انتقل الصراع بين الزعيم الديني مقتدى الصدر ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي على النفوذ في المحافظات الجنوبية إلى بغداد، فيما يوصف بـ"صولة فرسان" جديدة يقودها رئيس الوزراء السابق ضد عدوه اللدود.وتجلى هذا الصراع في سعي "ائتلاف دولة القانون" (بزعامة المالكي) إلى استجواب محافظ بغداد علي التميمي، ومحافظ ميسان علي داوي، حيث قال الصدر في بيان: إن "أخباراً مؤكدة تصلنا عن تدخل في عمل بعض من ينتمي إلى تيارنا في العمل (الإداري)، وأن هذا التدخل قد يصل إلى عرقلة الأمور العامة ومصالح الناس الخدمية وغيرها".وأضاف أن "هذا الأمر يعتبر فساداً واضحاً"، مشدداً على أنه "يُمنع ويحرّم أي تدخل في عمل المحافظات والمحافظين، سواء كان ذلك من كتلة الأحرار أو غيرها، إلا ما كان وفق السياقات القانونية".وأوضح البيان أن "التحريم والمنع يشملان كل مفاصل التيار المدني والعسكري مطلقاً ومن دون استثناء"، داعياً لجنة مكافحة الفساد إلى "العمل، بحزمٍ وجديةٍ، لمعاقبة من يتسبب في تكرار تلك الأفعال ليرتدع".وزاد بيان الصدر مهدداً: "في حال عدم تعاونهم (الساعون إلى استجواب المحافظين) مع اللجنة، يقتضي بالتالي طردهم والتبرؤ منهم فوراً، وهذا يشمل كل المحافظات".وتضمّن البيان قائمة بأسماء 17 شخصاً، بعضهم يشغل وظائف رسمية في محافظة ميسان، وآخرون في بغداد ومحافظات أخرى.إلى ذلك، قال عضو لجنة الخدمات النيابية عن كتلة "الأحرار" رسول الطائي لصحيفة "الحياة": إن "التيار يدعم الكفاءات التي تخدم العراق من دون محاباة أو محسوبية، كما أن ضوابطه تمنع أي تدخل في عمل المحافظ، سواء من أتباعه أو من آخرين، وتلك الضوابط تلزم الجميع في ميسان وغيرها"، لافتاً إلى أن "داوي يشهد له الجميع بوطنيته وحرصه على الارتقاء بواقع المحافظة من خلال تنفيذ مشاريع تنموية وأخرى خدمية".وعن سعي "دولة القانون" إلى استجواب محافظ بغداد، قال الطائي: "سيحضر الاستجواب ويقدم أدلته التي تفند كل الافتراءات ضده، علماً أنه يدير المحافظة من دون مخصصات مالية، وكان من الأجدر بـ(دولة القانون) استجواب من تسبب في هدر موازنات عام 2014 أيام الحكومة السابقة، من دون رقابة أو محاسبة، وهذا يدل على أن الاستجواب سياسي لا مهني".ونقلت الصحيفة نفسها عن مصادر مطلعة قولها: إن كتلة المالكي "تقود حملة لإطاحة الإدارات المحلية في بعض المحافظات، من خلال استجواب المحافظين ورؤساء المجالس لتنصيب آخرين تابعين للكتلة". وأضافت أنه "بعد استكمال استجواب محافظ بغداد سيصار إلى استجواب محافظ ميسان ومحافظ واسط ومن ثم النجف والديوانية".وفي غضون ذلك، أكد عضو مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي الذي يقود عملية استجواب التميمي، إصرار كتلته على استكمال إجراءات الاستجواب، وقال: "أعضاء ائتلاف دولة القانون تقدموا بطلب الاستجواب بشبهة فسادٍ مالي وإداري رُصدت خلال فترة توليه المنصب".وتابع أن "التميمي قدم طلب إجازة مَرَضية لمدة 21 يومياً فقط"، مضيفاً أن "عملية استجوابه ستتم خلال أسبوعين".يُذكر أن مناصري الصدر تظاهروا ضد المالكي خلال زيارته البصرة وميسان وواسط، قبل أسبوعين وأجبروه على قطعها والعودة إلى بغداد.والخلاف بين الطرفين يعود إلى سنوات خلت عندما كان المالكي رئيساً للوزراء وشنَّ حملة على جماعة الصدر في المحافظات الجنوبية أُطلق عليها اسم "صولة الفرسان".ومع قرب الانتخابات في العراق، بدأت الخلافات تدب في التكتلات الشيعية، وتشير تقارير إلى تفاقم الخلاف بين المالكي والصدر، وسعي رئيس الوزراء حيدر العبادي للانشقاق عن ائتلاف المالكي، وسط توقعات بأن تشكل كتل الحشد الشعبي حضوراً فاعلاً في الانتخابات.ورجحت أطراف شيعية مؤثرة داخل التحالف الوطني العراقي، أن يتجه رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى الانشقاق عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي؛ لخوض الانتخابات المقبلة بعيداً عن مظلة الأخير.