الحمدلله أننا ننتمي إلى جماعة يعتبر رفض الخطأ واستنكاره والدعوة لمحاسبة مرتكبيه نهجاً وسلوكاً. وفي اعتقادي هذا هو الأصل في طبيعة شعب البحرين، طبيعة غير متعصبة تعصباً جاهلياً. لذلك كان سلوكاً بحرينياً أصيلاً أن تدين قيادات الجمعيات السياسية ورجال الدين والكتاب والصحافة والمسؤولين الفعل الذي ارتكبه بعض من أبنائنا البحرينيين على المحلات التجارية أو على أهالي منطقة العكر، لأن طبيعة أهل البحرين الأصيلة لا تجامل في الحق، والصف الذي يحرص عليه البحريني كان صف الحق، والحرص على عدم الاصطفاف إلى جانب الخطأ، هذه سمعة أهل البحرين التي بها اشتهروا وعرفوا، ولم يكن يعرف البحريني عند أهل الخليج بشيعيته أو سنته، بل كان البحريني طوال عمره بالنسبة إلى أهلنا في الخليج “بحرينياً” فحسب.الحمد لله أننا من شعب لا يتعصب لأهله تعصب الجاهلية، الحمد لله أننا نملك جرأة الاقتداء برسولنا الكريم في مبدأ “لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”. لذلك سعدت حين رأيت الإدانة الجماعية، فما وجدت صحيفة أو خطبة جمعة إلا وأدانت هذا الفعل واستنكرته، وهذا هو أصل البحرين قبل أن تدخل عليه الأفكار الدخيلة التي جعلت من السكوت على الخطأ وعدم إنكاره ورؤية الخطأ وعدم إدانته نهجاً ومسلكاً، فأفسدت علينا أصالتنا وشقت مجتمعنا نصفين؛ نصفاً يأخذ على يد المخطئ ويدينه ونصفاً يأخذ بيد المخطئ ويشجعه، وشتان بين الموقفين. لهذا كنا ننتظر من أهالي القرى ومن أهالي المناطق العودة لتلك الروح الأصيلة وأن يتصدوا هم -كما تعودنا من أهل البحرين- لبعض من أبنائهم حين يخرجون لقطع الطرق وحرق الإطارات وحرق الحاويات ورمي المولوتوف والأسياخ والحجارة، وأن يأخذوا على يد المخطئ منهم، لا أن يكونوا عوناً للشيطان. توقعنا أن نرى روح البحرين الأصيلة فتبدأ الحملة بإعلان التبرؤ من هذه الأفعال وإنكارها والاعتراف بخطأ بعض أبنائهم، تماماً مثلما فعلت الجماعات الأخرى حين شجبت وأدانت واستنكرت برجال دينها وبقيادات جمعياتها السياسية، وحتى بمسؤوليها فعلاً مشيناً وقع من أبنائها ولا تطلب إعفاءهم من العقاب.ما لم يُؤخذ على يد المخطئ من جماعته، فإن البحرين لن تعود البحرين وسمعة البحريني لن تعود كما كانت.. لو صنعنا مليون حل سياسي فإن الضرر النفسي والاجتماعي قد وقع. إن كان رجال الدين والقيادات السياسية في تلك المناطق هم من يقفون وراء تلك الجرائم، فما الذي يجبر أهل القرى على السكوت وتركهم يتاجرون لا بأبناء القرى فحسب، بل بسمعة أهل القرى ومكانتهم، والغريب أن أبناء رجال الدين وأبناء القيادات السياسية تحت اللحاف متدثرون.لقد أفسدوا علاقة الجماعة بإخوانهم في الوطن، وأفسدوا سمعة الجماعة في المحيط الخليجي، وذلك لم يحدث طوال التاريخ، فالتعايش كان سمة الجماعات والطوائف في منطقتنا، والسمعة الطيبة هي سمة أهل البحرين دون أن يميزوا أو يعرفوا أهل الخليج مذهب هذا البحريني أو من أي منطقة هو؟اليوم أحدث ذلك الحزب جرحاً عميقاً داخل الجسد البحريني، وأساء لسمعة أهل البحرين، وكلنا نعرف حجم الضرر، فإن كان هذا الحزب وصحيفته ينكرون لكم ذلك الأثر فلاشك أنكم تلمسونه وتعيشونه، وقد تزين لكم صحيفتهم الحال وتجمله، وقد تأتي بشخصية هنا بحرينية أو شخصية خليجية أو حتى أجنبية تقول لكم إن الحال لم يتغير، لكنكم تعرفون -كما نعرف وتسمعون كما نسمع وتعايشون كما نعايش- أن واقع الحال غير ذلك، وغير ما يجملونه لكم، واقع الحال يقول إن شرخاً كبيراً حدث بين الجماعة ومحيطها البحريني، وشرخاً كبيراً حدث مع محيطها الخليجي، بل وحتى مع محيطها العربي، ولن تعود اللحمة ولن تعود السمعة إلا بعد أن يأخذ الكل على يد المخطئ ويكون الاستنكار جماعياً، حينها ممكن أن تعود العلاقة إلى أصلها الثابت وإلى طبيعتها الفطرية، ويعود الخليجي والعربي يرى أهل البحرين كلهم بلا تمييز بينهم، فلا يسألنا كما هو الحال الآن (أنت بحريني سني وإلا بحريني شيعي؟!)
هل نأخذ «على» أم «بيـــــــد» المخطــــــئ؟
27 مايو 2012