبيعها في السوق، عندها بدأ بعض أصحاب المصانع بتخفيض أسعار سلعهم لجذب المستهلكين لها. وأشار إلى أن هذا الإجراء جر المجتمع الرأسمالي إلى الهاوية، حيث استمر المنتجون في خفض أسعارهم حتى وصلت إلى ما دون مستوى التكاليف، وهذا بدوره خلق الأزمة الاقتصادية الكبرى، أو كما تسمى أيضاً الكساد العظيم عام 1929، مضيفاً «وبناء على الإجراء السابق سرّح أصحاب العمل العمال وانتشرت البطالة وساءت حالة المجتمعات البشرية في الدول الصناعية وقلت القدرة الاستهلاكية لدى المجتمع». وأكد عمارين أن الحل كان سياسياً وهو كامن في الحرب العالمية الثانية، التي بدورها التهمت كل ما تم إنتاجه وتكدس، وخلال الحرب توقفت أوروبا كلها عن الإنتاج، وأعدمت كل بنيتها التحتية ومصانعها سويت بالأرض، عندها تم الاعتماد بالكامل على المصانع الأمريكية في تأمين المجتمعات الأوروبية بالسلع اللازمة لتواصل حربها مع ألمانيا النازية. وأضاف «في تلك الفترة لو نظرت إلى الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية، تجده في تصاعد مستمر طيلة سنوات الحرب»، شارحاً «بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت الدول الأوروبية في إعادة إعمار الاقتصاد الأوروبي، وإعادة إنعاشه بسرعة هائلة، والسبب الرئيس يعود إلى تكاتف الجهود وتكوين اتحادات أوروبية». وواصل شرحه «في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقعت دول أوروبا بين بعضها البعض اتفاقيات جعلتها في نظام كونفدرالي يحقق لها مكاسب مادية ومعنوية، في تلك الحقبة من التطور الاقتصادي تم إنشاء البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي، وهنا يأتي دور الاتحادات الكونفدرالية والفدرالية وهذا ما ينطبق على الربيع العربي، حيث سعت بعض الدول في مرحلة ما بعده تتكلم عن الاتحاد وتسعى إليه». وفي مداخلته عند فتح باب النقاش، توقع عضو جمعية تجمع الوحدة الوطنية المحامي عبدالله هاشم «أن التحركات الخليجية أو العربية التي تسعى لاتحاد قد تكون وليدة اللحظة، وعند استعراض جزء من المادية التاريخية والتخلص من العبودية وهو إغراق في النظرية، والنظرية من الوجهة التاريخية وليست الوجهة القائمة، وما يحصل اليوم يختلف جوهرياً عما حدث في تلك الحقبة الزمنية»، مبيناً «وصلنا في الخليج إلى وحدة فرضت نفسها بعد أن أحسسنا بحاجتنا إليها وفقاً للاستراتيجية الأمريكية التي تدور حول 3 أهداف، سواء إن كانت الإدارة جمهورية أو ديمقراطية، أولهما أمن النفط وثانياً أمن إسرائيل والثالثة هي موجودة في عمق التوجهات وهي الحفاظ على وضع لا تكون فيه قوى إقليمية تستقطب ما حولها، لذلك نحن اليوم نرى توجهات هذه الاستراتيجية متعلقة حول إيران أو تركيا، وهناك طموحات بأن تكون دولة إقليمية لتصبح محوراً تلجأ إليه أمريكا في حال احتاجت حليفاً قوياً». ولفت إلى أن «في النهاية وبشكل ملخص إعادة لتوزيع الحصص واقتسام السلطة والنفوذ في المنطقة»، معتقداً أن ما طرح من فكرة اتحاد وكونفدرالية هو تجليات أزمة متى ما انفرجت انفضت السيرة، وكل التكوينات التي حدثت وسمعنا عنها هي تكوينات مثقفين، والبعد السياسي في الوحدة هو الجانب الرسمي يدعمه الجانب الشعبي»، وقال «ما أضعف القوى الشعبية هي طبائع الاستبداد في المنطقة، وعندما يقال هناك اتحاد ولا يوجد قوى شعبية ضاغطة فلا أعتقد أن يتحقق هذا الاتحاد». من جانبه، أكد النائب عادل المعاودة «قضيتنا في الخليج مع الاتحاد غير متعلقة بالاقتصاد، وإنما أساس فكرة الاتحاد هي قضية الأمن»، مضيفاً «نحن شعب يتسع صدره لاختلاف الآراء». وأعتقد أن «نحن كعرب عندما تركنا البداوة والخيمة ضعنا»، «حيث إن الكم الهائل من التطور الذي وصلت إليه الدول المتقدمة أو حتى النامية المتطورة كثيراً، لديها قوة هائلة اقتصادية وتطور رهيب، والسبب الرئيس هو أن دراسة هذه الدول تكون بلغتهم»، مبيناً «عندما يدرس الإنسان بلغة غير لغته يتعامل معها عبر وسيط وهو القاموس». وأضاف «يوم كان العرب على بداوتهم هم من صنعوا التاريخ، وليست مشكلتنا هي البداوة». وأعتقد المعاودة «يجب على الجميع التفاؤل ولو أن الوقت لا يدعو لكثير منه، ولكن ديننا يحثنا على التفاؤل»، لافتاً إلى أنه لم يبقَ لأمريكا إلا سمعتها وإلا الحقيقة أن اقتصادها مضروب بالكبد، ونرى بأم أعيننا دولاً تسقط وتنهار»، داعياً إلى وحدة حقيقية بين دول الخليج وتليها وحدة حقيقية بين الدول العربية، تكون مبنية على أسس صحيحة يمكن من خلالها تحقيق كل المميزات التي نحتاجها.
Bahrain
عمارين: هدف «الربيع العربي» تغطية الأزمة الاقتصادية العالمية
27 مايو 2012