أصدرت المحكمة الجنائية البحرينية، أمس، حكماً بالسجن 4 سنوات على الرئيس التنفيذي السابق لبنك الخير (بنك يونيكورن للاستثمار سابقا)، بعد إدانته بتهم الاختلاس وخيانة الأمانة وسوء استخدام أموال البنك وإهدارها وإتلاف وثائق مهمة خاصة بالبنك، وتعمد إعاقة وصول مساهمي البنك والجهات المخولة الأخرى إلى مستندات البنك. وحكمت المحكمة، التي عقدت جلستها برئاسة القاضي منصور أضرابوه وأمانة السر يوسف العصفور، على موظف سابق في البنك بالسجن لمدة سنة بعد إدانته بالاشتراك مع المتهم الأول «الرئيس التنفيذي» ومساعدته في الاستيلاء على أموال البنك وتبديدها.وقالت فاطمة الحواج محامية المدعي بالحق المدني، في مذكرتها إن تقرير الخبير المحاسبي لشركة ديلويت، أثبت أن المتهم اختلس أموالاً من المدعي بالحق المدني تقدر بـ 10.4 مليون دولار أمريكي هي دفعات غير مصرح بها بنية الاستيلاء على هذه الأموال بنحو دائم، من حساب مصرفي سري أسسه البنك لصرف مكافآت موظفي البنك وحوافزهم، واتفق البنك مع شركة (ك، ب، ا، ج) على إدارة هذا الحساب. كما اختلس المتهم الأول والثاني مبلغ 490 ألف دولار أمريكي من الحساب السري العائد لبنك المدعي بالحق المدني وتحويله إلى حساب شركة يملكها المتهم الثاني كأتعاب استشارية بنية الاستيلاء على هذا المبلغ من دون وجه حق، كما تم تزييف الحقائق المحيطة بملابسات إبرام العقد الاستشاري مع الشركة بتزوير المتهم الأول والثاني تاريخ إبرام العقد، إذ تم تسجيل العقد بتاريخ 1 يناير 2010 بينما حقيقة الأمر أن هذه الاتفاقية تم توقيعها في يوم 20 يونيو 2010 وألغاها المتهم الأول بعد ذلك بثلاثة أيام أي في 23 يونيو 2010، أي أن المبلغ السالف الذكر دفع لقاء اتفاقية استمرت لمدة ثلاثة أيام فقط. وأشارت الحواج إلى اختلاس المتهم الأول مبلغ مليون دولار هي دفعة إلى البنك من إحدى الشركات كإيرادات مستحقة للبنك، بعد أن وجه المتهم الشركة بتحويل المبلغ على الحساب السري بدلاً من العادي، ومن ثم وزع المبلغ على نحو مكافآت له ومجموعة من موظفي البنك من دون الحصول على موافقة لجنة المكافآت أو مجلس إدارة البنك. وتواصلت اختلاسات المتهمين الأول والثاني، ففي تاريخ 30 يونيو 2009 وبتوجيه من الأول رئيس الموارد البشرية في البنك المدعي بالحق المدني والمتهم الثاني بتوقيع اتفاقية قرض حسن بمبلغ 965 ألف دولار لصالح المتهم الثاني، وبعد ذلك أمر المتهم الأول بدفع لهذا المبلغ من الحساب السري، وإخفاء الأمر عن دائرة الشؤون القانونية وقسم الشريعة وقسم الالتزام وقسم المالية ومجلس إدارة البنك واللجان التابعة له، في مخالفة صريحة للوائح مصرف البحرين المركزي والتي تنص على وجوب موافقة المصرف على أي قرض حسن لأي موظف إذا كان المبلغ يزيد على 100 ألف دينار بحريني. وفيما يخص باقي التهم دفعت الحواج ثبوت اقتراف المتهم الأول بمساعدة معاونيه لجريمة إتلاف مستندات تخص البنك، وهو ما أثبتته كاميرات المراقبة وأقوال الشهود، وتهمة الاستيلاء على مكافأة أكبر من المنصوص عليها في عقد البنك ونظامه الأساسي حال كونه المدير التنفيذي للبنك، ومنع مجلس الإدارة من الاطلاع على الوضع الحقيقي للبنك، وثبوت الاتهام المسند إلى المتهم الثاني باشتراكه في الجرائم المرتكبة من قبل المتهم الأول. وطالبت الحواج بإلزام المتهمين بالتضامن أن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ 450 ألف دينار على سبيل التعويض المدني المؤقت والفائدة القانونية. وكان مجلس إدارة بنك الخير وافق في اجتماع عقده نهاية النصف الثاني من العام 2010 على تجريد «الرئيس التنفيذي» من صلاحياته كرئيس تنفيذي للبنك بعد ظهور أول علامات الشك بنزاهته، وأظهرت التحقيقات اللاحقة التي أجرتها شركتا برايس ووترهاوس كوبرز وإيرنست آند يونغ، إضافة إلى مكتب المحاماة الشهير لاثام آند واتكينز، سلسلة من الممارسات الاحتيالية وغير القانونية التي ارتكبها الرفاعي، وعلى إثر ذلك أنهى البنك خدماته في أغسطس 2010. وفي سبتمبر 2010 رفع بنك الخير قضية جنائية ضد «الرئيس التنفيذي» أمام النائب العام لمملكة البحرين الذي عيّن بدوره شركة الاستشارات العالمية، ديلويت، لإجراء تحقيق مستقل حول الموضوع، واستنتج التقرير الذي أعدته الشركة أن الرفاعي ومعاونيه ارتكبوا 58 مخالفة جنائية خلال فترة عملهم في البنك تتعلق بنحو رئيس بمعاملات وأعمال قام بها الرفاعي من دون موافقة مجلس الإدارة، ومن بينها الاختلاس وخيانة الأمانة وتخصيص وهدر أموال البنك بنحو شخصي، وإتلاف أكثر من 8000 وثيقة من وثائق البنك، ومنع شركاء البنك والشركات الزميلة وغيرها من الكيانات المخولة من الإطلاع على مستندات البنك، وهو ما شكل مخالفة لقوانين مملكة البحرين وقواعد ونظم مصرف البحرين المركزي.يذكر أن هذا هو الحكم الثالث لصالح بنك الخير في مواجهة الرئيس التنفيذي السابق، إذ حكمت غرفة البحرين لتسوية المنازعات لصالح البنك في شهر مارس 2012 عندما قضت برفض الدعوى القضائية التي أقامها «الرئيس التنفيذي» ضد البنك مطالباً بتعويض قدره مليون دينار بحريني بسبب إنهاء خدماته كرئيس تنفيذي، كما حكمت المحكمة الكبرى المدنية الخامسة لصالح البنك أيضاً في مايو 2012 عندما قضت برد الدعوى التي تقدمت بها مجموعة مرتبطة بالرئيس لإلغاء القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للبنك في أكتوبر 2011 بإقرار عزله من منصب الرئيس التنفيذي وبعزله من مجلس الإدارة، وتفويض مجلس الإدارة بملاحقته قضائياً.وتجري حالياً محاكمة الرئيس التنفيذي في قضية جنائية ثانية متعلقة بتهمة تزوير النظام الأساسي للبنك، كما تتم محاكمته أيضاً في قضية جنائية ثالثة هي تهم غسل الأموال والنصب والاحتيال وجمع التبرعات بنحو غير قانوني.وبعد صدور الحكم، أمس، علق رئيس مجلس إدارة بنك الخير يوسف الشلاش، قائلاً: إننا سعداء بانتهاء هذه القضية إذ بإمكاننا، الآن، الاستمرار في تركيز جهودنا على تنمية أعمالنا. وأضاف: إن أولويتنا دائماً هي حماية مصالح جميع مساهمينا ومستثمرينا ومستقبل بنك الخير على المدى الطويل، وسنظل نعمل بدأب لضمان أن يكون البنك في وضع قوي يمكنه من الانتعاش وتحقيق أهدافه الإستراتيجية بعيدة الأمد.