حاوره ـ هشام الشيخ:قال الكاتب والصحافي يوسف البنخليل إن عبدالهادي الخواجة زار إسرائيل، وأن نواباً سابقين حاولوا الاتصال للحصول على دعم إسرائيل لإحداث التغيير في البحرين.وأضاف البنخليل أن سفير واشنطن السابق لدى البحرين آدم إيرلي صهيوني والحالي تحوم حوله الشبهات وفاقد للثقة، مشيراً إلى أن علامات استفهام كثيرة أُثيرت حول إيرلي لظروف أحاطت بخروجه من البحرين قبيل الأحداث.ولفت إلى أن إيرلي غيّر اسم والده الإسرائيلي بعد أن كان متورطاً بعصابات الهاجانا التي ارتكبت مذابح بحق الفلسطينيين، وأن موظفاً آخر بالسفارة هُرّب من البحرين إبّان الأحداث ولُفقت قصة للتغطية على تورطه بدعم مثيري الفتنة.وشكلت الحقائق التي كشفها البنخليل عن الأصول الصهيونية للسفير الأمريكي السابق مفاجأة للرأي العام، خاصة أن الولايات المتحدة تحظى بأكبر التسهيلات من جانب البحرين كحليف استراتيجي لواشنطن عبر سنوات طويلة، رغم تأكيده أن تلك المعلومات ليست سراً، وأنه يتمنى رد الإدارة الأمريكية إذا كان كلامه غير صحيح.«الوطن” حاورت البنخليل لاستيضاح الدور المشبوه الذي يمكن أن تلعبه السفارة الأمريكية في البحرين، وعلاقات كل من أمريكا وإسرائيل ببعض جماعات المعارضة في الداخل، وطبيعة الدعم الذي تقدمه كل منهما لما يسمى منظمات المجتمع المدني الأمريكية الساعية للتدخل في الشأن البحريني والخليجي، لتحقيق مصالح الجانبين الأمريكي والصهيوني.
^ ذكرت في مقال لك قبل يومين أن السفير الأمريكي السابق في البحرين آدم إيرلي كان صهيونياً يحمل جنسية مزدوجة إسرائيلية وأخرى أمريكية، ووالده كان ينتمي إلى منظمة الهاجانا الصهيونية الإرهابية، ما درجة صحة هذه المعلومات؟- ما ذكرته عن السفير السابق ليس سراً، وهو موجود في أدبيات وتقارير الحكومة الأمريكية والباحثين الأمريكان، وبالطبع لن أنشر شيئاً إلا وأنا متأكد منه تماماً، وأتمنى أن ترد الإدارة الأمريكية على هذا الكلام إذا كان ما ذكرته غير صحيح.ما أردت قوله إن واشنطن لا تتعامل مع البحرين بشفافية، وللأسف فإن اتفاقية فيينا التي تنظم العلاقات الدبلوماسية لم تلزم الدول بكشف كافة التفاصيل عن ممثليها الدبلوماسيين للدول المضيفة، لكن يظل من حق الدول أن تطلب إيضاحات حول الدبلوماسيين، وليست عندي فكرة إن كانت السلطات البحرينية سألت عن إيرلي وسواه من الدبلوماسيين الأمريكان، من يحمل جنسية مزدوجة هل يمثل إسرائيل أم واشنطن؟ هذا الأمر يمكن ملاحظته في سياسات أمريكا بعد تولي المحافظين الجدد البيت الأبيض، ودول عربية يحدث معها هذا الأمر آخرها المغرب التي فوجئت أن أحد الدبلوماسيين المشاركين في مؤتمر عقد مؤخراً يحمل الجنسية الإسرائيلية.وما أثار علامات الاستفهام حول السفير السابق ظروف أحاطت بخروجه من البحرين قبل أحداث العام الماضي، والمعلومات الغامضة في سيرته الذاتية، حيث إن المتتبع لمسارات عمله يجد أنه جاء من العراق وهو من الذين عملوا في سلطة الاحتلال في بغداد.إضافة إلى أن والده غير اسمه وكان متورطاً في الهاجانا التي ارتكبت المذابح في حق الفلسطينيين قبل قيام إسرائيل، وسافر مرتين إلى الولايات المتحدة، وفي المرة الأولى اكتشف ضابط الجوازات أنه غير اسمه، وفي الثانية هاجر واستقر هناك، كما إنه ينتمي لجيل عملت إسرائيل على رعايته بشكل سري، لينتقلوا من تل أبيب، ويترقى في مناصب قيادية رفيعة، وهم بالفعل موجودون في الإدارة الحالية، وهناك من الباحثين الأمريكان من يرى أن والد آدم إيرلي له صلة قرابة مع مؤسس إسرائيل. قبل فترة لم يكن الأمر مكشوفاً بهذا الشكل، لكن بعد أحداث الربيع العربي اتضحت الأمور، وقد تكون الولايات المتحدة عمدت إلى التعامل بجرأة أكبر لتمكين نخب سياسية جديدة من حكم الخليج نظراً لوجود قناعة أمريكية بعدم جدوى وجود أسر مالكة تتعارض في المرحلة المقبلة مع المصالح الأمريكية في المنطقة.^ هل هناك أصول أو ارتباطات صهيونية للسفير الحالي كراجيسكي؟ وهل تتوقع وجود موظفين إسرائيليين في المنامة تحت غطاء أمريكي؟- هناك شبهات كثيرة حوله، ويعزز من ذلك أن عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية من موظفي السفارة غير معروف، ومن حق حكومة البحرين أن تطلب معلومات عن هذا الأمر، ومن حقها اعتبار أي دبلوماسي غير مرغوب فيه على أرضها إذا رأت ذلك. أحد الأمثلة موظف اشتهر إبان الأحداث وتم تهريبه وتلفيق قصة للتغطية على تورطه في دعم مثيري الفتنة فنياً وإعلامياً، وعندما وصل إلى أمريكا ادعى أنه تلقى تهديدات تمس سلامته الشخصية، وهناك كتب مقالات كثيرة تصور أن البحرين واحة من الاستبداد.^ما هي المصالح الإسرائيلية في البحرين، وكيف يمكن إجهاض أية تحركات على هذا الصعيد؟- إسرائيل تنظر إلى دول الخليج على أنها قوة مالية واقتصادية وتملك النفط، إضافة إلى أهمية الجوار الجغرافي، وهي حريصة على ألا يتكرر استخدام العرب لسلاح النفط كسلاح فعال في المواجهة معها، وهناك قناعة أن هناك نشاطاً لإسرائيل في الخليج عبر دعم منظمات المجتمع المدني الأمريكية.^ يرى البعض أن تورط تل أبيب في أحداث البحرين مبالغ فيه ما تعليقك؟ - هذه الحقيقة مبنية على معلومات مؤكدة، وكما هو معلوم فإن عبدالهادي الخواجة زار تل أبيب، وأنا هنا أقول كيف تتشدق المعارضة الراديكالية في البحرين بالدفاع عن فلسطين، كذلك فإن نواباً سابقين معروفون حاولوا إجراء اتصالات للحصول على دعم إسرائيلي لإحداث تغيير في البحرين. مواقف إسرائيل كانت متذبذبة من الربيع العربي، كانت داعمة في فترة ما، لكن فوجئت بزيادة نفوذ الإسلاميين، الذين ستجد صعوبة في التعامل معهم مستقبلاً وهي في مأزق من هذا، نحن نتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة محاولات لتغلغل إسرائيلي أكبر في المنطقة.^ قيل الكثير عن معايير طائفية في توظيف البحرينيين العاملين في سفارة أمريكا في البحرين، ما حقيقة الأمر ودوافعه؟- ببساطة يمكن الاستفسار من قائد القاعدة الأمريكية وكذلك السفارة، عن عدد الشيعة العاملين هناك، يفترض أن تتعامل واشنطن مع كافة مكونات المجتمع بشكل متوازن، لكن الانحياز لمكون واحد يثير أسئلة حول محاولات تمكين طرف على حساب آخر وعلى حساب الحكومة البحرينية نفسها، هذا الأمر ليس جديداً لكن كان الناس يعتبرونه عادياً، إلا أنه بعد الأزمة ظهرت الحقائق وتأكدت القناعة أن أمريكا تدعم تغييراً ما في المنامة.^ ماذا عن علاقات السفارة الأمريكية بالمعارضة، وماذا بوسع السلطات البحرينية فعله تجاه علاقات السفارة بالمعارضة وبالمنظمات الأمريكية المشبوهة؟- العلاقة بين المعارضة الراديكالية والسفارة الأمريكية تزايدت بشكل كبير في عهد السفير السابق إيرلي، والسبب أنه كان قادماً من بغداد، فهو كان على علاقات وخبرة كبيرة في التعامل مع أمثالهم من أتباع ولاية الفقيه الذين يحكمون هناك الآن، ولا ننسى تصريح المالكي قبل الأحداث حين قال لـ«الوفاق” خلال زيارتهم العراق إنه من الضروري أن يستفيدوا من تجربة العراق، كما إن السفير ساهم في توطيد العلاقات بين أمريكا والمعارضة وكثير منهم انخرطوا في المنظمات الأمريكية بإرادة أمريكية ووفق عملية منظمة.تلك العلاقات مازالت قائمة والسفير الحالي يواصل دور السفير السابق، وطبيعة المواقف الأمريكية منحازة إلا أن الحكومة البحرينية في يدها كثير من الأوراق، وعلى سبيل المثال ما الذي يجعلها تتحفظ على طلب الدنمرك - وهو موقف حازم ومسألة سيادية - في حين لا تستطيع قطع العلاقات مع المنظمات الأمريكية المشبوهة، من حق البحرين أن تتخذ القرارات بما يتواءم مع مصالحها وهو ما أقره ميثاق الأمم المتحدة، ولسنا ببعيد عن الإمارات التي جمدت عمل جميع المنظمات الأمريكية المشبوهة، ولم يستطع أحد لومها على ذلك الإجراء. ^ هل هناك قابلية لأي مساحة وسط للتلاقي والتفاهم بين السفير الحالي ومن يقف خلفه في أمريكا وبين المسؤولين في البحرين؟- من الممكن أن تتغير الأمور إذا تولدت قناعة جادة وذات مغزى عند الإدارة الأمريكية بعلاقات شفافة تحترم المصالح المشتركة والسيادة بين البلدين، السفير الحالي فقد الثقة من قبل المسؤولين والمواطنين، والمجتمع البحريني ينظر بعين الريبة إلى وجوده هنا، لا أعتقد أن من مصلحة أمريكا أن تفقد ثقتها في البحرين، لأن ما قدمته البحرين كثيراً مقارنة بغيرها من دول المنطقة، ومثال ذلك أن العراق التي أنفقت واشنطن عليها المليارات، أصرت النخبة الحاكمة هناك على محاكمة العسكريين الأمريكيين في حالة تورطهم في جريمة داخل العراق أمام القانون العراقي وأذعنت أمريكا لذلك، أما في البحرين كان جزءاً من التسهيلات المقدمة لأمريكا تطبيق القوانين الأمريكية على العسكريين الأمريكان بحيث يحاكمون من قبل الجانب الأمريكي.^ إذا كانت المؤامرة التي تحاك ضد البحرين بهذا الحجم، إلى أي مدى نجحت أهداف المؤامرة؟- حتى الآن فشلت المؤامرة الأمريكية، والمسألة بحاجة لوقت لعمل تقييم شامل، خاصة أن هناك سيناريو آخر يتضمن تثوير السنة، ونلاحظ أبسط مثال بمتابعة الخطاب الإعلامي للرأي العام حيث نجد تغيراً كبيراً في الخطاب منذ أبريل 2011 ولغاية أبريل 2012، فقبل سنة كان الخطاب مستميتاً مدافعاً عن مواقف الدولة والحكومة، وبعد مرور عام لانزال نجد من يدافع لكن سنجد خطاباً إعلامياً واسعاً ينتقدها بشكل عام ويرى أنها ضعيفة ويطالبها بالكثير، ومثل هذا الخطاب يقوم على انعدام هيبة الدولة ويهدف لبث الحقد والكراهية وتوليد شرارة التغيير عند الناس.كل حكومة في العالم لديها أخطاء، ولها قرارات وسياسات إيجابية ويفترض النظر إلى الموضوع بإنصاف، فعندما تتخذ قراراً لا يكون بناء على عواطف وإنما ضوابط تحكم السياسات الحكومية، مثلاً وجود مجموعة سياسية متطرفة تورطت في الأحداث وكان متوقعاً عند الجمهور توقيفها لكن لم يتم القبض عليها ما السبب والدوافع؟ لا أحد يفكر في أنه هل الدولة كانت محتاجة أن تتركهم للتعرف على أنشطتهم بشكل أكبر؟ قد يأتي يوم ترى ضرورة محاسبتهم وهو لا يعني غياب مبدأ القانون. كان سقف التوقعات كبيراً حول الأحكام القضائية ضد المتهمين، إذا كنا نطالب باحترام سيادة القانون، فهذه العقوبات هي القانون البحريني، فكيف يتم محاسبته وفق أهواء الجمهور؟ وبالتالي تدخل الجمهور في أحكام السلطة القضائية وممارسة الضغوط مرفوض.العقوبات قد تكون غير رادعة، ومن حق الجمهور المطالبة بتغيير القوانين، وأتساءل هل فكر من يمارسون الضغوط على القضاء بطرق باب السلطة التشريعية لمطالبتها بتغليظ العقوبات؟ هذا جزء من الخطاب المتعلق بتثوير السنة، لأن هناك جهات من مصلحتها زيادة استياء الجمهور السني.ولتوضيح ذلك بشكل أكبر يمكن تتبع مسار تصاعد الاستياء منذ بداية الأحداث العام الماضي وحتى الآن، حيث كان أول ما حصل مع بداية الأحداث حدوث صدمة من بعض المواقف الرسمية حينئذ، تم بعد إعلان حالة السلامة الوطنية صدم البعض من تأخير بعض المحاكمات للمتورطين بالأحداث، تلاه استياء آخر نتيجة عدم القبض على بعض المتورطين، ثم قال البعض إن الأحكام لم تكن كافية، ثم رفض البعض إشراك المعارضة في حوار التوافق الوطني، صدمة أخرى شعر بها البعض بعد تشكيل لجنة تقصي الحقائق، حيث كان الجمهور يرى أن اللجنة لن تنصف البحرين. ثم جاء بعد ذلك إعادة المفصولين غير المتورطين في الأحداث لأعمالهم، ثم إنشاء صندوق للتعويضات، أعقبها ما قيل عن محاولة ثانية لإجراء حوار، أعقبه مطالبات جديدة بتسليح رجال الأمن، ثم تطور الأمر لمطالبات بإقالة وزيري التربية والثقافة، رغم أن الأسباب كانت بسيطة لكنها تزيد الكراهية عند الجمهور المستهدف، حتى جاءت آخر فصول هذا المخطط حين صدر بيان أعقب حدوث التفجيرات الأخيرة، يهدد الحكومة أنها إن لم تصحح الأوضاع فسيتم سحب شرعيتها.كان لابد من هذا السرد لتبيان الحقيقة أمام الرأي العام، الذي يجب أن يعي حقيقة أن الضغط الدولي والهجمة الإعلامية الدولية خفت حدتها كثيراً الآن، وأصبحنا نلاحظ أن القوى الإقليمية والدولية تصدر بيانات تدعم مواقف وإجراءات البحرين في حفظ الأمن والاستقرار، وأصبحت المعارضة محشورة في زاوية ضيقة وهي الخاسر الأكبر، والحكومة مسؤولة كذلك عن توفير الحد الأدنى من الوعي بهذه الحقائق لدى الناس.^ ماذا تتوقع لمستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة ودول الخليج والبحرين خاصة؟- مثل تلك العلاقات مرتبط بالثقة، وهي حالياً معدومة، وإذا استمرت واشنطن في سياستها الحالية ستفقد الكثير من مصالحها في المنطقة، وهناك العديد من القوى الجديدة تتطلع إلى اقتسام نفوذ واشنطن في الخليج، كذلك حان الوقت لإعادة التوازن في العلاقات الخليجية بعدم الاعتماد على تحالف أحادي، واستبداله بعدة تحالفات إقليمية ودولية، والكونفدرالية الخليجية تبقى الخيار الأهم.