تتهيأ قوات البيشمركة الكردية لمرحلة ما بعد تنظيم "الدولة"، بحفر الخنادق في المناطق المتنازع عليها والتي استعادتها من التنظيم، وترسم حدود الإقليم، فيما تذكّر بغداد حكومة الإقليم بالتزاماتها، بموجب اتفاق أبرمه الجانبان تمهيداً لانطلاق عملية استعادة الموصل في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.ويقود العقيد نبي أحمد محمد قوة قوامها 300 عنصر من البيشمركة كُلفت تأمين بلدة بعشيقة في إطار الهجوم العسكري على الموصل، في حين تتهيأ قواته حالياً للتخندق والوجود الدائم في البلدة التي تقطنها أغلبية إيزيدية وتعتبر من المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد.ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" الثلاثاء، عن العقيد قوله: "سنقاتل دفاعاً عن هذه البلدة ضد أي عدو سواء كان (داعش) أو غيره"، مضيفاً: "بعشيقة درس جيد لكل من يفكر في احتلال مدينة كردية، فلن يعيش أي منهم".وتابع أن "أهل المدينة شاهدوا ما حل بالموصل بعدما سلمتها القوات العراقية لـ(داعش)، فمن دون وجود البيشمركة بالمدينة، لن يشعر الأكراد الإيزيديون بالأمان مجدداً، وإذا بقيت القوات الكردية في بعشيقة، فمن المرجح أن تستمر تحت السيطرة المشتركة في ظل توفير القوات الكردية الأمان، في حين ستقدم قوات بغداد الخدمات الأخرى".ولمدينة بعشيقة أهمية تفوق موقعها الجغرافي، فالبلدة تقع على مقربة من حقل نفطي ورد في اتفاق أبرمته السلطات الكردية مع شركة إكسون - موبيل عام 2011 نكاية ببغداد، ومنذ عام 2015 تمركزت القوات الكردية في القاعدة العسكرية القريبة لتدريب المقاتلين المحليين لمواجهة تنظيم الدولة.وتشير بعض التقارير الصحفية إلى نية القوات الكردية البقاء في المناطق المتنازع عليها التي استعادوها من "الدولة" بإشعال مواجهات إثنية جديدة بعد زوال التنظيم.ويقول رئيس ديوان رئاسة كردستان فؤاد حسين: إن "القوات الكردية تتعاون مع القوات العراقية في معركة استعادة الموصل".ويلفت حسين إلى تعزيز العلاقات بين القادة الأكراد وبغداد بعد عام 2014 عندما قدمت قوات البيشمركة تعزيزات دفاعية في مواجهة تنظيم الدولة، واليوم فإن مقاتلي البيشمركة يدعمون القوات العربية في الجيش العراقي حول الموصل، وأحياناً يعملون على مرأى من القوات التي كثيراً ما اشتبكوا معها في السابق، لكن القادة الأكراد لا يزالون قلقين، مستدركاً: "السؤال الآن هو: كيف سنتعامل بعضنا مع بعض بعد ذلك؟".وتمثل نية الأكراد البقاء في المناطق المتنازع عليها بشمالي العراق، على الرغم من التحذيرات الصادرة من بغداد، تهديداً بإثارة صراع عرقي بمجرد هزيمة تنظيم الدولة عن طريق إحياء نعرات قديمة وصراعات على النفط والأرض والنفوذ السياسي مجدداً.بدوره، أكد اللواء يحيى رسول، المتحدث باسم الجيش العراقي، أن "الخطط التي تم الاتفاق عليها قبل انطلاق معركة الموصل، في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تنص على أن البيشمركة ستنسحب إلى المناطق التي كانت تنتشر فيها قبل العملية، أي إنها يجب ألا تبقى في بعشيقة، ونعتقد أن قوات البيشمركة وحكومة الإقليم ملتزمة بتنفيذ الاتفاق الموقع".ولا يزال القادة الأكراد والعراقيون مختلفين حول بعض القضايا؛ مثل جهود كردستان لتثبيت وضعها كلاعب نفط أساسي ولتخصيص حصة لها من ميزانية الدولة العراقية. ويقول القادة الأكراد إن فقدان حصة الميزانية الواردة من حكومة بغداد قد أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المتردي بالفعل وخفض رواتب موظفي الحكومة.ومع استمرار المعركة بالقرب من الموصل، يصر القادة الأكراد العراقيون على حقهم في حماية مناطق الأقلية الكردية الواقعة خارج الحدود الرسمية لمنطقتهم.وقال مسرور بارزاني، رئيس مجلس أمن كردستان، في وقت سابق، إن الأكراد والإيزيديين والمسيحيين في المناطق التي تتمركز فيها البيشمركة حالياً تدين بالولاء لكردستان. ورغم أن أغلب الناس في كردستان العراق يعتبرون الإيزيديين أكراداً، فإن الإيزيديين أنفسهم منقسمون حول هذا الزعم.وأكد بارزاني أن "المناطق التي استردتها قوات البيشمركة قبل بداية عمليات الموصل سوف تستمر تحت السيطرة الكردية، وأن هذا أمر غير قابل للتفاوض".وأشار المتحدث باسم وزارة البيشمركة، العقيد هلغورد حكمت، إلى عدم وجود خطة محددة لانسحاب القوات الكردية حتى الآن. فبعد استعادة الموصل، سيعقد المسؤولون الأكراد والعراقيون مباحثات عن مناطق تمركز البيشمركة وعن إدارة منطقة نينوى.
International
البيشمركة تتخندق لما بعد داعش.. وبغداد تذكر أربيل بالتزاماتها
13 ديسمبر 2016