صدر حديثاً في إطار التعاون المشترك في النشر بين المؤسسة العربية للدراسات والنشر ووزارة الثقافة في مملكة البحرين، كتاب «استباحة دم الإنسان.. دراسة في القتل والدم والوحشية، وهي دراسة فكرية شاملة للكاتب والباحث البحريني بدر عبدالملك.يقع الكتاب الموسوعي في 500 صفحة من القطع الكبير، ويشكِّل مبحثاً فكريّاً موسوعياً في الدم، في كلّ تعريفاته ودروب نزفه وهدره وسفكه منذ فجر التاريخ وحتى عصرنا هذا. يستند عبدالملك في دراسته المعمّقة الإحاطية على معرفة شاملة، كرّسته بوصفه واحداً من أبرز الباحثين المخلصين لموضوعاتهم عبر الاستقصاء والمقاربة التحليلية، والاستدراكات التاريخية والسيسيولوجية والرمزية وربطها بالراهن السياسي ضمن حركة مستمرة للتاريخ الإنساني الشائك والمتحول.قسم الكتاب إلى خمسة فصول تغطي العناوين التالية: الدم البدائي، الدم بين المقدس والمدنَّس، دم الكراهية، الدم بين الواقع والرمزية، والدم في عصر الصورة؛ حيث يقارب الباحث في كل فصل موضوعات ومباحث وجزئيّات تتناول الدم، كمادة ومفهوم ورمز ومعطى وإسقاط تاريخي وسياسي ونفسي واجتماعي وبيولوجي وعرقي، من كل الجوانب. تعالج الفصول الخمسة الدم الإنساني منذ أن كان الدم مادة مجهولة المعنى إلى أن تحول إلى مفهوم مقدّس ونجس وقرابين عند القبائل البدائية والآلهة الجديدة، حتى صارت مفردة الدم متنوعة في الدلالات والرموز في ثقافتنا.يشير عبدالملك في المقدمة التي صدّر بها كتابه إلى التأثير البالغ الذي أحدثته في نفسه مشاهد «النحر» وحمامات الدم البشرية على الشاشات في زمن الصورة الفضائية، الأمر الذي دفعه إلى المضي قدماً في مشروعه البحثي والفكري الذي لازمته فكرته منذ سنوات. ويبيّن عبدالملك أن اتّساع نطاق الدم المسفوح في أمكنة عالمية عدة «جعلت من مفردة الدم موضوعاً سائداً في الخطاب اليومي لوكالات الأنباء وللساسة ورجال الفكر والأدب، حتى بدا الدم مقولة أعمق من كونها حالة بيولوجية وتراثية مقدّسة في حياة الإنسان البدائي»، لافتاً النظر إلى أن «ما أضاف للعنف الدموي سطوته وعدوانيته ورهبته هو أننا أصبحنا نعيش في تاريخ حداثي يوصف بعصر الصورة (اللقطة)، في زمن الفضائيات، وتحول الحدث إلى مشهد في الشاشة الملونة الي تعكس لون الدم بخلاف زمن الفيلم الأبيض والأسود».