قيـــس محمـــــد معمـــرQaiss2010@yahoo.frمدرس اللغة الفرنسـيةشنا الماضي بغيرِ ترقب واستعداد للمستقبل الآتي، فكانَ صدمةً عنيفةً بحق لسرعةِ متغيراتهِ وتقلُّبِ أحواله، حتى تقاربتْ أطرافُ العالمِ البعيدةِ وأمكنَ التأثيرُ على النَّاسِ والمجتمعاتِ عنْ بعدٍ، دونَ أنْ نستفيدَ منْ هذهِ الفتوحاتِ والمستجداتِ التي جعلتْ التوجيهَ الحصريَّ والانكفاءَ على الذاتِ تاريخاً وذكرى، وصارَ حاضُرنا وبوادرُ المستقبلِ الجديدِ يوجبان على المربين والتربويين إعدادَ أنفسهِم بعمقِ تثقيفِها وجودةِ تعليمِها وحُسنِ تربيتِها حتى تنافسَ في الميدانِ الفسيحِ وتؤثرَ في العقولِ والقلوبِ وتقودَ الأفئدةَ والأذهانَ قبلَ الأجسادِ نحوَ الإصلاحِ والإيجابيةِ ومواقعِ التأثيرِ والريادة.ولأنَّ التربيةَ مهمةٌ عسيرةٌ وثمرتُها صعبةُ المنال لارتباطِها بالنَّفسِ البشريةِ المعقَّدةِ في تركيبِها وهمومِها وآمالِها وآلامِها وحوافِزها ودوافِعها ومراحلِ نُموها الجسدي والعقلي والنفسي، لأجلِ ذلكَ كله وجبَ على مَنْ تصدَّرَ للتربيةِ أنْ يستعدَّ لها منْ بابِ أخذِ الكتابِ بقوةٍ وإتقانِ العملِ ومواجهةِ المستقبلِ ومفاجآته وما أكثرَها.إن المربي في البيتِ أباً أوْ أماً أوْ غيرهما وقدْ يكونُ في المدرسةِ أستاذاً أوْ مديراً أوْ مشرفاً ولا يغيبُ المربي عنْ المسجدِ عالماً أوْ إماماً أوْ مؤذناً أوْ مُقرِئاً وربما تجدْه في النَّادي مدرباً وفي المركزِ الاجتماعي مسؤولاً وفي مكانِ العملِ زميلاً. والأصلُ أنَّ المربي لهُ أمكنةٌ أساسيةٌ وأخرى فرعية ومَنْ كثُرتْ دروبُه عمَّ نفعُه واستحالَ حصارُه أوْ كاد. والأسباب كثيرة التي جعلت من وجود المربي المثقف أكثر أهمية من قبل منها، قصور أثر الأسرة وانشغالها أو إهمالها، كثرة قنوات التوجيه السلبي، التعبئة الخاطئة من قبل الأسرة. ولا يكونُ المربي ناجحاً ما لمْ يعِشْ حياةً متوازنةً بنفسٍ متطَلِعَةٍ لكلِّ خيرٍ، مستعدَّةٍ للتضحيةِ والبذلِ صابرةٍ على طولِ الطريقِ ومشقةِ معالجةِ النُّفوسِ رجاءَ الثوابِ منْ الله.إنَّ التربيةَ تحتاجُ منًّا إلى الحبِّ العميقِ الصادقِ للنَّاسِ ولوْ لمْ يتبعونَا منْ فورهِم أوْ يُلهبُوا أيديَهم بحرارةِ التصفيقِ وتكرارِ التلويح، فأهلُ الحقِّ أرحمُ الخلقِ بالخلق، وحريٌّ بالمربينَ أنْ يكونوا أكثرَ النَّاسِ إيماناً وصبراً وحزماً دونَ تغييبِ المعاني اللطيفةِ الكريمةِ منْ اللينِ والسهولةِ والبسمةِ الدائمةِ والرفقِ بالمجتمعِ والمتربين، ليكونَ المنتجُ التربويُّ ممَّا ينفعُ النَّاسَ ويمكثُ في الأرض خصوصاً وأن التربيةَ بوابةٌ كبرى للإصلاح.