بقلم: ريتشارد نيلبعد التراجع الذي شهده العام 2009، بدأت سوق التنقيب البحري عن النفط تستعيد عافيتها وبدرجة قوية، بل إن التوقعات تشير إلى زيادة في أنشطة التنقيب والاستكشاف الجديدة. وطبقاً لبيانات صادرة عن مؤسسة «بيكر هيوز انترناشيونال» الأمريكية، فإن عمليات التنقيب البحري في منطقة الشرق الأوسط هبطت إلى أدنى مستوى لها في أغسطس 2009 عندما لم تزد عن 234 عملية قائمة. وفي العام التالي ارتفع العدد ولكن بزيادة تسع عمليات فقط. وخلال العام 2011 شهدت السوق نمواً قوياً، حيث ارتفع إجمالي عمليات التنقيب البحري القائمة إلى 304 عملية، في ديسمبر الماضي، وفيما يخص المتوسط الشهري للعام 2011 فقد وصل إلى 291 عملية مقارنة بمتوسط 265 عملية العام الأسبق. وتعود الزيادة أساساً إلى أنشطة استكشاف النفط أكثر من علاقتها بزيادة في أنشطة البحث عن الغاز، إذ ارتفعت عمليات التنقيب عن النفط في الشرق الأوسط من 170 عملية في فبراير 2010 إلى 230 عملية في نهاية العام 2011، أي بزيادة تقترب من 30% في أقل من عامين. وبالمقابل، ارتفع عدد عمليات التنقيب البحري عن الغاز في المنطقة من 86 في أغسطس 2009 إلى 93 عملية في أكتوبر 2010، إلا أنها تراجعت في ديسمبر إلى 74 عملية، حسب بيانات بيكر وهيوز. التنقيب البريعلى غرار التنقيب في البحار، ارتفعت كذلك عمليات التنقيب عن النفط الغاز في اليابسة، فبعد أن تراجع عدد عمليات التنقيب البري في الشرق الأوسط إلى 203 عملية في أغسطس 2009، عادت إلى الارتفاع إلى 269 عملية في نوفمبر 2011. وتعود هذه الزيادة في العمليات إلى 3 عوامل: تحسن في الطلب على النفط، الارتفاع القوي في أسعار النفط الخام، و تراجع تكاليف التنقيب. يشار إلى أن الارتفاع السريع في أسعار النفط الذي استمر حتى منتصف 2008 شجع دول المنطقة على زيادة الاستثمار في المشروعات الاستكشافية الأساسية ومن ثم بدء تنفيذها عامي 2010 و2011. وقال مدير مجموعة «دوغلاس- وستوود» التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها وتعمل في مجال أبحاث الطاقة، ستيف روبرتسون: «هناك دورات من الأنشطة عندما تشهد أسعار النفط ارتفاعاً وتزداد فيها الاستثمارات، ومن ثم نرى اليوم نتائج الاستثمارات التي خصصت في 2008». إن انهيار أسعار النفط في العام 2009، جراء تراجع الاقتصاد العالمي، دفع إلى تقليص تكاليف عمليات التنقيب، ما ساعد على تجنب انهيار الاستثمارات في هذا المجال. وفي هذا الشأن يشير مدير شؤون التنقيب بمؤسسة «آي اتش إس بتروداتا»، التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها وتعمل في مجال استشارات الطاقة، رود هوتون: «أن آثار الأزمة المالية تشير إلى أنه خلال السنة والنصف الماضية أو أكثر لم نكن نشهد إلا القليل من طلبيات التنقيب جراء فائض الكمية المطروحة في السوق من النفط والغاز مما يعني اضطرار شركات التنقيب إلى عرض أسعار أقل من المعتاد».وعلى الرغم من ما سبق، يلاحظ أن الطلب على النفط يتجه نحو الصعود ومعه استمرار الأسعار في الارتفاع. وحسب قول أحد المحللين المختصين بشؤون التنقيب فإن ارتفاع أسعار النفط يعني استمرار الاستثمار في عمليات التنقيب وصيانة المنشآت النفطية القائمة. وفي الشرق الأوسط، اختلفت درجات الزيادة في الطلب على عمليات التنقيب خلال العام الماضي. ويلاحظ أن 3 أسواق فقط تمتعت بزيادة كبيرة في أنشطة التنقيب عن النفط هي أبوظبي والكويت والسعودية، إذ لوحظ خلال العام الماضي أن نسبة الارتفاع كانت 55% في أبوظبي، و29% في الكويت. أما في السعودية فإن عدد الأنشطة كان أكبر من نظيره في أبوظبي والكويت مجتمعتين.ومن بين الدول القليلة المنتجة للغاز في منطقة الخليج يلاحظ أن عمليات التنقيب تراجعت في سلطنة عمان من 13 عملية في يناير 2008 إلى 5 عمليات بعد ذلك بعامين، قبل أن تعاود الارتفاع إلى 11 عملية في ديسمبر 2011. وحتى في مجال الغاز ظلت السوق السعودية هي المهيمنة، إذ بلغ عددها 28 عملية بنهاية العام 2011. ويقول ايريك هولوكومب، من مؤسسة بيكر هيوز انترناشيونال: «تعتبر السعودية أكبر سوق قابلة للنمو في الشرق الأوسط. إذ إن عمليات التنقيب عن النفط في البحار زادت بحوالي 60% بينما زادت نظيراتها على اليابسة بنسبة 26% العام 2011. بل إن السعودية اليوم تحتضن حوالي 60% من عمليات التنقيب عن النفط و40% من عمليات التنقيب عن الغاز في المنطقة». وفيما يخص مستقبل هذه الأنشطة فيرى هولوكومب بأنه جيد، ويضيف: «نحن نتوقع زيادة في عمليات التنقيب في الشرق الأوسط. وباستثناء العراق، نتوقع نسبة نمو تصل إلى 12%، وأن غالبية العمليات الجديدة ستكون في السعودية». وفي شمال أفريقيا، تستحوذ كل من مصر والجزائر على غالبية أعمال التنقيب، ففي مصر مثلاً شهدت العمليات الهادفة إلى البحث عن النفط ارتفاعاً حاداً خلال العام 2011 من 36 عملية في يناير إلى 53 عملية في ديسمبر. وفي الجزائر انخفض إجمالي العمليات من 27 عملية في يناير 2008 إلى 18 عملية في يناير 2010 ليرتفع في ديسمبر 2011 إلى 32 عملية. وفيما يتعلق بالعام 2012 فيتوقع بيكر هيوز زيادة بنسبة 5% في عمليات التنقيب في منطقة شمال أفريقيا، وخاصة في مصر.