كتب - محرر الشؤون السياسية:شدد عضو مجلس الشورى أحمد بهزاد على أن مملكة البحرين ستتعافى وتعود إلى سجيتها نموذجاً للتعايش والاستقرار، رغم ما أحدثته الأزمة من بعض الأضرار والتشققات في النسيج الاجتماعي بسبب إشعال نار الطائفية، مؤكداً ثقته في تمكّن القيادة وعقلاء المجتمع من إعادة اللحمة إلى سابق عهدها بل ستكون أفضل إذا ما فطنت الكوادر الوطنية في الجمعيات السياسية إلى أهمية الاستقرار وأن البحرين لا يمكنها أن تزدهر بدون العمل المشترك وتلاحم فئات المجتمع.وقال بهزاد، في حوار، إن بقاء مجلس الشورى كأحد غرفتي السلطة التشريعية تطعيم للسلطة التشريعية بخبرات اقتصادية وسياسية وقانونية ومهنية قد لا تكون لها حظوظ عبر صناديق الاقتراع لأسباب لا يجهلها أحد يتابع واقع الانتخابات منذ الفصل التشريعي الأول، وهذا الشرط في عدم وجوده قد يؤدي إلى عقم حقيقي وتخبط غير محمود لأداء السلطة التشريعية ليس لنقص في الوطنية أو الرغبة لكن نقص في الخبرة والتخصص.وأكد أن البحرين الدولة العربية الأصغر لكنها تعاملت مع الأزمة بحكمة بالغة تفوقت بها على دول عربية كبرى سقطت سقوطاً مدوياً وانهارت أجهزتها أمام أول امتحان، موضحاً أن البحرين تسلحت بكل اشتراطات حقوق الإنسان وإن حاول البعض تشويه الواقع وتلفيق التهم حول مصادرة حق التعبير والاستخدام المفرط للعنف من قبل رجال الأمن في الوقت الذي بسبب المرونة التي أبداها رجال الأمن وقعت إصابات بينهم وصلت في بعضها إلى الوفاة وهذه أمور موثقة بالصوت والصورة.وإلى تفاصيل الحوار:^ كيف تقيم أداء مجلس الشورى في الفصل الثالث حتى الآن بعد أن انقضى دوران منه؟.- قبل أن أقيم أداء مجلس الشورى ينبغي أن نعرف بأن هذا الفصل خصوصاً ينعقد في ظل ظروف استثنائية على مختلف الأصعدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً فرغم الانشغال التام منذ أكثر من عام وحتى الآن حيث اشتعال الأزمة السياسية ثم استقالة عدد من النواب وما تبعه من تداعيات ثم الانتخابات التكميلية ليأتي بعدها الحوار الوطني تلاه تشكيل اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق وصولاً إلى تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الشورى وعضوية عدد كبير من الشوريين لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق التي رأسها البروفيسور بسيوني.رغم كل تلك المجريات الهامة والكبيرة إلا أن مجلس الشورى تحديداً ناقش وقدم العديد من مشاريع القوانين كما قدم كثيراً من الأسئلة خلال الدور الأول تفعيلاً لدوره الرقابي، واستمر الأمر حتى تعديل القانون الذي بموجبه أصبح ليس من حق أعضائه تقديم الأسئلة، ناهيك عن إسهام أعضاء مجلس الشورى بفاعلية في حوار الوحدة الوطنية حيث تم تقديم رؤى من شأنها أن تساهم في رسم مستقبل الدولة وتحقيق أحلام وطموحات الشعب البحريني.أعتقد أن العمل في الشورى كان التركيز فيه على الكيف وليس الكم، لذا فإن المشروعات التي أنجزت والمواضيع التي أشبعت نقاشا ًكانت ذات قيمة كبيرة.لكن المتابع سيلاحظ أن تلك المشاريع لم يصاحبها زخم إعلامي وهو ما جعل الكثير من المراقبين يعتقدون بانخفاض عطاء الشورى ومستوى الأداء فيه، القضية كلها أن الإعلام انشغل في تغطية مجريات الواقع السياسي البحريني حيث اندلاع الأزمة وحدوث تطورات يومية وجد الإعلاميون ووسائل الإعلام فيها ضالتهم فانشغلوا عن التوسع في تغطية ما يحدث في السلطة التشريعية بصورة عامة وفي مجلس الشورى بصورة خاصة.إذن أداء مجلس الشورى جيد واستطاع الأعضاء أن يحققوا توازناً معقولاً في توزيع جهودهم بين المهام الكبرى التي أسندت للسلطة التشريعية في الحوارات التي تمت، أما إذا كنت تسأل عن رضاي التام عن الأداء فهذا أمر صعب لأنني مهما قدمت ومهما قدم مجلس الشورى سيظل طموحنا ورغبتنا في العطاء ودعم قضايا الناس أكبر مما نقدم لذا فإننا لا نزال نملك ما يمكننا تقديمه وأتمنى من الزملاء أن يبذلوا مزيداً من الجهد فالبحرين وشعبها يستحقان أن نوليهما عنايتنا بطاقتنا القصوى.جدوى المجلس^ إلى أي حد استطاع مجلس الشورى أن يثبت عكس ما تذهب إليه بعض التيارات في الشارع من عدم جدواه؟- لا أريد أن أصادر رأي الآخرين لكن علينا مقارعة الحجة بالحجة لنصل إلى نتيجة نرتضيها جميعا، تمشياً مع هذه الرؤية الإنسانية الراقية أقول إنه لا يوجد موضوع أعلى من أن يطرح للنقاش بالأساليب الحضارية، ومناقشة جدوى مجلس الشورى من عدمه أمر قابل للتداول طالما المصلحة العامة هي الهدف.أنا شخصياً أرى أن مجلس الشورى أمر ضروري وهام لأسباب موضوعية عديدة أوجزها في مسألة الحفاظ على التنوع مهما كانت نتائج الانتخابات النيابية، ثانياً منح المرأة مساحة كافية للمساهمة في سلطة التشريع التي قد تحرم منها إذا ترك الأمر لصناديق الاقتراع وحدها وعلينا أن لا نتجاوز تركيبة بنية الناخبين البحرينيين بصورة خاصة والخليجيين بصورة عامة، التي من شأنها مرحلياً حرمان المرأة من أداء دورها المهم والأساس في التشريع والرقابة أيضاً.كما إن من أهم أسباب ضرورة بقاء مجلس الشورى كأحد غرفتي السلطة التشريعية هو تطعيم السلطة التشريعية بخبرات اقتصادية وسياسية وقانونية ومهنية قد لا يكون لها حظوظ لدى صناديق الاقتراع لأسباب لا يجهلها أحد يتابع واقع الانتخابات منذ الفصل التشريعي الأول، وهذا الشرط في عدم وجوده قد يؤدي إلى عقم حقيقي وتخبط غير محمود لأداء السلطة التشريعية ليس لنقص في الوطنية أو الرغبة لكن نقص في الخبرة والتخصص.والأهم من كل ما تقدم هو التجربة العملية حيث أثبت مجلس الشورى في كثير من الأحيان بأن القيمة التي يعول عليها في تراكم الخبرة لدى السلطة التشريعية بغرفتيها، ناهيك عن أنه أضفى على كل المشاريع البعد العلمي لاعتماده على إسناد وتدعيم قراراته بالدراسات وإعداد البحوث وهذا بلا شك دعم المشاريع وجعلها أكثر واقعية من جهة وأكثر تطوراً من جهة أخرى، وهذا بلا شك لا يقدح في أداء النواب لكنه يكمله ويدعمه ويجعل من الغرفتين يعملان في ظل تناغم وتعاون يرتقي بالبحرين ويلبي تطلعات الشعب بكل أطيافه وفكره.أنا شخصياً أرى بأن البحرين أحسنت اختيار شكل ومضمون سلطتها التشريعية وهذا ما سيمهد إلى أن تكون السلطة التشريعية البحرينية من أكثر التجارب القادرة على التعامل مع الواقع والمطلوب منها لتطويره بل والأكثر بروزاً في المنطقة.ربما على البعض ممن يناهضون وجود مجلس الشورى كجزء أصيل من السلطة التشريعية إعادة حساباتهم في بعض الشعارات المعلبة التي تم الترويج لها باعتبارها مظلومية تمترس خلفها المتشددون دون أن تكون لديهم نظرية مسنودة من الواقع أو العلم حول جدواها وفائدتها لمعالجة قضايا التشريع والرقابة، ليس من العيب أن يصل الشعب البحريني إلى مبتغاه وطموحاته عبر مشاريع ينجزها مجلس الشورى بالضبط كما هو الحال إذا تم إنجازها عبر مجلس النواب، الأهم في الأمر هو تحقيق ما نصبو إليه وتحقيق المنفعة لكل فئات المجتمع.ثالثاً: كيف تقيم أداء مجلس النواب بتشكيلته الحالية؟ينطبق على مجلس النواب ذات الأمر الذي ينطبق على مجلس الشورى بالنسبة للظروف الحساسة التي مررنا بها جميعاً، لكن ما يميز المجلس النيابي هذا الفصل هو التنوع الكبير رغم أن هذا الأمر جاء على حساب الخبرة ومستوى التعاطي مع الأدوات التشريعية والرقابية والاستفادة التامة من كامل المساحة التي تتيحها لهم اللائحة الداخلية.خلاف ذلك فإنني أدعو إلى التريث في تقييم تجربة مجلس النواب للدورين السابقين لانهما شهدا استقالات وانتخابات تكميلية فمن دخل المجلس جديدا على هذه السلطة يحتاج وقت أكبر ليتأقلم مع واقعه الجديد ويعرف كيف يتعامل مع استحقاقات الكرسي الذي يجلس عليه وهذا أمر طبيعي، أنا أعتقد شخصياً بأن نهاية الدور القادم بإمكاننا تشكيل وجهة نظر واضحة عن مستوى أداء المجلس بصورة عامة حينها يكون كل نائب أخذ فرصته كاملة ليتعلم ويقرأ ويطلع ويتابع ويبحث.الانتخابات التكميلية^ الانتخابات التكميلية أفرزت ظاهرة في غاية الأهمية وهو أن جميع الفائزين بالمقاعد شباب تقل أعمارهم عن الخمسين بل لا يزال بعضهم في العشرينات من عمره، كيف ترى تأثير ذلك على مستوى أداء المجلس؟- كما أسلفت علينا الانتظار لنتمكن من تقييم تجربة مجلس النواب في فصله الثالث تقييماً واقعياً وعلمياً بإمكان القارئ أن يعول عليه، لكن حول ظاهرة الشباب الذي احتل مكاناً بارزاً في مجلس النواب والسلطة التشريعية بصورة عامة أنا اعتبرها ظاهرة هامة والشباب البحريني جدير بأن يحدث الفرق أينما يضع قدمه، ونحن نرحب بهم وندعوهم إلى بذل المزيد ليتعلموا فالتجربة غنية وكبيرة ولا أحد منا شباباً كانوا أو شيوخاً يصبح أكبر منها كلنا نتعلم، ربما على الشباب أن يتعلموا أكثر ويبذلوا جهوداً أكبر في هذا المضمار لأن المستقبل امامهم.في هذا الشأن أود أن أقول للشباب في مجلس النواب الذين يشكلون كتلهم عليهم أن يتعاملوا مع دورهم الحالي باعتباره شأناً عاماً ولجميع الناس في البحرين حق عليهم مهما اختلفوا معهم فكرياً أو عقائدياً أو مذهبياً أو غيرها من الفروقات، فكل مواطن ومقيم على هذه الأرض له حقوق دستورية على النائب أن يعمل لتحقيقها له دون تمييز أو تفضيل أحد على سواه، إذا استطاع الشباب أن يراعوا هذه القاعدة الأساسية في عملهم البرلماني فإنهم بلا شك سينجحون وسيحققون تراكماً مشرفاً للتجربة البرلمانية في البحرين.الأزمة^ الأزمة البحرينية التي عصفت بالبلد كيف تقيم تجربة البحرين بين مجمل تجارب العالم العربي الذي عانى في أغلبه من هذه الأزمات التي أطلق عليها المستفيدون منها بالربيع العربي؟- يا أخي لا يوجد ربيع في العالم كل الزرع فيه أشواك وأوراق يابسة محترقة، هذه التسمية المراوغة ليست سوى قناع لبسه البعض ليبيض وجهاً ليس فيه جمال، فكل النتائج التي أطلق عليها نتائج الربيع العربي هي دمار وتدهور لا أريد أن أركز على بلد بعينه لكن كل تلك الدول تعاني وتتسول في السوق الدولي لمن يمنحها ويعطيها لتدفع مرتبات الموظفين ومتأخرات أقساط ديونها دون جدوى أو فائدة، من يصدق الأجنبي بأنه يخاف عليه ويسهر من أجل راحته ويعرض قواته وأمواله للخطر من أجل سواد عيونه فإنه يكون ساذجاً وواقعاً في التهلكة لا محالة، وما حدث في العراق لدليل قاطع على ذلك، هذا والعراق بلد لا يزال مكتنزاً بالنفط لكن ديونه فاقت قدرته ليس على الأداء فقط بل قضت على كل قدرته على النمو والعودة لطريق التعافي ربما لعشرات السنين ما يجعل العالم يسبقه بمراحل فيقبع هذا البلد وشعبه في التخلف أبد الآبدين.أما إذا أردت تحليلاً لإجراءات البحرين في التعامل مع هذا المد، فإنني فخور أن أقولها بملء الفم بأن البحرين الدولة العربية الأصغر لكنها تعاملت مع الأزمة بحكمة بالغة تفوقت بها على دول عربية كبرى سقطت سقوطاً مدوياً وانهارت أجهزتها أمام أول امتحان، كما إن البحرين تسلحت بكل اشتراطات حقوق الإنسان وإن حاول البعض تشويه الواقع وتلفيق التهم التي كانت تدور حول تهم مثل مصادرة حق التعبير و الاستخدام المفرط للعنف من قبل رجال الأمن في الوقت الذي بسبب المرونة التي أبداها غالبية رجال الأمن وقعت إصابات بينهم وصلت في بعضها إلى الوفاة وهذه أمور موثقة بالصوت والصورة.مرة أخرى أقول رغم كل الادعاءات إلا أن القيادة في مملكة البحرين استطاعت أن تسطر درساً هاماً على صعيد التعامل مع الأزمات، وقد اتخذ جلالة الملك عدداً من الإجراءات تدرج بها حتى بلغ مرحلة تشكيل اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق في إشارة صريحة لرغبة جلالته الصادقة في إعطاء كل ذي حق حقه، وقد شهد العالم تلك اللحظة التي أثبتت القيادة في البحرين أنها رغم العنف الذي بادر به المسؤولون عن تأزيم الشارع إلا أنها لا تزال تعتبر الجميع ابناءها وأنهم في كل الحالات ينبغي أن يأخذوا حقهم فتم قبول كافة توصيات اللجنة المحايدة لتقصي الحقائق، ليسدل الستار على الأزمة البحرينية نتيجة للحكمة التي تم التعامل بها مع الأحداث، وتيقن العالم بأن ما يحدث في البحرين يختلف اختلافاً جذرياً عما يحدث في بقية العالم العربي من تحرك في الشارع، كما شهد على أن القيادة تمتلك رغبة صادقة في تسريع إجراءات الإصلاح التي كان قد بدأها جلالة الملك قبل عشرة اعوام.أعتقد أن هذه المرحلة الحرجة والانعطافة السياسية الخطيرة التي مرت بها البحرين تحتاج إلى توثيق محايد يعتمد أسلوباً علمياً في رصد الوقائع، حيث إن هذا التوثيق سيرسخ الدرس الهام الذي ستستفيد منه كل شعوب وأنظمة المنطقة، فما مررنا به حمل مضامين هامة ومعقدة على مختلف الأصعدة سواء السياسي بالدرجة الأولى وحتى الاقتصادي والاجتماعي، فالتحديات كانت كبيرة والدرس كان قاس نأمل أن تتجنب بقية دول المنطقة هذا المحك الذي تمكنت البحرين من تجاوزه بحكمة القيادة ورغبة الشعب في العودة إلى الاستقرار واستئناف طريق التنمية والحضارة.كنت أتمنى من الذين يزعمون بأنهم معارضة واقترفوا أخطاء فادحة تحت هذا المسمى ونحو منحى تأزيمياً عنيفاً أن يعيدوا التفكير في كل مجريات الأزمة وأن يضعوا يدهم على الأخطاء ويعترفوا بها تمهيداً لتفاديها وإصلاحها والتعامل بجدية مع تداعياتها، ليس من العيب أن نعترف بوقوعنا في الخطأ، بل العيب هو الاستمرار في اقتراف الأخطاء والمكابرة فهذا الأمر لا يبني الأوطان ولا يؤسس لحضارة أو نهضة، ولكي تتطابق الأقوال مع الأفعال عليهم أن يعيدوا الحسابات بما يمليه عليهم ضميرهم الوطني وواجبهم تجاه وطنهم وابنائه.رغم كل ما مر ورغم كل الجراح التي أدمت المجتمع البحريني فإن خبرتي بهذا الشعب تؤكد لي بأن البحرين عائدة إلى طريق الأمان والاستقرار والوئام الذي تميزنا به طوال السنين، فالبحرين هي رمز من رموز التعايش في المنطقة ليس فيما يتعلق بالشيعة والسنة والطائفية التي تتردد هذه الأيام ولم يكن لها مكان في السابق من الأوقات بل بين جميع الأديان وجميع الأعراق والأفكار، إنها أرض المحبة والتسامح، فليطمئن الجميع، البحرين عائدة إلى سجيتها المسالمة التي تؤمن بالعمل المشترك لبناء الحضارة.تطبيق القانون^ جلالة الملك في أكثر من مناسبة شدد على تطبيق القانون على الجميع بالتساوي كيف تقيم أهمية هذا الإجراء؟ وأين البحرين من تجسيد دولة القانون التي طالما أكدت القيادة والشعب على أهمية بلوغ هذا الهدف؟- أنا شخصياً من أكثر المقتنعين بأن التنمية والنهضة على مختلف الأصعدة وخصوصاً على الصعيد الإنساني ينبغي أن تتدرج إلى أن تصل إلى مرحلة تلبي طموح الجميع هذا إذا أردنا ان تكون حضارتنا عريقة ومؤسساتنا رصينة، لذلك فإن جلالة الملك منذ بدء مشاريع الإصلاح حقق فصولاً مشهودة على صعيد تطوير مشاريع الإصلاحات فإذا كانت البداية تدشين الحياة النيابية واعتماد مبدأ الفصل بين السلطات وهو أهم أرضية بالإمكان البناء عليها كل ما له علاقة بالتطور الإنساني، فإن التعديلات الدستورية وسن القوانين وتدشين الإصلاح الاقتصادي يعد فصلاً جديداً من فصول الإصلاح المرسومة والمخطط لها سلفاً.لذا فان دولة القانون هي ما تتجسد لنا اليوم ونعيشها بفخر، كما إننا نسير بسرعة معقولة وبجدية ملحوظة جهة استكمال المشروعات الإصلاحية وتحويلها من نظريات إلى واقع معاش ننعم بنتائجه ويفخر كل بحريني انه حقق هذه المنجزات عبر وضع يده في يد قيادته ليسجل درسا تستفيد منه دول المنطقة في كيفية بناء النهضة.إن حرق المراحل في عملية التنمية وبناء الدولة الحديثة ليس مفيداً لأن هذه المشاريع الوطنية لا يمكن تنفيذها إلا بأيادي الكوادر الوطنية وهذا يتطلب تدريبهم وتعليمهم وإكسابهم خبرات تمكنهم من جعل هذه المنجزات تصب في الجانب الإيجابي من الحياة، لأن مع وضع أدوات ذات خطورة على مصير نهضة الدولة في يد من لا يعرف استخدامها قد تؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها، وأنا شخصياً مؤمن بأن عشر سنوات في عمر الشعوب تعد بمثابة عشرة أشهر في عمر الشخص إن لم تكن أقل، لذا علينا أن نكون على قدر مسؤولية طموحاتنا ولنتعامل معها بفطنة كافية لنعرف كيف لنا تحقيق أحلامنا بالصورة والطريقة الصحيحة كي لا تنقلب إلى كوابيس تؤخرنا عن ركب الأمم. أما فيما يتعلق بمطالبة جلالة الملك لأركان الدولة تطبيق القانون فهذا نابع من حكمته بأن احترام تطبيق القانون هو أول ضمانة للمواطنين لأخذهم لحقوقهم دون منة أو إهانة، كما إنها القاعدة الأساسية التي بنت عليها الدول المتقدمة حضارتها التي نشهدها اليوم، والمطالبة بتطبيق القانون التي دائما ما يؤكد عليها جلالته هي تطبيقها على الجميع دون تمييز لتتحقق العدالة الضرورية فيما نطلق عليه بدولة القانون. ينبغي أن ننظر إلى جلالته باعتباره المعني برسم شخصية وهوية الدولة البحرينية ومن يمسك بدفة السفينة وهو قد أثبت نجاحاً منقطع النظير كما أسلفت حينما حقق تجربة استثنائية بينما البحرين تمر في أحلك سنينها السياسية، فعبر التزامه بالقوانين وتمسكه بالمعايير الدولية استطاع أن يقنع العالم بأن ملف البحرين مكتمل وأنها على استعداد لحل كل قضاياها وحدها دون تدخل من أحد ودون وصاية من جهة، والتزام جلالته بالقانون هو ما جعل موقفه قوياً بين الأمم وجعل من مملكة البحرين الصغيرة دولة كبيرة وقوية برصانة تعاملها مع واجباتها وحقوقها الدولية.احترام الجيش^ في ذات السياق شدد جلالة الملك على أهمية احترام الجيش والبعد عن التطاول على هيبته كيف تنظر إلى هذا التوجيه وما هي أهميته من وجهة نظرك؟- بالتأكيد جلالته كقائد سيشدد على هذا الأمر لأنه يعي تماماً ماذا يعني احترام الجيش والمحافظة على هيبته فهذا صرح لا يضاهيه صرح في أي بلد في العالم والشواهد لا تحصى في هذا الشأن، بل أن الدول المتقدمة تضفي على جيوشها قداسة لتؤكد على أنه شأن لا يمس ولا يزج به في المهاترات.أنا شخصياً أعتقد أن على الجميع دون استثناء كبيراً وصغيراً أن يفهم معنى أن يكون للدولة جيش له هيبته واحترامه الكامل بدئاً من شعبه وصولاً إلى كل القوى في العالم، إنها هوية الوطن وكرامته، بغض النظر عن الخلاف السياسي أو المطالب الاجتماعية والاقتصادية، علينا أن نتعامل مع الجيش باعتباره السور الذي يحمينا جميعاً على اختلاف فكرنا وأطيافنا ومذاهبنا ودياناتنا، ولا نتجرأ عليه ونتعامل بخفة واستخفاف معه.لننظر إلى الشعب الأمريكي من أصغر مواطن ومقيم إلى الرئيس نفسه كيف يبجلون جيشهم ويعتبرون من يتطاول عليه مهما كان حجمه ناقص الوطنية وربما يتهمونه بتهم الخيانة وعدم الجدارة بالجنسية الأمريكية، هذا نموذج من أكبر دولة في العالم، ولننظر إلى الرئيس المصري الجديد رغم كل ما قيل عن الخلاف بينه وبين جيشه والمؤسسة العسكرية عبر وسائل الإعلام فإنه في أول خطاب له أكد على قداسة الجيش ووجه إلى كل مكوناته التحية الأولى والشكر على الجهد والأداء المتقن لتأمين الوطن وحماية أسواره، ليقول للشعب المصري كفاكم تطاولاً على هذا الصرح الذي لولاه لكان الحال في أسوأ حالاته ولم يتسنَ لمصر أن تلملم جراحها وتعود إلى الساحة من جديد بانتخابات ومشاريع تنموية وغيرها من الإجراءات اللاحقة التي أمن أرضيتها الجيش حينما مسك زمام الأمور في أسوأ مرحلة تمر على مصر على مر التاريخ وأكثرها تعقيداً.هذا هو المعنى الحقيقي للجيش ولكيفية التعامل معه ومن هذا المنطلق يصدر جلالة الملك المفدى، هو يعلم علم اليقين بأن لا يمكن لأي دولة أن تنجح على مختلف أصعدتها إن لم يكن لديها جيش قوي محترم يمتلك من الهيبة والتماسك ما يؤهله لصون الحياة وحماية أرواح الناس. أنا أعتبر قيادة الجيش ورجاله جميعاً بالإضافة إلى قيادة رجال الأمن وكل كوادره أنهم يشكلون مع حكمة جلالة الملك والقيادة الفريق الذي حمى البحرين وجعلها تحقق ما لم تحققه الدول العربية الكبرى من تماسك ونجاح تام في التعامل مع أزمتها وشارعها الملتهب، وهذا نجاح تاريخي سيسجل بأحرف من نور لهذين الجهازين، هذا هو العرفان الذي ينبغي علينا أن نوليه لجيشنا ورجاله الشرفاء وكذلك وزارة الداخلية ورجالها الذين يعملون ليلاً ونهاراً لتوفير الأمن وبث شعور الاستقرار والطمأنينة في الشارع البحريني رغم كل ما يحاوله المغرضون من تعكير صفو المشهد البحريني.^?ثامناً ما هي توقعاتك لمستقبل المشهد البحريني؟- كما قلت لك سابقاً أنا لا أخشى على البحرين فهي أرض الحضارة والتاريخ وهي كذلك أرض المستقبل، ستتعافى البحرين وستعود الشششى سجيتها نموذجاً للتعايش والاستقرار، لكنني لا أنكر أن الأزمة أحدثت بعض الأضرار وبعض التشققات في النسيج الاجتماعي بسب إشعال نار الطائفية إلا أنني على ثقة بأن القيادة وشخصيات المجتمع العقلاء سيتمكنون من إعادة اللحمة إلى سابق عهدها بل ستكون أفضل إذا ما فطنت الكوادر الوطنية في الجمعيات السياسية إلى أهمية الاستقرار وأن البحرين لا يمكنها أن تزدهر بدون العمل المشترك وتلاحم فئات المجتمع.