دعت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، إيران إلى إبداء حُسن النية تجاه جيرانها بعد افتضاح مطامعها التوسعية بالمنطقة، مضيفة أن "لا غالب أو مغلوب في البحرين وحل الخلافات يبدأ بالجلوس إلى طاولة الحوار”. وقالت رجب إن البحرين واجهت إعلاماً خارجياً ممنهجاً حاول تشويه صورتها والإساءة إليها، داعية المنظمات الحقوقية الدولية لزيارة المملكة وسماع الحقيقة كاملة دون انحياز.ولفتت إلى أن البحرين ليس لديها تقاليد محافظة وأنها منفتحة على الآخر سياسياً واقتصادياً، موضحة أن استعانة المملكة بشركات أجنبية لتحسين صورتها بالخارج ادعاءات فارغة.وقالت "من يعتلي المنابر ليشتم فقط دون أن يقدم شيئاً حقيقياً للإصلاح ليس مثقفاً”، مشيرة إلى أن الهدف من وجود الأسطول الخامس حماية إمدادات النفط بالمنطقة وليس الدفاع عن البحرين. الحوار مخرجاً للأزمة^ معركة البحرين مع خصومها السياسيين في الداخل والخارج على صفحات المواقع الاجتماعية رابحة أم خاسرة؟.أعتقد يكسبها الطرفان، ما لدينا من قضية داخلية ليس فيها خاسر ومنتصر، هناك قضية يجب أن تحل، وستحل عبر الحوار، مهما كانت هناك مضايقات أو شيء من التطرف في التعامل مع القضية، لا بد أن تنتهي بالجلوس إلى طاولة الحوار، وأعتقد سيكسب الطرفان، لن يكون هناك خاسر.^ من الملاحظ أن ضغط المعارضة في المواقع الاجتماعية أكبر من ضغط الدولة، هل تفكر الدولة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة للاتصالات في هذه المعركة؟.الضغط ليس فقط في التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعية هو في الإعلام برمته، فجأة اكتشفت البحرين أثناء الأحداث أن هناك إعلام خارجي ممنهج ومنظم يؤدي دوراً قوياً في تشويه صورتها والإساءة إليها ويحاول إدخالها في معترك خطير، بينما الدولة لم تكن تملك إعلاماً للمواجهة.انحياز المنظمات الدولية^ هل نتوقع هذه المرة أن تسمحوا للمنظمات الدولية، منظمات حقوق الإنسان والوكالات العالمية بالعمل بحرية أكبر، هناك شكاوى أن السلطات البحرينية تضيق الخناق على هذه المؤسسات ولا تسمح لها بالعمل الحر؟.أولاً هناك شيئان، منظمات حقوقية وإعلام، في فترة محددة شاهدنا توجهاً سلبياً قوياً ضد البحرين كنظام وكشعب، لأن أكبر فئة من الشعب كانت ترفض توجه هذه المنظمات، وتريد إيصال صوتها إلى هذه المنظمات وتشكو من أداء المعارضة، وما كان يصل لهذه المجموعات من أذى حقيقي وأذى جسدي، وانتهاك لحقوق الإنسان. لم تكن هذه المنظمات تسمع، أو تقبل أن تسمعهم، ولم تكن محايدة، جاءت لدعم طرف واحد والتشهير بالبحرين لدعم هذا الطرف، وكان المنع يشكل حلاً في ظل عدم وجود ما يواجه هذا الخطر. المنع تم لفترة قصيرة، واليوم بدأنا ندعو الجميع، وأنا شخصياً دعوت عبر تلفزيون الـ "بي بي سي” وعلى الهواء مباشرة وكررت الدعوة مراراً، للقدوم إلى البحرين، ولكن بشرط أن تسمع الجميع، أن تقبل سماع كل الأطراف، فقط ولا نريد شيئاً آخر.كانوا يرفضون سماع لآخرين وصلهم الانتهاك مباشرة، انتهكت حقوقهم، كانت ترفض هذه المنظمات سماعهم، كانت تأتي إلى بيوت قيادات المعارضة وأتباعها وتجلس وتسمعهم، وتسمع ما يريدون ويخرجون، كنا بحاجة لتنظيم هذا الشأن أن نرتب أمورنا، فالدعوة موجهة لهم جميعاً اليوم، وأوجهها عبر "روسيا اليوم”، المنظمات الحقوقية مدعوة أن تأتي البحرين، وتستمع للحقيقة كاملة وليس نصفها هذا من جهة، أما وسائل الإعلام أيضاً نحن بدأنا نتصل بهم بكل الأجهزة طرفاً طرفاً، واجتماعات خاصة وجهاً لوجه، عندنا في البحرين أو لديهم في مكاتبهم نتواصل معهم بشكل مستمر لإعادة ترتيب الأوراق، وكل ما نطلبه من المنظمات أن تنشر الحقيقة كما هي لا تأخذ برؤية واحدة، بطرف واحد، وتقتصر بهذا الرأي.البحرين فيها تعدد طائفي وتعدد إثني، لديها ثقافات متنوعة ومثقفون، فيها أطراف كثيرة يجب أن تسمع وجهات نظرهم أن تحترم آراؤهم أيضاً، لا أن يؤخذ طرف المعارضة كحقيقة واحدة.بلد الانفتاح السياسي^ كنت على مدى عقود صحافية ومعلقة سياسية، ومرة أغلقت صحيفة بسبب مقال كتبته، هل يمكن للمثقف المتمرد عموماً أن يصبح وزيراً في دولة لديها تقاليد محافظة؟.أبدأ من آخر نقطة، البحرين ليست لديها تقاليد محافظة، هذا ما لا يعرفه كثيرون، البحرين على مدار تاريخها منفتحة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. اليوم المرأة البحرينية في كل مكان، وفي كل المواقع، هذا رقم واحد، وهناك من الجانب الآخر دعم رسمي قوي للإعلام الحر، ولكن الإعلام المهني الملتزم بالأخلاقيات الصحيحة، أنا كنت أتكلم وأكتب ولم تقيد حرية كتابتي في يوم من الأيام، والجريدة التي وقفت بسبب مقال نُشر ولم يكن بسبب مقال لم ينشر، ما معناه أن حق التعبير عن الرأي مارسته بشكل كامل، ولأن الموضوع كان يمس السياسات الخارجية للبحرين في موضوع دقيق وحساس، كان على الدولة اتخاذ إجراء معين وتفهمنا نحن الأمر هذا من جهة، وأنا لم ينتهك حقي كمثقف أو كصحافي أو إعلامي في أي يوم من الأيام، هذا موضوع مهم لنعرف أن البحرين في العهد الجديد على الأقل هناك توجه قوي لاحترام كل الآراء، هناك رأي المثقف مسموع إن كان معتدلاً بحقيقة وطنية، وليس فقط معتدلاً بالاسم، يريد أن يحقق مكاسب، ولكن يجب أن يكون وطنياً.ليس المثقف من يقف على المنابر يشتم ويعارض فقط دون أن يقدم شيئاً حقيقياً للإصلاح، هذا ما حصل، أنا لست النموذج الأول في البحرين، هناك اهتمام بمن يملكون رؤى في مواقع متقدمة لتحقيقها وأنا أكون ممتنة إذا تمكنت من تحقيق كل ما أملك من رؤى.ضوابط العمل الإعلامي^ بمعنى لن نتوقع إغلاق صحف بعد الآن؟.لا، إغلاق الصحف عقوبة من العقوبات المهنية، نستطيع أن نقول لن يكون هناك حبس للصحافي مثلاً على رأي تقدم به، أو على عمل إعلامي مهني أداه وغير جنائي، ولكن لا بد أن يكون للعمل المهني ضوابط، الإعلام خطير إن لم يكن بضوابط، يكون أحياناً خطيراً على استقرار البلد نفسه، فمن الضوابط المهنية ربما إغلاق صحيفة أو وقف ترخيص، وهذا موجود في كل دول العالم وليس فقط في البحرين.^ تتردد تقارير أن البحرين تستعين بشركات عالمية لتحسين الصورة هل هذا صحيح؟ وهل فعلاً البحرين الدولة الصغيرة الوديعة تحتاج إلى أن تستهلك هذا القدر من الجهد والمال لتحسين صورتها؟.هذا طبعاً من ضمن افتراءات وفبركات معارضة تستهدف تشويه صورة البحرين، البحرين أولاً لا تملك إمكانات مادية تطلبها هذه الشركات، ولم تعمل مع هذه الشركات يوماً، قد تكون تستعين بشركة لتطوير الإعلام وهذا موجود، فكل دول العالم تستعين ببعضها وبالخبرات، ربما استعنا بخبرات إعلامية، هذا شيء موجود، لكن ليس هناك في البحرين اتفاقية واحدة مع أي شركة أجنبية لإبراز صورة البحرين.نحن كفيلون بتعديل هذه الصورة كما كانت قبل تشويهها من خلال الأحداث الأخيرة، والبحرين كانت صورتها جميلة على مدار تاريخها في كل الظروف، تميزت البحرين في محيطها العربي والشرق أوسطي بشكل كامل، ليس هناك شركات أجنبية قادرة على أن تؤدي دوراً، ابن البلد أولى بأدائه.مطامع إيران التوسعية^ يجري الحديث كثيراً في الإعلام العالمي حول الصراع الإيراني السعودي واختيار البحرين ساحة لهذا الصراع، هناك تباين في المصالح بمنطقة الخليج العربي بين إيران التي لديها أهداف توسعية، وبين السعودية التي تخشى هذا الدور، أو أن لديها أيضاً أهدافاً أخرى، هل فعلاً البحرين وقعت ضحية هذا الصراع؟.أنا أسألك سؤالاً ثانياً، فقط الخلاف بين إيران والسعودية، حقيقة هل هذا فقط الخلاف الإيراني مع السعودية؟ هناك علاقات دبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية، ومنذ 2006 وليس اليوم فقط، الدول العربية كلها اليوم تشكوا من السياسات الإيرانية، إيران تجد نفسها في مرحلة تاريخية يجب أن تستغلها، وفرصة تاريخية للامتداد والتوسع، توسعها في العراق لا يستطيع أن ينكره أحد.الدور الاستعماري أو الاحتلالي لإيران في العراق دور خطير، يجب أن يحكى فيه، إذاً ليس هناك خلاف إيراني سعودي فقط، نحن نشكوا جميعاً من إيران كجارة بحاجة إلى أن تحترم الجيرة فقط، تحترم الجيرة الجغرافية والتاريخية والإسلامية العقائدية على الأقل، نحن في منطقة واحدة ولا يمكن لهذه المنطقة أن تنعزل جغرافياً، إذاً من الأجدى أن نتفق.إيران تمارس الضغط على البحرين إعلامياً بشكل قوي لتحقيق أهداف أخرى، ليس في السعودية فقط وإنما في المنطقة بأكملها، ونحن نشاهد اليوم حرباً إعلامية بين إيران ومصر بعد انتخاب الرئيس الجديد، إذاً هذه رسالة أستطيع أن أتكلم بها، نحن نتمنى علاقات جيدة مع إيران، وإيران لمصلحتها وللمصلحة العربية والإسلامية كلها يجب أن تتبنى هذا السلوك مهما يقال، وتقول إيران عن النوايا الحسنة، هذه النوايا تمحي في تصريح واحد عندما يتكلم مسؤول إيراني ويطالب ويقول: "إن البحرين جزء من إيران”.أطماع طهران ومصالح الآخرين^ هل تتوقعون أن إيران تعبر الحد المسموح لها في التحرش، فلنقل بالبحرين، أو بتنفيذ حلمها القومي بضم المملكة إلى أراضي الإمبراطورية الإيرانية؟.أنا أتكلم باسمي الشخصي، أو لربما كمثقف مطلع على تاريخ المنطقة، ولي علاقة قوية بهذا التاريخ قراءة ووعياً، إيران لم تتقدم خطوة في المنطقة العربية منذ سقوط الإمبراطورية الساسانية إلا بدعم خارجي، وأستطيع أن آتي بمئات الأمثلة على مدار التاريخ الإيراني، على الأقل من الفترة الصفوية إلى هذا اليوم، حتى دخول إيران والقوى الإيرانية إلى داخل العراق لم يكن جهداً إيرانياً بقدر ما كان جهداً آخر دعم هذا الدخول. إذاً لا تستطيع إيران أن تتقدم خطوة أو تدخل بهذه المخاطرة دون دعم قوي أجنبي وخارجي لهم يتفقون معاً في المصالح، ويمكن القول إن إيران لن تجازف هذه المجازفة، لأنها تعرف أن هذه المجازفات ستكون نهائية، ولن تكون في مصلحتها.الأسطول الخامس يحمي إمدادات النفط^ هل بسبب وجود الأسطول الخامس الأمريكي في المياه البحرينية؟.ليس هذا فقط، وهذا السؤال يجب أن يرد عليه أيضاً، أن وجود الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين ضمن اتفاقية مع البحرين، وما تنص عليه هذه الاتفاقية هو حماية ناقلات النفط وإمدادات النفط في المنطقة فقط، ولا تذكر هذه الحقيقة في الإعلام عادة، الأسطول ليس لحماية البحرين أو أي دولة عربية أخرى.^ كيف تلخصين زيارتك إلى موسكو، ولقاءاتك مع مؤسسات إعلامية كبيرة ومن ضمنها "روسيا اليوم”، ومع نائب وزير الخارجية ميخائيل بغدانوف، ولديك لقاءات أخرى، ما هو الانطباع الرئيس الذي خرجت به من هذه اللقاءات؟.لقاء ميخائيل بغدانوف كان فوق الرائع حقيقة، أنا استمعت للكثير من الآراء الروسية من خلال هذا الرجل، واستمع لنا بشكل كامل، كان لي لقاء آخر مع مفوض حقوق الإنسان الروسي، وكان لنا الجريدة الأولى "روسيسكايا غازيتا” كانت لقاءات جيدة جداً تدعم العلاقات البحرينية الروسية، التي تهتم بها البحرين بشكل كامل، ونتمنى أن ترتقي هذه العلاقات إلى مزيد من التعاون.زيارتي إلى تلفزيون روسيا اليوم يأتي في مجال تبادل الخبرات والتعاون، لما نحتاج له في البحرين من تطوير إعلامي حقيقي نستفيد من هذا التلفزيون، هذا الجهاز يجب أيضاً أن نذكره في الإعلام، ربما كان تلفزيون روسيا اليوم من أهم التلفزيونات التي وقفت بشكل معتدل وعادل مع البحرين أثناء أزمتها، ويتمتع هذا التلفزيون بمصداقية عالية، وأصبح للقناة شعبية في البحرين ومنطقة الخليج، وأتمنى أن تستمر هذه النجاحات لتلفزيون روسيا اليوم ويستمر تعاوننا معهم ونستفيد من خبراتهم في مجال تطويرنا للإعلام البحريني.
سميرة رجب لـ «روسيا اليوم»: لا غالب أو مغلوب في البحرين وحل الخلافات يبدأ بالحوار
10 يوليو 2012