كتب – جعفر الديري: أسابيع معدودة تفصل المسلمين في شتى بقاع الأرض عن شهر المغفرة والرحمة شهر رمضان المبارك، الذي قال فيه عز من قائل {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} صدق الله العظيم. الشهر الذي كان ولايزال جزءاً من تاريخ الشعب البحريني، له ملامحه التي تميزه وفعالياته التي تشمل كافة جوانب الحياة. فعاليات يؤكد البحرينيون في هذا الاستطلاع أنهم بانتظارها بفارغ الصبر، رغبة في الأجر والثواب، واكتساب الخير والبعد عن الآثام، وكل ما يشوه صورة الإنسان الذي خلقه الله تعالى في أحسن صورة. المواطنون يشيرون إلى أن شهر رمضان يأتي وسط أجواء غير عادية تعصف بالعالم، ومشاهد غير مألوفة، ليساهم بأجوائه الروحانية في إشعار الناس بالحاجة إلى الارتباط بالخالق العظيم، واللجوء إليه في كل عسر ويسر. وبقيمة الحياة الدنيا في مقابل الآخرة، وهو أي شهر رمضان يمنحهم الإحساس بأن لكل عسر يسرا وفرجاً من الله تعالى...فرصة للتوبة إن شهر رمضان يحمل من المعاني الشيء الكثير، ولكل إنسان نظرته الخاصة للشهر الكريم، فمن جانبه يرى الحاج جمعة يعقوب أن شهر رمضان جاء أساساً لتطهير النفوس مما علق بها من أدران وأوساخ، طوال عام كامل، حيث إن كل فرد منا معرض للخطأ، والشيطان الرجيم لا يترك عبداً لحاله، وشهر رمضان فرصة للتخلص من آفات النفس وشرورها بالتوبة النصوح، خصوصاً وأن لياليه وأيامه تمتلئ بالفعاليات الروحية. يقول يعقوب: لا شك أن لشهر رمضان المبارك، مزية دون بقية الشهور، وهي أن الله تعالى جعل أيامه ولياليه خير الليالي، ففيها تفتح أبواب الرحمة لكل من يرغب في التوبة، فكل عبد يشعر بالحاجة إلى الله تعالى، سيجد ضالته في هذا الشهر، بالصيام والقيام، وكل إنسان يرغب في تطهير نفسه، سيجد ضالته في الأدعية والأذكار وقراءة القرآن الكريم. ويستدرك يعقوب: طبعاً لا يوجد أحد لا يحتاج إلى قراءة القرآن الكريم والتقرب إلى الله تعالى بالدعاء والعبادة، لكن حاجة الناس تختلف، فنجد البعض ينتظر شهر رمضان بفارغ الصبر، وآخرون لا يعنون بأمره، وكل ذلك مرهون بمدى إحساسهم بالحاجة للتوبة والقرب من الله تعالى، فهناك من الناس من يملؤون أيامهم ولياليهم بالخطايا، ولا يشعرون رغم ذلك بتأنيب الضمير، وهناك من يبكي ويتضرع إلى الله تعالى طلباً للمغفرة والرحمة. استقبال مخيب من جهته يؤكد الشاب صابر حسن أن استقبال شهر رمضان ليس بالمستوى المطلوب، وأن التعلل بالظروف غير المؤاتية، لا يتناسب وقدسية هذا الشهر، الذي فرض الله تعالى على المسلمين تكريمه والحفاوة به.يقول حسن: لم يتبق لدى المسلمين سوى شعائرهم دليلاً على وجودهم، ومكانتهم، ومع ذلك، لا نجد من الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان ما يروي غليل المسلمين، رغم منزلة هذا الشهر عند الله تعالى ورسوله الكريم. إنني أنظر لأصحاب الملل من غير المسلمين فأعجب أنهم يعيشون في مجتمعات غير دينية في أمريكا وأوروبا وسواها من بلدان، ومع ذلك، يحتفلون بمناسباتهم، وأيامهم، فهم يحرصون مثلاً على الاحتفال بليلة الميلاد ويستعدون لها استعداداً عظيماً رغم أنها ليلة واحدة، فيما نحن المسلمون، لا نكلف أنفسنا ولو بالنزر اليسير من الاستعداد الجسمي والنفسي. ويضيف: لقد كان المسلمون يستقبلون شهر رمضان بالبكاء، كأنما إنسان عزيز عليهم خلفهم طوال عام كامل، ويرونه في أبهى صورة وأجمل شكل، حاملاً عبق أيامه ولياليه، حتى إذا خلفهم ومضى، امتلئوا هماً وغماً وتعاسة، لأنهم كانوا يدركون ماذا يعني شهر رمضان، وأي بركة تحل بمقدمه. ويتساءل حسن: هل نستحق شهر رمضان نحن من يدعي الإسلام، مقارنة بهم، أولئك الذين كانوا يسألون الله تعالى أن يبلغهم شهر رمضان، فإذا بلغوه سألوه أن يوفقهم فيه، ويرزقهم الجد والنشاط، فإذا أكملوه سألوا الله بقية السنة أن يتقبله منهم؟!. لا مقارنة أبداً بين مظاهر استقبالنا للشهر الفضيل، وبين مظاهر استقبال المسلمين الأول!. فوائد بالجملة من ناحيتها تشير خاتون سيد محمد إلى أهمية الصوم بالنسبة للجسم، خصوصاً وأن المسلم يعيش في توازن بين متطلبات الجسم والروح حينما يصوم. وتتابع...: جاهل من يغفل عن فوائد الصوم، وهي أمور يؤكدها الطب والتجربة، بل إن الدراسات التي تجريها مراكز البحوث الغربية حول تأثير الصوم؛ أكثر من الدراسات التي يجريها المسلمون، وجميعها تؤكد فوائد الصوم. لقد قرأت قبل مدة أن الامتناع عن الطعام والشراب لفترات محددة يعطي فرصة للنظام المناعي لممارسة مهامه بشكل أقوى، ويخفف الأعباء عن أجهزة الجسد لأن الطعام الزائد يرهق الجسم، ولذلك وبمجرد أن تمارس الصوم، فإن خلايا جسدك تبدأ بطرد السموم المتراكمة طيلة العام، وتشعر بطاقة عالية وراحة نفسية وقوة لم تشعر بها من قبل!. ودراسة أخرى نشرت في المجلة الأمريكية لعلم التغذية السريري، ذكرت أن الصوم المتقطع المشابه للصوم عند المسلمين مهم جداً لعلاج بعض الأمراض المزمنة مثل داء السكري وأمراض القلب والشرايين. كما أشارت دراسة نشرت بدورية الجمعية الأمريكية لعلوم الحيوان إلى أن الصوم المتقطع أدى إلى زيادة فعالية اثنين من مستقبلات هرمون «الأديبونيسيتين» الذي يسهم في تنظيم استهلاك الجسم لسكر الجلوكوز واستقلاب الأحماض الدهنية عند الثدييات، علاوة على لعب دورٍ في زيادة استجابة الأنسجة لهرمون الأنسولين، الذي ينظم عمليات البناء والهدم للجلوكوز في الجسم. وهناك كثير من الدراسات تؤكد تأثير الصوم على الصحة الجسمية والنفسية، فهل بعد هذا من عذر لمن لا يصوم؟!. استعراضات مخجلة بدوره يلقي الحاج محمد علي باللوم على الفضائيات والقنوات العامة والخاصة، التي تشوه –من وجهة نظره- ما يميز الشهر الكريم من روحانية وأجواء إيمانية، بما تعرضه من مسلسلات وأعمال لا تراعي الله تعالى، بل تلهث وراء المال، معرباً عن استيائه الشديد نظراً «لعدم وجود من يراقب هذه الأعمال، التي تبلغ من التجاوز أحياناً حداً نتساءل معه عن مدى غيرتنا على ديننا وشعائرنا الدينية، ونحن نحتاج للمحافظة عليها»!. ويضيف محمد: أنا في حيرة من أمري، ولا أعلم هل تحول دم الناس إلى ماء! تخرج الممثلة الاستعراضية بملابس لا حشمة فيها، لتكشف عن جسمها، وتقوم بحركات تمسخها من آدميتها، لنفاجأ بعد قليل، بفاصل قرآني أو دعائي!. والأمر المؤلم حقيقة أن هذه القنوات، تتخير الأوقات التي تجتمع فيها الأسرة لتبث سمومها، عند تناول الإفطار، أو بعد الإفطار والاستراحة، فيما تؤجل البرامج النافعة لما بعد انتصاف الليل، لأنها ببساطة تبحث عن المال، والمؤسسات التي ترغب في الإعلانات في القناة، تشترط أن تكون الإعلانات في هذه الأوقات! أستغفر الله العظيم! بدلاً من أن تساهم هذه القنوات في ما يفيد مستلهمة أجواء شهر رمضان، نجدها تستغل شهر رمضان أبشع استغلال. ويتابع: ما يهون الأمر أن تلفزيون البحرين ولله الحمد، يراعي هذا الأمر، ويحافظ على هذه الأجواء الروحانية، ولا أخشى على أبنائي من متابعته، وأحرص على أن تكون هذه القناة هي الحاضرة عندما أتناول الإفطار مع زوجتي وأبنائي. أجواء مضطربة في السياق نفسه، تعبر فاطمة أحمد عن ألمها، وشعورها بالحزن الشديد بسبب حلول شهر رمضان في أجواء مضطربة تعم العالم الإسلامي، معربة عن أملها بأن يكون مقدم الشهر الفضيل فاتحة الفرج لجميع المسلمين، في شتى بقاع الأرض. وتضيف أحمد: يأتي شهر رمضان، والبلاد العربية والإسلامية تعاني مخاضات عسيرة، لا أقصد البلاد التي تعاني الربيع العربي وحسب، بل حتى بلاد المسلمين قبل الربيع العربي، فلايزال أبناء فلسطين يعانون من الآلة الصهيونية، ومسلمي بورما يتعرضون للتنكيل والقتل، وفي كل يوم نسمع عن تفجيرات تحصد أرواح الآلاف، فالله أسال أن يفرج عن جميع المسلمين، ببركة هذا الشهر الفضيل. آمل كما يأمل جميع المسلمين لا شك، ألا ينقضي شهر رمضان، حتى يعم الفرج، وأن نحتفل جميعاً بالعيد السعيد، وبنعمة التوفيق بالصيام، وزوال الغمة عن الأمة الإسلامية. فكم هو مؤلم أن نصوم، ونفطر ونحن نتابع عبر الشاشة أخبار إخوان وأخوات لنا يتعرضن للقتل. لا أعلم كيف يمكن للمسلم أن يفطر وهو يشاهد كل هذه الدماء في سوريا وغيرها من البلاد!.