^ في عام 2009 وتحديداً بعد ضبط الخلية الإرهابية التي تلقت عناصر منها تدريبات في منطقة “الحجيرة” نشرت الصحافة المحلية خبراً يفيد بعقد اجتماع بين وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله ووزير الدولة للحدود والهجرة ووزير الدولة للخزانة بالمملكة المتحدة السيد فيليب وولس بحضور السفير البحريني في لندن آنذاك الشيخ خليفة بن علي. الأنباء الخاصة بشأن هذا اللقاء أوضحت بأنه بحث آليات تسليم الإرهابيين عبدالرؤوف الشايب وعلي مشيمع المطلوبين للعدالة واللذين ورد اسميهما في الخلية الإرهابية، لينالا عقابهما وباقي الخلية التي أرادت قتل الأبرياء في احتفالات البلاد بالعيد الوطني، وتوقعت المصادر يومها قرب تسليمهما للسلطات البحرينية بالتعاون مع الأمن البريطاني. هذه الحادثة مرت عليها ثلاث سنوات ولم نر عملية “تسليم” للمطلوبين، رغم أنهم مساءلون قضائياً. بعد هذه الحادثة وصولاً إلى اليوم تحولت لندن -التي ترتبط مع البحرين بعلاقات متينة لا تقارن بغيرها- تحولت إلى “حاضنة” للتحريض ضد حليفتها الخليجية، باتت تمنح حق اللجوء هكذا دون أي تشدد، وباتت تغمض العين عما يفعله هؤلاء بحق البحرين من على أراضيها، وهي تصرفات تخالف أصلاً تعهدات قانون اللجوء السياسي الذي يفرض على متحصل اللجوء عدم ممارسة أنشطة تضر بعلاقات الدولة المانحة للجوء مع الدول الأخرى، إلا أن هذا لم يحصل أيضاً. الحادث الأخير، نعني المرابطة لأكثر من يوم من قبل اثنين من الإرهابيين على سطح السفارة البحرينية التي تعتبر أرضاً تابعة للبحرين في ظل متابعة للشرطة البريطانية دون تدخل جاد، يقودنا للتساؤل بشأن مدى جدية احترام بريطانيا لاتفاقياتها المبرمة مع البحرين، وهل هي قابلة بما حصل لسفارتنا هناك؟! فقط أتساءل لو أن فلسطينياً اعتلى مبنى السفارة الإسرائيلية في لندن، فهل ستنتظر الشرطة البريطانية أكثر من يوم حتى ينزل بـ«الطيب”، وهل ستقبل أن “تتفاوض” معه؟! والله أشك بأن الشرطة البريطانية ستتدخل، إذ الإسرائيليون سيكونون أسرع باعتبار أن هذا اقتحام لأرضهم (أي السفارة حتى لو كان على سطحها)، ومن حقهم فعل ذلك، وفي التاريخ شواهد لكيفية تعامل البريطانيين أنفسهم ومعهم الأمريكان مع محاولات اقتحام سفاراتهم في الخارج بطريقة وصلت حتى لإطلاق الرصاص الحي. ماذا يفترض أن تفعله بريطانيا هنا باعتبارها دولة صديقة مع البحرين تربطهما علاقات صداقة واتفاقيات تعاون؟! أليس المفترض أن تحرص على تأمين سلامة البعثة الدبلوماسية وحماية المباني البحرينية؟! في البحرين للسفارة البريطانية مبنى كبير ورائع محاط بسور بداخله مساحة واسعة، ومؤمن بطريقة أمنية تحمي البعثة الدبلوماسية البريطانية، وتحرص الداخلية البحرينية على تأمين كل متطلبات واحتياجات أفراد البعثة، لكن في لندن هل البحرين تعامل بالمثل؟! هل لو أرادت بريطانيا أحد رعاياها المتهمين في قضية إرهابية أو محكوماً عليه في قضية تمس الأمن الوطني البريطاني وهو متواجد في البحرين، هل لو طلبت قيام الشرطة البحرينية بالقبض عليه وتسليمه لها، هل تظنون بأن البحرين ستمتنع عن ذلك؟! هل تظنون بأن البحرين ستقف متفرجة لو حاول التعدي على مبنى السفارة البريطانية؟! ولو حصل ذلك، هل تظنون بأن البحرين ستقبض عليه بعد يوم كامل ثم تستضيفه في التوقيف لساعات ثم تتركه، بينما بريطانيا تطالب بتسليمه؟! إن كانت بريطانيا بالفعل تريد إثبات حسن نواياها مع البحرين، فإن عليها اليوم الاتفاق مع البحرين على إيجاد آلية لتسليم المجرمين والمطلوبين في قضايا تنظر في القضاء أو صادرة بحقهم أحكام وهم هاربون في الخارج. هناك ما يسمى باتفاقية تسليم المطلوبين، والتي يفسرها فقه القانون الدولي باعتبار “تسليم المجرمين شكلاً من أشكال التعاون الدولي في مكافحة الجريمة والمجرمين وحماية المجتمعات من المخلين بأمنها واستقرارها وحتى لا يبقى أولئك العابثين بمنأى عن العقاب يعيثون في الأرض فساداً”. إن كانت هذه الاتفاقية موجودة بين البحرين وبريطانيا وموقعة، فإن ما يطال البحرين من المحرضين في لندن وما يحصل من ممارسات إرهابية وصلت لمستوى التعرض لموكب أحد قادة البلاد يعتبر سقطة كبيرة من الجانب البريطاني، وإن لم تكن هذه الاتفاقية موجودة وموقعة، فمن باب أولى تفعيلها اليوم قبل الغد، إذ وصلنا لمستوى باتت بريطانيا مجبرة على تقبل نظرة البحرينيين لها بأنها تدعم الإرهاب والتحريض ضد دولتهم، بينما هي تطبق معايير مزدوجة لو تعرضت لنفس المواقف بالداخل بما يمس أمنها، وحتى في الخارج بحيث تقيم القيامة لو تعرض أحد من مواطنيها لسوء. بعيداً عن الاتفاقية سواء وجدت أم لا، فقط أعود لتخيل المشهد بالفعل لو كان فلسطيني فوق السفارة الإسرائيلية بلندن؟!
ماذا لو كان فلسطيني فوق السفارة الإسرائيلية بلندن؟!
27 مايو 2012