كتبت - إيمان الخاجة:لم يعد غريباً رؤية الناس منكبة على البلاك بيري أو الآيفون؛ إذ أصبحت وسائل التكنولوجيا الحديثة من لوازم الحياة العصرية، زادت من الترابط الاجتماعي من خلال رسائل التهنئة والتعزية، لكنها قلّصت من حجم التواصل الطبيعي والزيارات. الأمر الذي يدعونا لطرح جملة من الملاحظات تتعلق بمدى تأثيرها على الناس في حياتهم اليومية والعملية.فمن جانبه يرى الشاب بدر قمبر أن الأجهزة الحديثة التي غزت حياتنا اليومية والتي تركزت في أجهزة البلاك بيري والآيفون وغيرها؛ جعلت العالم قرية صغيرة يعيش من خلالها الأفراد كباراً وصغاراً في عالم مغاير لحياتهم الواقعية. وقد بات الفرد غير قادر على الاستغناء إطلاقاً عن هذه الأجهزة في كل حركاته وسكناته وكافة الأماكن التي يرتادها سواء في البيت أو في السيارة أو في العمل أو في التجمعات العامة، كما إنها جعلتنا نعيش داخل إطار نرى فيه كل العالم، ونتواصل مع القاصي والداني، ونتبادل شجون الحياة. ويضيف قمبر: لقد ترك ذلك أثراً إيجابياً في حياتنا وتواصلنا الاجتماعي، كما أثّر سلباً على العلاقات الاجتماعية الواقعية التي بات كل شخص فيها يركز ذهنه على هاتفه ليتصفح العالم ويتعامل مع عالم آخر، خصوصاً الشباب الذين باتت صداقاتهم داخل ذلك الجهاز الصغير وفي قرية يرون فيها كل شيء، ولعله يمارس فيها هواياته واهتماماته بشكل إيجابي، أو يمارس عادات وسلوكيات شاذة من خلال القنوات المفتوحة في وسائل التواصل. بالإضافة إلى ذلك أثرت هذه الأمور بشكل كبير على البلادة في التفكير وفي الحركة وفي المناقشات الاجتماعية، وفي إثراء التجمعات الأسرية والمجتمعية التي بات فيها الشخص ينعزل مع عالمه الخاص في قريته المحببة، فهو يجلس مع أناس لكنه في الواقع بعيد عنهم!. ويشير قمبر إلى تأثير هذه الأجهزة على تواصل الناس الاجتماعي، إذ كانت الأجهزة السابقة تعتمد على الرسائل النصية القصيرة التي من الممكن التواصل مع الآخرين من خلالها ولو في كل يوم جمعة لتترك بصمة في نفوس الآخرين بتذكرهم في ظل قلة اللقاءات الاجتماعية التي ترجع لأسباب تغير تركيبة الأحياء والانشغالات الكثيرة، أما الأجهزة الحديثة فوثقت الصلات مع من يمتلك مثيلاتها، في حين قلت مع من يملك الهواتف العادية، حيت يستثقل من يملك هذه الأجهزة إرسال رسائل من خلال الوضع العادي بدون استخدام البيبي أو الواتساب أو التويتر أو الفيسبوك.رسائل للتهنئة وحول تدخل هذه الأجهزة في أداء الواجب، يرى قمبر أنها ساهمت في ترك الأثر السلبي في التقاعس عن أداء الواجب الاجتماعي لأي سبب كان، إلا أنها قامت بدور إيجابي في إرسال رسائل التهاني والتعازي أو الدعوة للمناسبات المختلفة، خصوصاً في ظل الظروف المعيشية التي يعيشها الناس وسرعة انقضاء الأوقات التي لا تدع للشخص أحياناً مجالاً للقيام بكل شيء، ورسالة بسيطة من خلال أدوات التواصل تعطي انطباعاً جميلاً في نفوس الآخرين بأنك تذكرته حتى ولو لم تستطع زيارته، بمعنى أن الفرد قام بواجبه على أقل تقدير. والحقيقة أن هذه الاجهزة أضحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لذا لابد من أخذ الحيطة والحذر من استخدامها بصورة مبالغ فيها حتى لا نفقد اتصالنا الاجتماعي الحقيقي، ونقطع علاقاتنا مع ثوابت الحياة اليومية المهمة كقراءة القرآن والقراءة وصلة الأرحام وغيرها، فهي مهمة في توثيق التواصل الاجتماعي وتقليل الفجوات بين الأعمار المختلفة والتواصل مع العالم الداخلي والخارجي، إلا أنها في الوقت نفسه تحتاج إلى توازن في الاستخدام وعدم الإسراف فيها خصوصاً لفئة الأطفال والشباب، حتى لا تتحول إلى إدمان وعنفوان قاتل يهدد الأسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، خصوصاً لأولئك الشباب الذين يقضون ساعات طويلة مع هذه الوسائل، مغفلين علاقاتهم الاجتماعية الحية مع الأقران، مما ساهم في موت كثير من القيم الاجتماعية التي تتحقق من خلال الممارسات الحياتية العملية في المجتمع. ويتابع قمبر: إن وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الإعلامية الحديثة شيء رائع في زمن التقدم التكنولوجي، وشيء مؤثر في التأثير المجتمعي وفي نشر الكلمة الهادفة والدعوة المؤثرة، وفي تصحيح المفاهيم التربوية المغلوطة، لكنه في الوقت نفسه سلاح ذو حدين يجب الاهتمام بجوانبه الإيجابية، والحذر من السلبية التي غالباً ما تكون في الإدمان عليها وقضاء جل الأوقات معها، وفي استغلالها السيئ من خلال السلوكيات غير الأخلاقية التي قد تسبب الانحراف الأخلاقي والسلوكي لفئة الشباب بصورة خاصة.متابعة الأخبارمن جهته، يقارن الشاب سلمان آل محمود بين الجانبين الإيجابي والسلبي لوسائل التواصل الحديثة، مشيراً إلى أنها زادت من نسبة التواصل بين الناس وسرعه تناقل الأخبار والسؤال عن الحال، كونها وسيلة عصرية سهلة وبسيطة للاستفسار ومعرفة الأخبار وحتى الحصول على المعلومات، كما إن هناك من يستخدمها للتسويق عن مشروعه التجاري والإعلان عن آخر الفعاليات والبرامج والأنشطة، وهذا أمر جيد يجعل الناس في اتصال دائم. من ناحية أخرى دخلت هذه الأجهزة في أداء واجب التهاني والتعازي، فبمجرد إرسال ببرودكاست للجميع تصل التهنئة بسرعة فائقة بدلاً من رفع السماعة والاتصال، أو نشر خبر تعازي لا قدر الله، لذا هي وسائل سريعة وحديثه لأداء الواجب، وبجب على الجميع الآن مواكبة التطور التقني الموجود، إذ يفقد من لا يملك هذه البرامج التواصل مع الآخرين، مما يدفعه لامتلاك أحدها. أما الناحية السلبية فإن كثرة استعمالها يشغل الناس عن أداء الواجب سواء في الدراسة أو العمل، إذ تضيع أوقات كثيرة في استعمالها والحديث عبرها وعدم إنجاز المطلوب، إضافة إلى ذلك أصبحت هذه الاجهزة والمواقع سبباً في استعمال الحوادث لإنشغال الناس بالهاتف عبر السياقة وعدم التركيز فيها، لذا يجب الحذر وعدم الانشغال بها أثناء السياقة. التواصل مع الناس بينما تؤكد الموظفة مريم العوضي دور أجهزة التواصل الحديثة مثل البلاك بيري والآيفون في التواصل مع الناس بشكل كبير وبمعدل 24 ساعة، حيث قرّب هذا الجهاز البعيد وسهل الترابط والتواصل بين الناس، وأبقانا على تواصل مع أفراد الأسرة والأصدقاء البعيدين، كما زاد علاقتنا بمن التقينا بهم في حيانا وفقدنا التواصل معهم، كما إن مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك تمكننا من تشارك الصور والذكريات واللحظات الجميلة والفعاليات مع الأصدقاء والمشتركين. وتردف: لقد أثرت هذه الأجهزة على التواصل بين الناس، ففي السابق كنا نتواصل جميعاً عبر الإيميل والمسنجر، أما الآن فجهاز البلاك بيري قضى على هذا التواصل وأصبح تواصلنا مع من يمتلك جهاز بلاك بيري وآيفون، ومن لا يمتلك هذه الأجهزة لم يعد التواصل معه بالقدر نفسه في السابق. كما ساعدتنا مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية في أداء الواجبات مثل التهاني والتعازي والسؤال عن مريض، فالجميع الآن مشغول بشكل كبير وهذه الوسائل وفرت الفرصة للتهنئة وأداء التعازي توفيراً للوقت، لكن هذا لا يعني أننا لا يمكن أن نذهب للشخص، لكنها جعلت الالتزامات الاجتماعية أسهل. ولا ترى العوضي ان الأجهزة الذكية قللت اللقاءات بين الناس، بل على العكس زادت من قوة العلاقة بين الناس وأعادت لها التواصل، حيث أصبحت التكنولوجيا جزء لا يتجزأ من حياتنا وعلى الناس بمختلف أعمارهم أن يكونوا على علم بها لاهميتها في حياتنا.آفاق جديدة للتعلمبدورها تجد الشابة دلال علي في البلاك بيري والتويتر والفيس بوك سلاحاً ذا حدين، فهي من جهة تجعل العالم قرية صغيرة والتواصل فيها بشكل يومي وسريع في ظل كثرة الأعمال، بينما بالمقابل توثر زيادتها على الترابط الأسري والعلاقات الإنسانية التي أصبحت من خلف الأجهزة بعد أن كانت مباشرة. لقد أثرت على نمط التواصل بين الناس بشكل كبير وفي التواصل بين من يمتلكه، لكن الإنسان يمكن له أن يكون معتدلاً في استخدامها وفي تواصله مع الآخرين. وتشجع على استخدام هذه الوسائل الحديثة لأنها تفتح آفاقاً كثيرة للتعلم واكتساب الخبرات، لكنها تعترف بأنه ورغم إسهام هذه الوسائل في الترابط بين الناس من جهة، إلا أنها قللت من العلاقات بين الأشخاص من خلال تقليل الزيارات والاكتفاء بالسؤال عن طريق البلاك بيري، فهي لا تغني عن أداء الواجب في الواقع، وقد نسي الكثيرون هذه الواجبات، واكتفوا بها بالتواصل عن طريق الأجهزة ومواقع التواصل الاجتماعي.تقنين استخدام البلاك بيري فيما تدعو الباحثة الاجتماعية مي الساعي إلى تقنين استخدام الأجهزة الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، رغم اعترافها بأنها باتت ضرورة ملحة في عصرنا الحالي بين أفراد المجتمع والدول، إذ وطدت من العلاقات الاجتماعية خارج نطاق الأسرة وزادت من قوتها عبر تبادل المعلومات ومعرفة أخبار الآخر من خلال الملاحظة أو الصورة المعبرة، لكنها أيضاً حجمت التواصل الاجتماعي في الواقع، فكان الناس في السابق خصوصاً الأهل في المجلس يتبادلون أطراف الحديث والقصص، أما الآن فيعم المجالس نوع من الانشغال بالهاتف وعدم التركيز في الكلام بسبب انشغال الأغلب في حديثهم مع أشخاص آخرين عبر الدردشة في الهاتف أو الاطلاع على آخر أخبار التويتر، وحتى إذا أراد شخص ما بجانب الآخر أخباره بأمر فإنه يكلمه عبر الدردشة الهاتفية بدلًا من الحديث في المجلس. كما إن التواصل في السابق كان يشمل التعني برفع السماعة أو الزيارة، والآن أصبح البلاك بيري والآيفون كفيل بهذا الأمر وأصبح التواصل من خلاله.وتلفت الساعي إلى الأثر الإيجابي للتواصل عبر الأجهزة والتكنولوجيا الحديثة خصوصاً بين الأصدقاء، فبسبب المشاغل اليومية والارتباطات للناس، مكنتهم هذه الوسائل من الاطمئنان على أحوال بعضهم البعض والسؤال عنهم ومعرفة آخر آخبارهم، إلى جانب مشاركهم أفراحهم وأحزانهم بإرسال رسائل التهنئة والتعازي، لكنها تؤكد أن على الفرد لكي لا يتأثر بشكل كلي بهذا النوع من التواصل ويترك التواصل الحقيقي، أن يعطي المجالس والناس حقهم بترك الهاتف من يده عند التواجد في الاجتماعات العائلية ومع الأصدقاء، ولا يستخدم هاتفه الا عندما يريد أن يخبرهم بمعلومة أو أمر يتشارك به مع الجميع في الجلسة. كما إنه يجب ألا يكون التواصل لأداء الواجب خصوصاً العزاء عبر التقنية الحديثة بديل لأدائه في الواقع، ولابد من استخدام النوعين إلا إذا لم يستطع الشخص فعلاً الوصول بنفسه.