احتدمت الاشتباكات بين فصائل مسلحة متنافسة طوال ليل الخميس والجمعة، وتعتبر الأعنف بالعاصمة الليبية طرابلس منذ أكثر من عام.وتصاعدت أعمدة الدخان الأسود في السماء وتردد دوي الانفجارات في منطقتي أبو سليم والهضبة، ونقلت "رويترز" عن شاهد عيان قوله: إن "طريقاً رئيسياً قريباً أُغلق بحاويات شحن. كما سُمع دوي إطلاق النار في عدة أحياء أخرى".وتسيطر جماعات مسلحة مختلفة على طرابلس وتقع بينها اشتباكات متكررة للسيطرة على الأرض أو لتحقيق مصالح اقتصادية. وبعض الجماعات لها وضع شبه رسمي، لكن لم تنجح أي حكومة في ترويض قوتها منذ الانتفاضة التي أطاحت بنظام المخلوع معمر القذافي قبل خمسة أعوام.وتُعد الاشتباكات هي أحدث انتكاسة لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة والتي وصلت إلى العاصمة في مارس/ آذار الماضي بموافقة بعض أقوى الفصائل المسلحة، لكنها تكافح لبسط سيطرتها.وتشكلت حكومة الوفاق كجزء من جهود غربية لإنهاء الفوضى في ليبيا وتوحيد الفصائل التي تحالفت مع حكومتين متنافستين؛ إحداهما في طرابلس، والأخرى في شرقي ليبيا. لكن الحكومة تواجه مقاومة من شخصيات ذات نفوذ في شرقي ليبيا كما تواجه مؤخراً مقاومة من شخصيات لها علاقة بحكومة سابقة في طرابلس حاولت الإطاحة بها.وتتزايد انتقادات سكان طرابلس لحكومة الوفاق الوطني بأن زعماءها فشلوا في حل المشاكل الاقتصادية المعقّدة وإعادة الخدمات العامة وتحسين الأمن. وانتشرت شائعات عن أعمال عنف جديدة بطرابلس في الأسابيع القليلة الماضية، فيما اعتبر موقف حكومة الوفاق الوطني أضعف.وقال محمد سالم، وهو أحد السكان، لـ"رويترز"، الجمعة: "لم تتوقف الاشتباكات بين الفصائل في طرابلس ولا أثر لحكومة الوفاق الوطني". وأضاف أن "سكان طرابلس لا يعلمون أي شيء عن أهداف سياسية وراء الاشتباكات".واعتبر سالم أن "ما يحدث في طرابلس صراع على السلطة. تريد كل مليشيا، بشدةٍ، انتزاع السلطة لأنها تعلم أنها إذا سيطرت على العاصمة فإنها ستحكم".وبدأ إطلاق النار الخميس، في حين حركت الفصائل المسلحة مركبات عسكرية، بينها دبابات وشاحنات صغيرة عليها أسلحة ثقيلة. وأظهرت لقطات فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن فصيلاً دمر معسكراً لآخر منافس له بالجرافات.وأشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن سبعة أشخاص على الأقل قُتلوا. وأُغلقت متاجر وهُرع السكان المذعورون إلى تخزين المؤن.وأكدت كتيبة ثوار طرابلس، أحد الفصائل المسلحة في العاصمة، أنها سيطرت على منطقة غابة النصر حول فندق ريكسوس. وطردت هيئة تشريعية على صلة بحكومة الوفاق الوطني من الفندق في أكتوبر/ تشرين الأول.ودمر الاقتتال بين الفصائل مطار طرابلس الدولي عام 2014. وساد الهدوء المنطقة المحيطة بمعيتيقة، آخر مطار لا يزال يعمل بالمدينة اليوم (الجمعة) ولم تتوقف الرحلات الجوية بالمطار.ومنذ مايو/ أيار 2016، أطلقت حكومة التوافق الليبية عملية عسكرية سمتها "البنيان المرصوص" لاستعادة سرت التي يتمركز فيها مسلحو تنظيم "الدولة" منذ عام 2015، مستغلين حالة الفوضى الأمنية والسياسية التي تعانيها البلاد منذ سنوات.ومع حلول سبتمبر/ أيلول الماضي، تمكنت القوات الليبية من استعادة معظم مناطق وأحياء سرت، في حين انسحب مسلحو التنظيم إلى مساحة محدودة للغاية، في منطقة الجيزة البحرية.