حذرت مصادر طبية محلية من التعامل مع مراكز طبية غير مؤهلة في حقل زراعة الكلى خارج البحرين، مشيرة إلى أن المستشفيات المتخصصة في المملكة تجري 10 عمليات زراعة سنوياً، بينما يتراوح الاحتياج الفعلي من 40 إلى 50 حالة. وقالت: إن "البحرين تحتل المركز الثالث خليجياً في هذا المجال، حيث بدأت عمليات جراحة الكلى منذ عام 1995م”، لافتة إلى أن البحرين بلغت مراتب متوسطة في مجال زراعة الكلى مقارنة بدول الجوار.ونبّهت المصادر إلى أن تطور البحرين في هذا الميدان مازال بطيئاً، رغم أن زراعة الكلى تُجرى بشكل علمي دقيق.رحلة البحث عن كليةوقال استشاري زراعة الأعضاء بمجمع السلمانية الطبي د. حمد الحلو، إن عمليات غسيل الكلى مرهقة للمريض مادياً وجسدياً، وتحتاج إلى الالتزام ببرامج زمنية محددة، مبيناً أن البعض يحاول البحث عن البدائل بزراعة الكلى، رغم صعوبات تعتري البديل المطروح لجهة توفر المتبرع المحلي، ما يدفع البعض للجوء إلى الخارج للحصول على متبرع، وإجراء عمليات الزرع خارج المملكة.وأضاف "من هنا تبدأ مأساة المريض ووقوعه في أيدي السماسرة وعصابات تجارة الأعضاء البشرية، ويعود بعضهم أكثر معاناة وألماً جسدياً ونفسياً، ما يكلف الدولة بعد عودتهم من رحلة العلاج أكثر بكثير من نفقات علاجهم في مستشفيات البحرين”. وتشير الإحصاءات إلى أن 40% من مرضى الكلى البحرينيين أجروا عمليات الزراعة داخل البلاد مقابل 60% أجروها في الخارج، وكانت البحرين من أوائل دول الخليج العربي التي قدمت خدمات علاجية لمرضى الفشل الكلوي منذ عام 1971م، باعتباره أحد أهم مسببات الوفاة في العالم، ويأتي ثانياً في الترتيب بعد أمراض السرطان. مسببات الفشل الكلويمن جانبها، قالت استشارية أمراض وزراعة الكلى بمستشفى السلمانية د. سمية الغريب، إن أمراض الكلى أصبحت في حالة تزايد في البحرين، لانتشار مرض السكر وإهمال الرعاية والمتابعة بالنسبة لمرضى الضغط، ما يؤدي إلى حدوث مضاعفات للمرضى تصل للإصابة بأمراض الفشل الكلوي. وقدّرت الغريب عدد المرضى ممن يحتاجون إلى زراعة الكلى بحوالي 3 إلى 4 مرضى شهرياً أي بمعدل 40 إلى 50 حالة في العام، مشيرة إلى أن أعداد مرضى الفشل الكلوي لم تُحصر بشكل دقيق في البحرين حتى الآن، نظراً لتزايد أعداد المرضى سنوياً. وأشارت إلى وجود نحو 210 مرضى تجرى لهم عمليات غسيل كلوي بشكل دائم في مستشفى السلمانية، و85 مريضاً بالمستشفى العسكري، بإجمالي 300 مريضاً.وتعود أسباب الفشل الكلوي المزمن إلى جملة أسباب منها ارتفاع ضغط الدم الشرياني، أو مرض السكري، أو لنقص حاد ومفاجئ في سوائل الجسم أو الدم، أو هبوط حاد في الضغط عند تعرّض الأشخاص لفقدان كميات كبيرة من الدم بسبب حادث، أو الأشخاص المصابين بالإسهال الشديد والتقيؤ المستمر دون الاهتمام بتعويض ما فقده الجسم من سوائل. ويعتبر الهبوط الشديد في ضغط الدم من مسببات الفشل الكلوي، مثل التعرض لحساسية شديدة بسبب تناول عقار معين أو الإصابة بالتهاب شديد أدى إلى تسمم بكتيري في الدم، أو الإهمال في تعاطي الكثير من المضادات الحيوية، أو انسداد المجاري البولية ويمكن أن يؤدي وجود حصوات في الحالبين إلى النتيجة نفسها. ريادة التجربة البحرينيةوأوضح الحلو أن هناك مشاهد مؤلمة لبعض المرضى أثناء وبعد إجراء عمليات زراعة الكلى في الخارج، لافتاً إلى أن مآسيهم تبدأ منذ لحظة الزراعة. ودعا إلى ضرورة توخي الدقة، والتوجه إلى المراكز المتخصصة والمعروفة ذات السمعة الطبية العالمية، مشيراً إلى وجود مراكز طبية يؤخذ إليها المريض بطرق غير شرعية منذ لحظة وصوله إلى المطار. وقال الحلو "في بعض الأحيان يُمنح الراغبين في إجراء عملية الزرع جنسيات مختلفة للتمويه، رغبة في إخفاء آثار جريمتهم وإعطاء العمليات بعض الشرعية لإجرائها”. وأسند كلامه بأدلة واقعية تمثلت في 6 حالات ذهبت إلى دول مجاورة وزرعوا كلى، وعادوا إلى البحرين بعد العملية بمضاعفات أدت إلى وفاة مريضة تبلغ من العمر 42 عاماً، مشيراً إلى أنها توفيت جراء التهابات أصابت جرحها المفتوح بعد العملية.وأضاف "على عكس الإجراءات المتبعة بالمراكز والمستشفيات المرخص لها من قبل وزارة الصحة لإجراء مثل هذه العمليات، حيث يتم متابعة حالة المريض لـ10 أيام على الأقل داخل المستشفى، بينما تبقى المريضة تحت المراقبة بالمراكز غير الشرعية لـ4 أو 5 أيام كحد أقصى وتسافر مباشرة، ما يعرضها لالتهابات حادة وفتح الجرح وحدوث مضاعفات خطيرة قد تؤدي للوفاة”. وقال الحلو إن العمل جارٍ حالياً بمجمع السلمانية الطبي لتحسين سياسات وإجراءات تنظيم حركة المرضى، ونشر الوعي في المجتمع البحريني بمجال زراعة الكلى جنباً إلى جنب مع المؤسسات الإعلامية، وتصحيح اللبس المحيط بخطورة عمليات الكلى لدى البحرينيين.وألمح إلى إمكانية إجراء العديد من عمليات زراعة الكلى في الأسابيع المقبلة، مضيفاً أن برنامج زراعة الكلى بمجمع السلمانية الطبي متطور ويشهد مزيداً من التغييرات النوعية خلال العام الحالي، بمعدل 10 عمليات زراعة سنوياً، وزيادة العدد بمعدل 5 حالات سنوياً لتصل بحلول عام 2020 إلى 55 عملية.ولفت الحلو إلى أن المراكز المتخصصة في البحرين تُنسق مع بعض مراكز سعودية رائدة في هذا المجال، مثل مستشفى الملك فهد التخصصي في محافظة الشرقية، بهدف تطوير وتحسين عمليات زراعة الكلى في المملكة. وتتراوح نسبة نجاح عمليات زراعة الكلى في البحرين ما بين 95 و98%، مشيراً إلى أن النسبة تُحدد بناءً على الحالة الصحية للمريض بعد العملية، وكيفية عمل الكلية خلال سنة من إجرائها وبعد 5 سنوات و10 سنوات. وقال: إن نسبة فشل العملية متدنٍ ويرتبط بحالات فردية يرفض فيها الجسم الكلية الجديدة، أو حدوث التهابات ومضاعفات أثناء العملية وبعدها.