أجرى الحوار - وليد صبري:أجاب السفير الأمريكي في البحرين توماس كراجيسكي، على سؤال في حوار أجرته معه «الوطن» حول إمكانية إطلاق حوار بينما تنتهج المعارضة العنف المسلح في الشارع بـ»لاتعليق»، إلا أنه اعتبر أن العنف في الشارع يوازيه إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع في أحياء سكنية ما يضع الأسر في حالات صعبة.وقال كراجيسكي إن من واجب الشرطة التصدي للعنف وإيقافه واعتقال مثيري الشغب ومحاكمتهم، إلا أنه اشار إلى أن «رد فعل الشرطة مبالغ به على بعض الاحتجاجات السلمية في القرى(..) وهناك شعرة بين التظاهر السلمي وأعمال العنف ويصعب التفريق بينهما».وأضاف أن المعارضة لم تواجه أي خطوات حكومية للخروج من الأزمة بالتأزيم، فيما خلفت الأحداث «انتقادات لحكومة البحرين من أمريكا وأصدقاء البحرين والمجتمع الدولي»، مشيرا إلى أن «الأحداث دمرت الكثير من منجزات الملك بعد اعتقال المئات وإساءة معاملة البعض وبعض الأحيان القتل».واعتبر السفير الأمريكي «انسحاب المعارضة البحرينية من مجلس النواب خطأ سياسي» قبل أن يستدرك ليصفه بـ»عمل تكتيكي»، معتبرا أن «المعارضة لديها أسبابها السياسية في الانسحاب، ومن ضمنها الاحتجاج على بعض سياسيات الحكومة في التعامل مع التظاهرات».وأشار إلى أن «تشكيل لجنة تقصي الحقائق والقبول بتوصياتها والتعهد بتنفيذها قرار شجاع وجريء»، إلا أنه قال إن «بعض توصيات اللجنة تحتاج إلى سنوات لتنفيذها، لكن بعضها المفروض أنه تم تنفيذها بالكامل منذ شهور، لا أفهم سبباً للتأخير».وأردف أن «تعيين الخبيرين الأمنيين جون تيموني وجون ييتس يمثل ترجمة واضحة لتنفيذ توصيات اللجنة».وخلص السفير الأمريكي إلى أن «الجميع في البحرين ضحايا وسبيل الإصلاح تكاتف الجميع لإطلاق الحوار»، مشيرا إلى أن «واشنطن تؤمن بأن حل مختلف المشاكل والعقبات في المملكة يجب أن يكون حلُّها بحرينياً».وحول إيران، رأى كراجيسكي أن طهران لا تتدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي، قبل أن يصف إعلامها الرسمي والخاص بـ»الكاذب وغير المقبول والمؤجج»وأكد أن الولايات المتحدة قلقة من المواقف التي تتخذها إيران، وإنتاجها لأسلحة نووية، ودعمها للعنف والإرهاب خاصة في سوريا، معتبراً أن طهران تهديد للمنطقة وخطر على العالم.وفيما يلي نص الحوار:^ كيف تقيِّمون العلاقات البحرينية الأمريكية في ظل التطورات الإقليمية والدولية الحالية؟- من دواعي سروري أن أجري هذا اللقاء مع صحيفة «الوطن» وهي إحدى الصحف الرائدة في المملكة.تعود العلاقات البحرينية الأمريكية إلى أمد طويل، وتمتد لأكثر من 100 عام، على جميع المستويات والأصعدة الثقافية والسياسية والأمنية والاقتصادية. ونحن ننظر إلى البحرين على أنها إحدى أقوى حلفائنا وأصدقائنا الاستراتيجيين في الشرق الأوسط.إنها علاقات مهمة جداً للولايات المتحدة الأمريكية. وأعتقد أن هذه العلاقات لها أهمية أيضاً بالنسبة للبحرين. لدينا الكثير من المصالح المشتركة. لقد عملت حكومات وشعوب البلدين معاً على جميع الأصعدة بطريقة وثيقة وفي مجالات متعددة منها التعليمية والعسكرية من أجل بناء هذه العلاقات القوية. وهي علاقات وطيدة وقوية بالقدر الكافي لمواجهة التحديات والتغلب على العقبات والمشكلات. الحل البحريني^ الأحداث التي شهدتها المنطقة والبحرين كانت أحداثاً دراماتيكية. ووجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في علاقات جديدة مع عدد من الدول مثل تونس وليبيا ومصر. ومازلنا لا نعلم ماذا سيحدث في سوريا ونتيجة الأوضاع هناك؟ - إن الأحداث في البحرين شكلت فرصاً وتحديات جديدة بالنسبة للولايات المتحدة. وبما أن العلاقات البحرينية الأمريكية وطيدة وقوية، فقد استطاعت الحكومات والشعوب أن تواجه تلك التحديات، وتصدت البحرين للأحداث وواجهتها، وهي تتجه نحو المستقبل وستجد الولايات المتحدة حليفة وشريكة وصديقة لها دوماً.إن سياساتنا الأساسية تبقى ثابتة ومتماسكة وتتمثل في بناء علاقات أمنية وعسكرية قوية، بما يعزز الانفتاح والديمقراطية في المجتمع، ونحن نؤمن بأن حل مختلف المشاكل والعقبات يجب أن يكون حلُّها بحرينياً.البحرين تشهد انفتاحاً وشمولية^ يقول مراقبون وسياسيون أن ربيع البحرين سبق العرب بـ13 عاماً من خلال إصلاحات شاملة توافقت عليها القيادة السياسية مع الشعب وأشاد بها المجتمع الدولي، تضمنت عودة المبعدين، وإطلاق ميثاق العمل الوطني، وإجراء انتخابات بلدية ونيابية.. ما تعليقكم على تلك الإصلاحات؟- السفير الأمريكي: أعتقد أن هذه نقطة مهمة جداً وجيدة جداً.. العشر سنوات الماضية من تاريخ البحرين شهدت انفتاحاً ووجود عملية سياسية أكثر انفتاحاً وشمولية للجميع. وشهدت تطوراً ملحوظاً في الانفتاح نحو النظام السياسي، والكثير من البحرينيين بدؤوا يشاركون في هذه العملية السياسية وفي هذا النظام المتطور.المعارضة ليست تأزيمية^ «الوطن» توضح: ومن المبعدين أيضاً من شارك في القرار السياسي.- السفير الأمريكي: نعم، ولكن أعتقد بالنسبة للبعض وهذا شيء طبيعي، كان التطور بطيئاً، وبالنسبة للآخرين كان التطور أكثر سرعة وتقدماً.. ولكن على جميع الأصعدة كانت البحرين رائدة في المنطقة، والولايات المتحدة كانت شريكة لمملكة البحرين في هذا الأمر ودعمتها.^ منذ اندلاع الأحداث في البحرين يوم 14 فبراير 2011، والقيادة السياسية تقدم خطوات عملية للخروج من الأزمة تمثلت في مبادرة ولي العهد ثم الدعوة لحوار وطني شامل شارك فيه مختلف شرائح المجتمع البحريني، وتشكيل لجنة تقصي الحقائق، والقبول بتوصيات اللجنة والتعهد بتنفيذها، وأخيراً إجراء تعديلات دستورية تعطي مجلس النواب صلاحيات أكبر. وعلى الجانب الآخر تبقى المعارضة في سعيها نحو التأزيم وعدم القبول بأية حلول.. كيف تقيِّمون الموقف السياسي في ظل تلك الوقائع؟- السفير الأمريكي (مستغرباً): يبدو أن هذا رأيك، ومن الغريب بالنسبة لي أن صحافياً يضع رأيه في سؤال حواري. ^ أريد أن أوضح أن هذا ليس رأياً ولكن ذلك نتاج سلسلة من التصريحات الرسمية والاستطلاعات والآراء والتقارير السياسية لكتاب ونقاد سياسيين ومواطنين سواء من داخل البحرين أو خارجها.- السفير الأمريكي مقاطعا: هذا رأي البعض ولكن هناك رأياً آخر.^ هذا رأي الأغلبية سواء من داخل البحرين أو من خارجها. أنا أختلف معك، وغير موافق على ذلك، لأنني قرأت أيضاً العديد من التحليلات والمقالات. دعني أتكلم عن الأحداث التي وقعت العام الماضي. وكما قلت أحداث العام الماضي كانت صدمة للكثير من البحرينيين. كما كانت صدمة لأصدقاء البحرين. كان الوضع مزعجاً ومتأزماً جداً. وبعد مرحلة السلامة الوطنية كان هناك قلق لدى أصدقاء البحرين خاصة من الولايات المتحدة. لأن التقدم والتطور الذي بناه وحققه جلالة الملك خلال السنوات العشر الماضية، هناك الكثير منه قد تم تدميره. الأحداث دمرت كثيراً من التقدمكما لاحظنا أن المئات من البحرينيين تم اعتقالهم، وبعد التحقيق ثبتت إساءة معاملة الكثيرين منهم، وبعضهم كان يتم تعذيبه وبعضهم قتل. كان هناك الكثير من الانتقاد لحكومة البحرين من الشعب البحريني، ومن الولايات المتحدة وأصدقاء البحرين والمجتمع الدولي. ولقد نصحنا بإنهاء حالة السلامة الوطنية. والقرار الذي اتخذه الملك حمد فيما يخص الأمن القومي وإنشاء هيئة مستقلة لتقصي الحقائق كان خطوة شجاعة وجريئة ونحن دعمنا وساندنا الخطوات بالكامل. وعندما تم الإعلان عن الحوار الوطني كذلك دعمناه وشجعنا جميع الفئات والجمعيات على المشاركة فيه. ولم يكن الإجراء متكاملاً ولكنه كان خطوة للبدء في الحوار. وتم إصدار تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة البروفيسور محمود شريف بسيوني. وقبل جلالة الملك توصيات اللجنة، وقال إن هناك أخطاء ارتكبت وتعهداً بوضوح بعدم تكرارها، والعمل على تنفيذ توصيات اللجنة. نحن دعمنا ذلك وشجعنا جميع الأطراف والفئات على أن تنضم إلى الحوار وتقبل التوصيات وتنهي الاشتباكات وتنبذ أعمال العنف، والعمل على سير المجتمع على الطريق الصحيح، وعرضنا تقديم العون والمساعدة بآي طريقة ممكنة، يطلبها البحرينيون.وبعد 6 أشهر، كان هناك بعض التقدم في تنفيذ توصيات بسيوني. وفي الواقع بعض التوصيات تم تنفيذها بالكامل. ولكن البعض لم يتم، وهناك الكثير من العمل الذي يتبقى ويجب أن يتم، إضافة إلى ضرورة تنفيذ توصيات بسيوني، ونحن نشجع الحكومة على الاستمرار في هذا الاتجاه.^ إذن أنتم تتفقون مع الآراء التي تؤكد أن تشكيل لجنة تقصي الحقائق والقبول بتوصياتها والتعهد بتنفيذها يمثل قراراً شجاعاً وجريئاً من جلالة الملك؟- بالطبع وبكل تأكيد، نعم. ولكن الأصعب هو مواجهة هذه الأخطاء وتصحيحها وتنفيـــذ جميع توصيات اللجنة.^ ألا ترون أن الحكومة تسارع في ذلك، وتحتاج إلى الوقت لتنفيذ التوصيات؟- بــالتأكيد. بعض التوصيات يحتاج تنفيذها إلى عدد من السنوات. ولكن بعضها في رأيي المفروض أنه تم تنفيذها بالكامل منذ شهور، وأنا لا أفهم سبباً للتأخير. ^ ألا تحتاج تلك التوصيات إلى الوقت الكافي لكي تقوم الحكومة بتنفيذها؟ - أنا أقدر صعوبة الأمر. ومدى صعوبة تنفيذ كل التوصيات والإصلاحات، وهناك توصيات يمكن تنفيذها في خلال أشهر، ونحن سنستمر في المساندة التامة للحكومة ولكل البحرينيين حتى يتجاوزوا كل الصعاب والتحديات والتعافي للمضي قدماً نحو مستقبلهم.^ أفهم من ذلك أن الولايات المتحدة تدعم مملكة البحرين في إصلاحاتها في المرحلة المقبلة.. أليس كذلك؟نعم هناك مساندة من الولايات المتحدة لمملكة البحرين. - هذا السؤال ليس رأينا! يؤكد مراقبون وسياسيون أن المعارضة البحرينية تتمتع بقدر كبير من الحرية والديمقراطية، فهي المعارضة الوحيدة في العالم العربي التي حصلت على 100% من مقاعد مرشحيها في انتخابات مجلس النواب «18 مرشحاً خاضوا الانتخابات وحصلوا على 18 مقعداً» من أصل 40 مقعداً.. كيف تقيّمون ذلك؟أنا أتفهم هذه النقطة، وهناك انتخابات نزيهة أجريت في عدد من الدول العربية ومن ضمنها البحرين، مثل تونس ومصر ولبنان والعراق، وأعترف أن البحرين تأتي في مقدمة الدول العربية، بل هي رائدة في إجراء انتخابات مفتوحة بشفافية وحرية تامة وهذا يؤكد مصداقية المملكة، ونحن نشجع على ذلك في العالم العربي كله، كما إن مشاركة المعارضة البحرينية في البرلمان عمل رائد ونشجعه.^ نتائج الانتخابات أيضاً تعبر عن النزاهة والمصداقية.- نعم، ونحن نعتبر انسحاب المعارضة من مجلس النواب وعدم مشاركتها في الانتخابات التكميلية كان خطأً سياسياً، ونحن نأمل أن تشارك في العملية السياسية في المستقبل.^ هناك تعليق على ممارسات المعارضة خلال السنوات الماضية.. في 2002 قاطعت المعارضة الانتخابات، ثم عادت وخاضت انتخابات 2006، ثم خاضت انتخابات 2010، ثم انسحبت، ولم تشارك في الانتخابات التكميلية.. أين الدور الإيجابي الذي يجب أن تقوم به المعارضة؟ ألا يعتبر ذلك ضعفاً سياسياً؟!- هذا خيارهم السياسي.المقاطعة عمل تكتيكي^ كيف تطلب المعارضة الإصلاحات والحوار والتطوير وهي تقاطع الانتخابات ثم تخوضها ثم تشارك في الانتخابات وتنسحب من البرلمان؟ أين القرار السياسي الحكيم للمعارضة؟ وأين الديمقراطية التي تتحدث عنها المعارضة وهي تتصرف بسلبية؟- السفير الأمريكي: هذا عمل تكتيكي، والمعارضة لديها أسبابها السياسية في الانسحاب، ومن ضمنها الاحتجاج على بعض سياسيات الحكومة في التعامل مع التظاهرات. وأعتقد أن انسحابهم من العملية السياسية في البحرين خطأ، لكن في الوقت ذاته، المعارضة البحرينية ليست المعارضة الوحيدة في العالم التي تنسحب من مجلس النواب احتجاجاً على الأوضاع.يجب أن أكون صحافياً^ نريد أن نوضح نقطة هامة ونركز عليها.. إذا كانت المعارضة تريد المشاركة في الحوار فلماذا تصر على الانسحاب من المشهد السياسي، وقتما تشاء، وتسعى للتأزيم، ثم تطالب بإصلاحات؟! - يبدو لي أنه كان يجب أن أجري أنا الحوار معك! آنت كصحافي لديك أراء سياسية حادة وقوية، وعليك أن تكون موضوعياً في طرحك للقضايا، وأن تكون لك نظرة عامة.نحن ضد العنف^ نحن لسنا صحافيين فقط، ولكننا محللين ومراقبين للشأن البحريني عن قرب سواء على المستوى المحلي أو من خلال رد الفعل الدولي بالنسبة للأوضاع في المملكة. كيف تقيِّمون الاحتجاجات المسلحة التي تشهدها البحرين بين فترة وأخرى؟ وما رأيكم في فتوى رجال دين تدعو لسحق رجال الأمن ولجوء المعارضة لحشد الشارع واستخدام العنف ضد قوات الشرطة وقطع الطرق واستخدام قنابل المولوتوف والزجاجات الحارقة، «وتفجيرات العكر أقرب مثال»، إضافة إلى رفض المشاركة في الحوار مع الحكومة؟ - سؤالك يحمل طابعاً سياسياً. دعني أقول لك إن سياسة الولايات المتحدة دائماً واضحة في أنها تستنكر وتقف ضد كافة أعمال العنف أياً كانت، وقد أوضحنا ذلك لأعلى القيادات في الدولة، وليس هناك أي مجال لأعمال العنف سواء في الجدال والمناقشات والمشاحنات السياسية. والولايات المتحدة أعلنت إدانتها لكافة أعمال العنف، ودعت جميع الأطراف إلى استنكار أعمال العنف وتكثيف الجهود لوقف تلك الممارسات.^ كيف تقيّمون استعانة البحرين بالرئيس السابق لشرطة ميامي جون تيموني، وخبير الأمن البريطاني جون ييتس في ظل تطبيق المملكة لتوصيات لجنة تقصي الحقائق برئاسة البروفيسور بسيوني؟- أعتقد أن الاستعانة بكلا الشخصين عمل إيجابي، ويمثل ترجمة واضحة لتنفيذ إحدى توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق فيما يخص استتباب الأمن الداخلي، وتطوير قوات الأمن لتقنياتها وأسلوبها في التعامل مع الجماهير، خاصة المتظاهرين منهم، ولاشك في أن التدريبات تتم بطريقة مكثفة، ورأينا نتائج لهذا التدريب والنصائح التي قدمها المستشارون، وستكون لها ردود فعل إيجابية.^ بعض الدول العربية والغربية تسمح لرجال الشرطة بالدفاع عن أنفسهم واستخدام القوة لوقف الاعتداءات التي قد يتعرضون لها من مثيري الشغب.. كيف تقيِّمون ذلك الموقف؟- لا أستطيع أن أكون أكثر وضوحاً مما أنا عليه في إدانة كافة أشكال العنف، وأقول بكل وضوح كمواطن امريكي فإنني أناشد جميع الأطراف المعنية بضرورة الحوار وأساند ذلك، وفي الوقت ذاته، أدرك حق الشعوب في التظاهر السلمي والاحتجاج وهذا حق مكفول للجميع، وعلى الشرطة أن تراقب تلك الاحتجاجات، ولكنها قد لا تتحكم في الموقف عندما يكون العدد كبيراً سواء كانت التظاهرات سلمية أو غير سلمية، وقد تحدث اشتباكات، وعندئذ تضطر الشرطة للتدخل لوقف تلك الأعمال.من واجب الشرطة التصدي للعنف^ إذن، أفهم من الحديث أنه يجب على الشرطة أن تدافع عن نفسها إذا تعرضت لاعتداء.- أعتقد أن من واجب الشرطة التصدي للعنف وإيقافه، والقبض على مثيري الشغب والعنف وتقديمهم للمحاكمة.لكن في الوقت ذاته، هناك فارق بين التظاهر السلمي وأعمال العنف، وفي كثير من الأحيان هناك شعرة ما بين الموقفين ويصعب التفريق بينهما، ويكون الفارق بينهما مشوشاً، وربما ترد الشرطة بالقوة المفرطة، وهناك الكثير من القرى خاصة في الجزء الشمالي من البحرين يعاني الأهالي كل ليلة من إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع، وخلال الاحتجاجات السلمية وبعض الأحداث التي وقعت في تلك القرى كان رد فعل الشرطة فيها مبالغاً.- لتسمح لي أن أسرد لك موقفاً شخصياً تعرضت له؟(ضاحكاً): أنت تبحث عن المشاكسة في الحوار.^ أنا أعود من عملي في وقت متأخر، وفي إحدى المرات، وعلى الطريق الرئيس لجزيرة سترة، اعترض الطريق أكثر من 30 ملثماً وقاموا بقطعه بإطارات السيارات، وأوقفوا حركة المرور، ثم ألقوا البترول، وأشعلوا تلك الإطارات، وارتفعت ألسنة اللهب لمسافة 4 أمتار، والشرطة لم تكن موجودة، وكان مشهداً صعباً بالنسبة لي، لكن أدرك أنه يتكرر بشكل مستمر في شوارع رئيسة بالبحرين، هل تعتبر تلك الاحتجاجات سلمية؟! وهل يمكن أن يشعر الشخص بالأمان بسبب ما يحدث وأن يطمئن إلى إقامته في ظل تلك التهديدات؟ وإذا تعرضت لهذا الموقف وأنت دبلوماسي وسفير لأمريكا.. هل ستطمئن على إقامتك في البحرين؟- وما هو الوضع إذا كنت أنت في موقف عائلة تعيش في سترة، وترى أسرة ولديها أطفال، وعليهم أن يضعوهم في حجرة واحدة لمدة 3 أيام بعيداً عن قنابل الغاز المسيل للدموع.. هل ستستمرون في العيش في البحرين؟! إذن يجب على الجميع أن يجتمع وأن يتعاون الجميع من أجل إيجاد حل لأن جميع الأطراف ضحايا.^ لكن على مثيري الشغب التوقف عن تلك الممارسات حتى يمكن تطبيق الإصلاحات بشكل كامل؟- في رأيك ما هي الطريقة لوقف مثل هذه الممارسات؟!، أعتقد بالنسبة لي أنه على جميع الأطراف أن تتكاتف ويلتئم شمل البحرينيين، من أجل الحوار.^ أعتقد أنك قدمت الحل عندما تحدثت عن ضرورة تعاون جميع الأطراف والجلوس في الحوار، لكن كيف يحدث ذلك وهناك نوع من الاحتجاجات المسلحة يطلق عليها احتجاجات سلمية وهناك أعمال شغب وعنف تمارس في الشارع؟!- السفير الأمريكي لم يعلق على السؤال.^ ما هي الطريقة المثلى التي يجب على الشرطة في جميع أنحاء العالم اتباعها لمواجهة اعتصامات تؤدي إلى قطع الطرق وشل حركة المرور خاصة في المناطق الاقتصادية الحيوية التي تمثل رئة تلك البلاد حول العالم؟- في الولايات المتحدة نحن نسمح بالاعتصام لمدى قصير، أنا أعيش في واشنطن، وهناك احتجاجات كل أسبوع، ويتم غلق الشوارع، والشرطة تسمح بذلك، وعندما ينتهي الاحتجاج يتم فتح الشوارع. وهنا في البحرين الاحتجاجات مرة واحدة في الأسبوع.^ لكن الشرطة الأمريكية قامت بإخلاء الاعتصــامات من الحدائق والميادين العامة؟- عادة يحدث ذلك، إذا استمر المحتجون لأكثر من عدة أيام.^ لقد عزت الشرطة الأمريكية قرارها بإخلاء الاعتصامات إلى أنها تضر بحركة المرور، وتعرقل الاقتصاد، وتؤثر سلباً على البيئة، وكانت هناك شكاوى من مواطنين أمريكيين تضرروا من تلك الاعتصامات؟- كل أسبوع هناك احتجاجات، وأنا شخصياً شاركت في تلك الاحتجاجات عندما كنت شابا، وأعتقد أنه على الحكومة أن تسمح بالاحتجاجات السلمية، حتى وإن أغلقت الشوارع.^ البيانات الصادرة عن اجتماعات كبار القادة والمسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي تدعو إيران لعدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، خاصة فيما يتعلق بمملكة البحرين، ويؤكد مراقبون ومحللون أن إيران تتدخل في الشأن الداخلي البحريني، ويظهر ذلك جلياً من خلال الإعلام الإيراني الذي لا يتوانى عن نشر أخبار وتقارير عارية عن الصحة تؤجج التوتر في المملكة.. ما رأيكم في ذلك؟- نحن قلقون بشأن المواقف التي تتخذها إيران، كما إننا قلقون حيال برنامج إيران النووي، وإنتاجها لأسلحة نووية، ونشعر بالقلق أيضاً من دعم إيران للعنف والإرهاب خاصة في سوريا لذلك أقولها بكل وضوح، نحن نعتبر إيران تهديداً وخطراً.^ هل تمثل إيران تهديداً وخطراً للمنطقة أم للعالم ككل؟- إيران تمثل تهديداً وخطراً على الاثنين، المنطقة والعالم.^ دول مجلس التعاون الخليجي تنتهج سياسة تقوم على احترام سيادة الدول خاصة دول الجوار بما فيها إيران، والدليل أنها لا تتدخل في الشأن الداخلي الإيراني، والاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت في إيران في 2009 في أعقاب الانتخابات المثيرة للجدل التي فاز فيها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خير مثال على ذلك، في رأيكم، لماذا تتدخل إيران في الشأن الداخلي الخليجي بوجه عام؟- إلى الآن، أنا غير مقتنع أن إيران تتدخل في الشان الداخلي لدول مجلس التعاون، لكن «البروباجندا» الإعلامية والتقارير الإخبارية الصادرة عن الإعلام الإيراني لا تصدق وغير مقبولة، وأنا أقرأ وأتابع أخبارهم على الانترنت، وهم بكل وضوح يحاولون تأجيج الوضع، ولكن هذا أمر مختلف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي.^ لكن الإعلام الإيراني جزء من الدولة ويمثلها.. فما رأيكم؟- السفير الأمريكي (يجيب بقوة): أنا غير موافق على ذلك.لا أرى دليلاً على تدخل إيران^ هل تعتقدون أن هناك إعلاماً محايداً أو معارضاً في إيران؟! من المؤكد والمعلوم أن الإعلام الإيراني يتبع سلطة ولاية الفقيه والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي؟!- داخل إيران الوضع مختلف، ولكن إن كان سؤالك أن إيران تتدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي، أنا لا أرى أي دليل على ذلك، بخلاف «البروباجندا» الإعلامية والأخبار.^ الإعلام الإيراني جزء من السلطة ولا يوجد إعلام محايد في إيران كما لا توجد معارضة يسمح النظام بظهورها في إيران حتى يكون هناك إعلام معارض؟- أنا أتفهم سؤالك ولكن ما لهذا من مفعول أو أثر؟!التدخل الإيراني^ لماذا تحاول إيران أن تتدخل في شؤون الدول الأخرى وتؤجج التوتر فيها عبر إعلامها الرسمي، فهي تسلط قنواتها وإعلامها لإثارة الفتن، والتلفزيون الإيراني هو تلفزيون الدولة وتابع للحكومة الإيرانية كما إن قناة «العالم» تقوم بدور سلبي لنشر الأكاذيب؟- هناك الكثير من الأمثلة المؤسفة في المنطقة والعالم لصحف ومحطات تلفزيونية تؤجج التوتر في المنطقة. أنا عندما أقرأ جريدتكم وأرى في بعض أعمدة الرأي والمقالات أن هناك من يصف المعارضين بالصفويين والخونة، هذا أمر مثير ومؤجج، ألا تعتقد ذلك؟!^ صحيفة «الوطن» ليست متحدثة باسم الدولة، ومن يكتب في صفحة الرأي يعبر عن فكره، وليس بالضرورة أن يكون رأي الصحيفة، لكن حينما أتحدث عن التلفزيون الرسمي الإيراني فأنا أتحدث عن تلفزيون الحكومة ومن ثم تعتبر الحكومة الإيرانية سبباً في تأجيج التوتر!- السفير الأمريكي معقباً على السؤال: بشكل عام سيكون من الجيد لو أن جميع المؤسسات الإعلامية بدأت تخفف من حدة رأيها، والتوقف عن تأجيج التوتر.^ أعربت واشنطن عن استيائها من فشل المفاوضات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولون أمريكيون أن كل الخيارات متاحة لردع إيران النووية.. هل تتوقعون أن توجه الإدارة الأمريكية ضربة عسكرية لإيران؟ وهل تحتاج إلى مساعدة إسرائيل؟ وهل يمكن أن تتخذ إسرائيل قراراً أحادياً بضرب إيران دون الرجوع لأمريكا؟- البرنامج النووي الإيراني يمثل أزمة تختلقها الحكومة الإيرانية ونأمل التوصل إلى حل عبر المفاوضات، ولا نعتقد أن التدخل العسكري سيكون ضرورياً طالما أن المفاوضات والطرق الدبلوماسية تبدي بعض الآمل وقد تؤدي إلى حل للأزمة.^ هل تتوقعون حلاً سليماً للأزمة النووية الإيرانية؟- أتمنى ذلك.^ لكن عدداً من المسؤولين الأمريكيين أكدوا أن الخيار العسكري قائم لردع إيران ولمنعها من امتلاك السلاح النووي؟- أتمنى ألا يحدث ذلك.الانسحاب الأمريكي من العراق^ يواجه العراق أزمة سياسية بعد الانسحاب الأمريكي من العراق، خاصة بعد استهداف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للساسة السنة، وخلافه مع حلفائه السابقين عمار الحكيم ومقتدى الصدر، ومشاكله مع إقليم كردستان العراق، وقد نجا من اقتراع بسحب الثقة عن حكومته، وعزا خصومه السياسيين ذلك إلى ضغوط تمارسها إيران لبقاء المالكي في الحكم، كما إن واشنطن تدعم المالكي.. ماذا ترون من حلول لإنهاء المشكلة السياسية بالعراق؟- الانسحاب الأمريكي من العراق كان قراراً مشتركاً بين الشعبين العراقي والأمريكي، لقد حان الوقت للانسحاب، والآن لدى العراق أول حكومة منتخبة منذ سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين، والتي تمثل جميع أطياف المجتمع العراقي، وأعتقد أنها حكومة متماسكة ولن تنكسر بسهولة، نحن وجميع دول المنطقة يجب أن ندعم الحكومة العراقية.^ لكن إيران تدعم حكومة المالكي في تهميشه للسنة بالعراق وتتدخل في الشأن الداخلي العراقي؟- السنة أقلية في العراق، وهم ممثلون بأقلية أيضاً، وهذا ليس تهميشاً، والديمقراطيون أقلية في أمريكا.^ قبـــــــــل وقت قصير، قــــــــــــال أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي، إنه علينا أن نذكر المالكي يومياً بضرورة مشاركة السنة في صنع القرار بالعراق، ما تعليقكم على ذلك؟- (ضــــاحكاً): هــــــذا رأي عضو واحـــد من بين عــــدد أعضاء الكونغرس البالغ عددهم 432 عضـــــواً، ولــــكـــــل واحـــــد منهم رأي مختلف، وأتمنى لهم التوفيق، وأنا أقدرهم كلهم.