حادثة السفارة وحادثة السنابس بالأمس، وقبلها عدة مؤشرات تؤكد على المستوى الأخلاقي الهابط الذي وصل إليه الحراك السياسي، وهو نتيجة طبيعية تلتصق بالمستوى الفكري للقيادات التي تقف وراء ذلك الحراك.إن الخصومة السياسية هذه الأيام تعدت حدودها الأخلاقية إلى شكل من أشكال العداء لم نعهده في كل التاريخ البحريني للصراعات السياسية، وبلغت لدرجة متدنية -كما قلت بالأمس- تعبّر عن سلوكيات غريبة على أهل البحرين شيعة وسُنة. فلا يمكن أن تنتمي التربية الحزبية أو السياسية الحالية إلى أي مدرسة من مدارس هذا الشعب السياسية؛ لا مدرسة العشرينات ولا الثلاثينات ولا الأربعينات، وبالطبع لا يمكن أن تقترب من مستوى الخمسينات، وحتى تلك التي حملت السلاح ضد النظام السياسي في الستينات لم تبلغ هذا الدرك من الانحطاط، فكل الحركات السياسية البحرينية بلا استثناء أبقت على درجة عالية من درجات الفروسية في الخصومة وشرفها، والحمد لله إن كثيراً من شخوصها مازالت حية ترزق وهي نفسها التي تستنكر الآن فعل هذا الجيل الذي خرج عن كل الأعراف والتقاليد المهذبة للسلوك البحريني العربي الخليجي.«قيادات» هذه الأيام مع الأسف قيادات فارغة المحتوى والمضمون السياسي، تملك جعجعة إعلامية بلا ثقل شخصي، تحاول أن تستعيض بالصلف والغرور لتسد الفراغ الداخلي والخواء الفكري ، وأن تصنع لنفسها مجداً زائفاً لا يليق لا بتاريخها ولا بمكانتها، أدواتها إعلامية وأغلبها أجنبي إما إيراني أو بريطاني، وتحاول أن تساعدها قدر المستطاع بأن ينفخ فيها، لكنه نفخ هوائي حالما يتوقف تطير الفقاعة في الهواء ولا يبقى منها غير رائحة أنفاس كريهة لا يتذكر منها المستمع حكمة أو بلاغة أو عمقاً فكرياً يظل عالقاً في الأذهان.«قيادات» كهذه أي جيل ستربي؟ وأي تنظيم ستؤسس له؟ وأي حراك سينجم عنها؟ قيادات كهذه لا عجب أن يكون وقودها المحلي يرتكز فقط على قوة الدفع العقائدي الديني الذي حالما ينزع عباءته عنه فلا يبقى لديه غير اللوفر والمراهقين والأطفال من أتباع.إنه زمن “الرويبضة” بالفعل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة”.رواه الإمام أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه الألباني (3650) في صحيح الجامع. صدقت يا رسول الله.
«الرويبضة» قيادات هذا الزمن!
27 مايو 2012