^  بعد الإفراج عن بعض أولئك الذين يتم حجزهم لأسباب تتعلق بنشاطهم ذي العلاقة بتعطيل حياة الناس والمخالف للقانون وللأعراف، يسارع أولئك الجالسون في الظل إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الأخبار عنهم، تتصدرها عادة عناوين مثيرة مثل “الإفراج عن البطل فلان” و«زفة البطل فلان» و«استقبال يليق بالأبطال». وعندما يقوم بعض هذا الشباب -المغرر به والواضح أنه لا يدرك أنه مجرد أداة في أيادٍ خفية لن تتوانى عن خنقه لو نجا- بإشعال الإطارات في الشوارع وتعريض حياة الناس للخطر يتم تصويرهم ونشر صورهم وهم ملثمون يرفعون بأصابعهم شعار النصر مصحوباً بتعليق مثير: “الأبطال يشعلون النار في الإطارات” أو “الأبطال يقطعون الشارع الفلاني”، وما إلى ذلك من تعليقات تعبر عن ضحالة فكر وقدرة من يحركهم، حيث للأسف إن هؤلاء يعتبرون هذه الأفعال التي لا تتسبب في تعطيل حياة الناس فقط وإنما قد تفقدهم حياتهم أيضاً أعمالاً بطولية يستحق مرتكبها لقب “بطل”! إنها بطولة رخيصة، مثلها مثل التلويح بما يعرف بعلامة النصر، التي تمثل الحرف الأول لكلمة بالانكليزية تعني النصر، أي أنها ليست من ثقافة الملوحين بها ولا علاقة لهم بها. إنها بطولة زائفة، فالبطولة لا تكون بتخريب البلد والتسبب في إرباك حياة الناس، والبطولة لا تكون بتعريض حياة الناس للخطر وإرهابهم. هذا بطل لأنه أشعل النار في إطار سيارة، وذاك بطل لأنه قطع الشارع وتسبب في إحداث فوضى، والثالث بطل لأنه تمكن من تخريب كاميرا تم نصبها في أعلى عمود النور في بعض الشوارع لعلها تساعد على التقليل من الأعمال غير المسؤولة، ورابع “بطل” لأنه شارك في مسيرة وتعثر وسقط على الأرض فجرحت رجله، وخامس “بطل” لأنه ارتدى علم البحرين وتوجه إلى حيث كان الدوار بعدما ودع أهله وطلب إبراء ذمته، وهكذا يتم توزيع “أنواط البطولة” على كل من يسعى إلى إحداث الفوضى وإرباك حياة الناس وجعلهم يكرهون يومهم ولحظة تواجدهم في مكان ما. قبل أيام تم تداول جزء من تصريح لمجلس التنمية الاقتصادية مفاده أن الأحداث التي مرت بالبحرين أثرت على الاقتصاد الوطني وساهمت في خفض نسبة النمو الحقيقية للاقتصاد في العام الماضي، طريقة تداول الخبر عبر المواقع الإلكترونية تجعل المتلقي يتصور أن كاتبه يقدمه وهو رافع إصبعيه بعلامة النصر ويكاد يموت فرحاً! فتخريب اقتصاد البلاد والتسبب في التضييق على أرزاق المواطنين والمقيمين انتصار يستحق الإعلان عنه ورفع رايات الفرح.. وبالتأكيد وصف كل من تسبب في ذلك بالبطل، حيث البطل في عرف هؤلاء هو كل من يتسبب في هروب رؤوس الأموال والمستثمرين وكل من يسهم ولو بحرق إطار سيارة حتى إن كانت صلاحيته منتهية! ترى هل يمكن لمثل هؤلاء أن يكونوا ذات يوم سبباً في نماء أو تطور؟ هل يمكن لمن كان معول هدم أن يصبح “معول بناء”؟ هل يمكن لمن قبل على نفسه أن يؤذي الناس ويقلق راحتهم ويتسبب في خنق حياتهم وبث الرعب في نفوسهم عبر ممارساته غير المسؤولة تلك أن يتحول ذات يوم إلى عنصر إيجابي في المجتمع ويسهم في بناء وطن؟ الجواب الأكيد هو لا، لكن للأسف، بل للأسف الشديد أنه يتوفر مقابل هؤلاء الأبطال “أبطال” آخرون حصلوا على هذا اللقب لا لمشاركتهم في مثل تلك الأنشطة ولكن بسبب سلبيتهم ووقوفهم موقف المتفرج وكأن ما يجري لا يعنيهم ، أليس هؤلاء أبطال أيضاً؟! الرسالة موجهة إلى من لاتزال في رأسه ذرة عقل من أهل القرى.