^ ليست هنالك دولة ظُلمت عبر التاريخ الحديث، أكثر من فلسطين. مرّت أعوام وأعوام تغيَّر من خلالها العالم، حتى سقطت أنظمة وتغيرت الخريطة السياسية في العالم والوطن العربي بأسره، وما زالت فلسطين تمكث مع جراحاتها، تحاول أن تعالج نفسها، وتحنو على عيالها في غزة وفي كل شبر من المقدس العربي. ليس هذا فحسب، بل ما زالت فلسطين خائرة القوى بفعل المؤامرات التي لم تتوقف ضدها أبداً منذ وعد بلفور المشؤوم، ومروراً بالمجازر الوحشية والتهجير القسري لملايين الفلسطينيين نحو الشتات، وانتهاءً بمعاهدات السلام التي تثمر كل يوم عن سقط عشرات الضحايا في كل الأراضي الفلسطينية. ليس آخرها بالطبع تلك المجزرة الوحشية التي حدثت قبل الأيام ضد أبناء غزة الشامخة، فهناك سلسلة ممتدة من المجازر الأخرى حدثت في تاريخ هذا الوطن المستباح، ومازالت فلسطين هي فلسطين، وما زال العرب هم أنفسهم لم يتغيروا. قبل الربيع العربي، لم تكن فلسطين تمثل على أرض الواقع رقماً صعباً في تاريخ الأنظمة العربية، بل كانت تمثل حالة من تقصي آخر الأخبار السياسية المملة، تماماً كما نتابع في غرف نومنا حالة الطقس اليومية!. اليوم وبعد أن ترنح الوطن العربي تحت ضربات الربيع العربي، وانشغلت الأنظمة العربية بتثبيت نفسها في محاولة لتجنب تلك الضربات الشعبية والكدمات الجماهيرية، هل يمكن بعد كل هذا أن ينشغل المشغول؟! الأنظمة العربية اليوم مشغولة بنفسها، تحاول معالجة أوضاعها، لأنها وفي ظل الربيع العربي والإرادة الأمريكية والغربية المشتركة في رسم مستقبل هذه المنطقة الغنية بالنفط والجهل، أصبحت عرضة للتغيير الكامل، وبهذا فهي مشغولة، وقيل قديما بأن المشغول لا يُشْغَل. فلسطين التي لم تكن محل أولويات الأنظمة العربية وهي في قمة نشوتها حيث وهْم البقاء والقوة، فهل ستكون محل أنظار عنايتها وهي مشغولة بنفسها؟.. فلسطين التي لا تعرف الشعوب العربية عنها سوى صور الدم والأشلاء عبر شاشات القنوات العربية ومن خلال الصور التي تتصدر الصحف بعد كل مجزرة يرتكبها الصهاينة، هل بإمكان الشعوب المشغولة بأوطانها أن تتابع ما يجري في غزة وباقي المناطق الفلسطينية الأخرى؟ وهل لديها الوقت الكافي لكي تقرأ هذه الأسطر التي تعني بالشأن الفلسطيني؟. ليست هنالك أفضل عند الصهاينة الغزاة من هذه الأيام المُلْهَاة، من أجل إكمال مشروعهم العالمي بتهويد القدس، وبنشر خرافة هيكل سليمان، والقضاء على كل نقاط المقاومة وعلى رأسهم (حماس) في الداخل الفلسطيني، فالعرب منشغلون ببلدانهم، ولا يملكون الوقت الكافي للوقوف مع فلسطين وكل متعلقاتها. إن استشهاد العشرات في غزة الأبية، وفي هذا الوقت تحديداً، ومرور المجزرة مرور الكرام على أبناء العرب الكرام، يعني أن هنالك حلقة مفقودة تضاف لسلسة الحلقات الضائعة في القضية الفلسطينية منذ العام 1917... أم أنكم نسيتم هذا التاريخ، كما نسيتم كل تاريخ الوطن الذي عظَّمه القرآن ودخلها غالبية الأنبياء وكان مهبط الرسالات؟. فلسطين.. لك الله...
مَن منكم سيقرأ هذا المقال؟
15 أبريل 2012