بعد أن خلصت مسيرة الفتوى الدينية، وبعد أن انتهت مسيرة الفاتح نصل إلى أن استعراض الأعداد بين الطرفين أدى إلى نتيجة جيدة؛ فإن من قال (نحن الشعب) و(الشعب يريد) في مارس 2011 أصبح اليوم مجبراً على الإقرار بشركاء له في الوطن، وهذا هدف بحد ذاته؛ أن يعرف صاحب الفتوى الدينية أنه لن يحقق شيئاً دون شركائه، وأن أي وثيقة أو أي رؤية مستقبلية لهذا البلد لم ولن تكون إلا بهذا الشريك.ثانياً؛ أخذت مسيرة الجمعة منحاً خطيراً نأمل أن يقف عند هذا الحد، فمسيرة الجمعة كانت ورقة مذهبية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى أعلن عنها من على منبر شيعي، نأمل ونتمنى ألا يقابلها على الطرف الآخر أي مسيرة يعلن عنها على أنها تكليف شرعي أو فرض عين أو واجب أو جهاد أو غيره من على منبر سني، وألا يفكر أو يضطر لأن يتحرك السنة مثلما تهور عيسى قاسم، ويقوموا بتحريك شارعهم بالفتاوى الدينية، لأن هذه أوراق لا يحمد عقباها، ونعرف دويها وقوتها وهي لعب بالنار ولا أخطر، وقد تقود إلى كوارث ندعو الله أن يجنب البحرين وأهلها عواقبها!! وأن يبعد الحراك السياسي عن الفتاوى الدينية وإلا فإنها أوراق موجودة عند كل الأطراف، فلا يستعرضها طرف معتقداً أنه وحده من يملك (جوكرها)، هي أوراق جربتها مجتمعات أخرى فاكتوت بنارها!ثالثاً؛ لنتجاوز الخطابات وكلمات الغزل (للشركاء) التي تبدت بالأمس بشكل حميمي، والذي نعرف أن الشارعين السني والشيعي في غنى عنها لو ترك الأمر لهما وحدهما دون تدخل من الذين أفسدوا العلاقة بينهما، فقد كانا سمناً على عسل لقرون وسيظلون إن شاء الله، دونما حاجة لفقيه يقسمهما ليزيديين وحسينيين.نحن اليوم أمام ميدان حواري مرتقب له استحقاقاته إن أردنا الخروج من هذا النفق، يفترض أن تهيأ له الأرضية المناسبة وأولها الابتعاد عن الشارع واستخدام ورقته، فما بالك واستخدام ورقة الدين؟!! لهذا نأمل أن تكون هذه آخر المسيرات حتى يتفرغ أهل الحوار للحوار دون ابتزاز أو تهديد، وإلا فإن ورقة الفتاوى الدينية جاهزة عند الطرف الآخر.ثانياً لابد من الجلوس على مائدة حوار واحدة وإلا ما الجدوى من شعار شركاء في الوطن والحوار سيكون من خلال آلية غريبة تدل على النظرة الحقيقية لمعنى (شركاء في الوطن) عند قائلها بالأمس، فحسب ما ذكرت صحيفة الأيام أن الحوار سيكون منفصلاً، الجولة الأولى ستكون بين الوفاق والحكم وبشكل منفصل، ثم ومن جهة أخرى وبشكل منعزل بين الائتلاف والحكم!! فمن وضع شرط عدم الاجتماع مع الائتلاف؟ لماذا لا يجلس الاثنان وجهاً لوجه من الجولة الأولى؟ هل الوفاق أصحاب عبارة شركاء في الوطن وأحبتي والوردة الحمراء هم من وضع هذا الشرط؟ هذا السؤال ضروري فقط للتوضيح ولشرح الفارق بين الخطاب وبين الواقع لا أكثر ولا أقل حتى لا نأخذ بكم الغزل الذي سيزيد في الأيام القادمة، هذه الآلية هي للضحك على الشارع الشيعي حتى يقولوا له ها نحن جلسنا لوحدنا معه مثلما وعدناكم!! أمسرحية هي أم لعب أطفال؟ثالثاً لنتذكر جميعنا أننا تجاوزنا كل قواميس الدنيا من الخطابات، وما عادت الشعارات تغرينا أو نطرب لها ولا نعول اليوم إلا على الممارسة التي على الأرض، والتي نراها نقيضاً للخطابات الغزلية، وتتجسد لنا بعد كل مسيرة نغرق فيها كلاماً غزلياً وتنتهي بحرق وكسر و تخريب، فمن يحرق ويرمي حجراً فإنه يحرق وطننا ويحرق قلوبنا معه، وما لم تنفصل الوفاق فعلاً لا قولاً عن حراق الوطن فهي شريكة لهم، كيف نتحاور مع من يحرق أمنا ويدمي قلبها؟الدعوات التي تطلقها الوفاق قبل المسيرات لا تلقى بالاً عند جماعة القتل والحرق ويضربون بها عرض الحائط، ولا يفيدنا بشيء التبرؤ منهم داخل الغرف الخاصة، ثم تستعين بهم في العلن، تلك الممارسات لا تدينها الوفاق بل هي تعلم أن كل مسيرة تخطر عنها الوفاق هم فيها شركاء ويستخدمون تراخيصها لحرق الوطن وتخريبه وتكسيره، فما نفع الخطاب وشركاء وأحبتي فيما بعد؟المشكلة ليست في الخطاب المزدوج مع الشارع السني؛ بل في الخطاب المزدوج مع الشارع الشيعي، فهناك خطاب داخل الغرف يختلف تماماً عن الخطاب خارج الغرف، والوفاق تلعب على الاثنين، فكم رمانة ستمسك الوفاق بيدها؟ وإلى متى؟لذا نحن بانتظار أن تكون تلك المسيرة هي آخر المسيرات ما دام هناك حديث عن الحوار، وإلا فإن الطرف الآخر بدأ يستهوي لعبة المسيرات رغم أنه لم يحرك إلى الآن أي ورقة من أوراق الفتاوى الدينية والحمدلله على ضبط النفس، فإما مسيرات دينية أو حوار سياسي، إما هذا أو ذاك، فلتختر الوفاق ولا يستطع الحكم هنا أن يمنع المسيرات التي تتحرك بالفتاوى الدينية مادام قد سمح لطرف أن يخرج وفق فتوى دينية فإنه مضطر إلى أن يسمح لمسيرة أخرى بفتوى دينية وهكذا نفتح جبهة من نار على هذا الوطن.الحوار الجاد يتطلب التواجد وجهاً لوجه مع كل الأطراف على قدم المساواة، ويتطلب الامتناع عن استخدام أي ورقة للي الذراع، ويتطلب شفافية لا تقية للوفاق هنا، لا مع الشارع السني ولا مع شارعها الشيعي وقدرة على مواجهة المتطرفين والمتشددين لا استخدام وتبادل الأدوار معهم، وكفى لعباً بالألفاظ وليكن لنا وجه واحد.وغداً نكمل عن مضمون الحوار وعن (المراقبين) الأجانب في الحوار..
إما مسار سياسي وإما مسيرات دينية.. اختاروا
15 أبريل 2012