كتب - هشام الشيخ:جدد سفير جمهورية مصر العربية في مملكة البحرين محمد أشرف حربي تأكيد بلاده أن أمن وعروبة البحرين ودول الخليج خط أحمر بالنسبة للأمن القومي لمصر، وقال: إن هناك محددات للسياسة الخارجية المصرية ثابتة وراسخة، ولم ولن تتغير تجاه الدول العربية والخليجية، وتنبع من إيمان كامل بعروبة كل شبر من الأراضي العربية، واحترام سيادتها ورفض تام للتدخل في شؤونها الداخلية، مضيفاً أن العلاقات بين البلدين الشقيقين نموذج للعلاقات العربية، بعمقها التاريخي والشعبي تتجاوز كونها علاقة اقتصادية أو تجارية أوثقافية، وتعود إلي تاريخ طويل من الوقفات المشرفة.وقال السفير المصري في حوار مع الوطن، إن الصادرات المصرية إلى البحرين بلغت 46.2 مليون دولار في 2011، في حين بلغت قيمة الصادرات البحرينية لمصر 77 مليون دولار في 2011، لافتاً إلى أن قيمة الاستثمارات البحرينية في مصر ارتفعت إلى حوالي 3.8 مليار دولار في أبريل 2012، بعد أن كان 1.7 مليار دولار في 2010 ، كما بلغ عدد الشركات التي تحمل رأسمال بحرينياً العاملة في مصر 157 شركة.«الوطن” التقت السفير المصري مع اقتراب موعد انتهاء مهام عمله، نهاية أغسطس المقبل، وحاورته حول آخر مستجدات العلاقات الثنائية بين مصر والبحرين، وكان الحوار التالي:^ بعد تولي الرئيس د. محمد مرسي مقاليد الحكم في القاهرة، ما طبيعة وآفاق العلاقات البحرينية ـ المصرية؟تمتلك مملكة البحرين الشقيقة، ذات الطموحات الكبيرة إقليمياً ودولياً، حباً وتعاطفاً كبيراً في قلوب المصريين، والذي يقابله أيضاً حب وتعاطف وتأييد من قبل البحرينيين تجاه كل ما يخص مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير، ذلك الحب الجارف الذي أستشعره يومياً في شتى مناحي الحياة وفي اتصالاتي وتعاملاتي مع الجهات الرسمية وغير الرسمية البحرينية، وتلك العواطف الجياشة التي تعود إلى جذور التاريخ المشترك بين حضارتي دلمون والفراعنة.وتعد العلاقات المصرية البحرينية بعمقها التاريخي والشعبي نبراساً ونموذجاً للعلاقات العربية، إذ تتجاوز هذه العلاقة كونها علاقة اقتصادية أو تجارية أوثقافية، وإنما تعود إلى تاريخ طويل من الوقفات المشرفة، وإنني إذ أوكد هنا على خصوصية تلك العلاقات، فدعني أذكر قليلاً من كثير، وعلى سبيل المثال: اهتمام القيادة البحرينية وعلى رأسها جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة، بإرسال برقية تهنئة إلى الرئيس محمد مرسي، فور إعلان نتيجة الانتخابات بفوزه، ثم قيام وزير الدولة البحريني للشؤون الخارجية غانم البوعينين، مبعوثاً لجلالة الملك لتسليم رسالة تهنئة للرئيس مرسي بمناسبة توليه منصب رئيس الجمهورية. ومشاركة السفير البحريني لدى مصر والمندوب الدائم لمملكة البحرين لدى جامعة الدول العربية، الشيخ راشد بن عبدالرحمن آل خليفة، في حفل تنصيب الرئيس محمد مرسي الذي أقيم في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة.كذلك، تصريحات رئيس مجلس الشورى د.أحمد فهمي لوفد جمعية المنبر الوطني الإسلامي بالبحرين خلال زيارته للقاهرة منذ أيام، حيث أكد أن: الأمن القومي لدول الخليج جزء لا يتجزأ عن الأمن القومي المصري. والتشديد على دعم مصر الكامل للبحرين ضد كل ما يمس أمنها واستقرارها. وعدم قبول مصر بالتدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول الخليج العربي، وأن ما أعرب عنه الرئيس مرسي في خطابه حول ضرورة وحدة الصف العربي يمثل ركيزة أساسية للسياسة الخارجية المصرية.كما لا ننسى أن المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي بعث برسالة إلى العاهل البحريني جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، شهر فبراير 2011 - بعد أيام قليلة من قيام ثورة 25 يناير- يؤكد فيها عمق العلاقات الأخوية التاريخية المتميزة التي تربط مصر بشقيقتها مملكة البحرين على مختلف المستويات، وأن مصر ستواصل العمل بنشاط على كافة محاور اهتماماتها وأولويات سياستها الخارجية خلال المرحلة الانتقالية، متطلعاً إلى استمرار علاقات التشاور والتنسيق الوثيق بين البلدين الشقيقين. وزيارة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في الثلاثين من أكتوبر الماضي 2011 لمصر، وما تخللها من لقاءات ومباحثات مهمة مع القيادة السياسية المصرية وعلى رأسها المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، في ظل تطورات دولية مهمة للبلدين، وهذه الزيارات امتداد لزيارات عديدة أجراها العاهل البحريني إلى مصر، خلال السنوات الأخيرة حرصاً منه على تعزيز أواصر التعاون في صوره كافة، وتقديراً لدور مصر الفاعل في دعم القضايا العربية.يضاف إلى ذلك تأكيد القيادة المصرية في كل محفل أن أمن الخليج العربي "خط أحمر للأمن القومي المصري”، ثم تأكيد الرئيس محمد مرسي أخيراً أن مصر لن تقبل أي انتهاك للأمن القومي العربي.رؤية مصر والبحرين^ ما هي أبرز مجالات التعاون بين البلدين وسبل تفعيلها؟تتعدد مجالات التعاون بين القاهرة والمنامة على شتى الأصعدة، فعلى الصعيد السياسي، تتوحد رؤية مصر والبحرين إزاء العديد من قضايا المنطقة، حيث يشددان على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل والتعامل في هذه القضية وفق معايير موحدة تطبق على الجميع دون استثناء، كما يدعمان كفاح الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة، ويعملان بشكل دؤوب من أجل الحفاظ على سيادة العراق واستقلاله السياسي وعروبته، هذا فضلاً عن الموقف الرسمي لمصر والبحرين الداعم والمساند لثورة الشعب السوري.وعلى الصعيدين الثقافي والإعلامي، لم تدخر مصر وسعاً لمد جسور التعاون الثقافي والتواصل الفكري مع المنامة، من خلال نقل الخبرة المصرية في توثيق التراث الحضاري والثقافي إلى الشقيقة البحرين، وتبلور ذلك في بروتوكول تعاون وقع بين البلدين للعناية بالتراث الحضاري العربي والإسلامي والثقافي بين مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية ومركز الشيخ عيسى الثقافي بالبحرين، كما ترحب مصر دائماً بإرسال عدد من الخبراء المصريين للمساهمة في مجالات التنمية التي تشهدها البحرين في المجالات كافة.ونظراً لمكانة مصر الكبيرة لدى البحرين، شرفت القاهرة من خلال مؤتمر صحافي عقد شهر نوفمبر 2011، لوزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، أعلنت فيه "المنامة عاصمة للثقافة العربية لعام 2012.مجال العلاقات الحيوي^ ما هو حجم العلاقات على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري؟كما هو معروف، ترتبط مصر والبحرين حالياً بست اتفاقات و14 مذكرة تفاهم و 6 برامج تنفيذية للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والإعلامية والثقافية والسياحية والزراعية والقضائية والبيئية، فضلاً عن بروتوكول للتعاون في مجالي النقل الجوي والطرق.وأضم صوتي هنا إلى دعوة رجال الأعمال والاقتصاد في البلدين نحو إقامة خط ملاحة بحري بين مصر والبحرين، لضمان انسيابية وصول البضائع، ومرورها بسلاسة، وكذلك تعزيز التجارة البينية بين البلدين، إضافة إلى فتح البورصات بين البلدين أمام المستثمرين ورجال الأعمال البحرينيين والمصريين، مما يسهم في توافر فرص كبيرة لإنشاء مؤسسات مالية وبنوك تجارية مشتركة في كلا البلدين.كما إن عمق العلاقات السياسية بين البلدين، انعكس على العلاقات الاقتصادية واتخذت أشكالاً متعددة ومتنوعة شملت تقريباً جميع أوجه النشاطات التجارية والاستثمارية والتنموية والسياحية، حيث بلغت الصادرات المصرية للبحرين 46.2 مليون دولار في 2011، كما بلغت قيمة الصادرات البحرينية لمصر 77 مليون دولار 2011، وعلى الصعيد الاستثماري ارتفعت قيمة الاستثمارات البحرينية في مصر إلى حوالي 3.8 مليار دولار في أبريل 2012، بعد أن كان 1.7 مليار دولار في 2010، كما بلغ عدد الشركات -التي تحمل رأسمال بحرينياً- العاملة في مصر 157 شركة حتى أبريل 2012، منها 67 شركة بنظام الاستثمار الداخلي، و88 شركة -وفق قانون رقم 159 للاستثمار في الشركات المساهمة-، إضافة إلى شركتين في المناطق الحرة.ومن أبرز الاستثمارات البحرينية في مصر قيام البنك الأهلي المتحد بشراء بنك الدلتا الدولي عام 2008 مقابل 380 مليون دولار، فضلاً عن مساهمته في عملية تطوير ميناء دمياط، وما زالت الجهود مستمرة على الجانبين لزيادة تلك الأرقام بما يتماشى مع مستوى العلاقات بين البلدين الشقيقين.كما تسعى مصر والبحرين إلى تشجيع القطاعات الخاصة للاستثمار السياحي المتبادل، وعلى هذا الصعيد وقع البلدان برنامجاً تنفيذياً للتعاون في مجال السياحة، والعمل على تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين في القطاع السياحي الخاص في كلا البلدين لإقامة مشروعات سياحية مشتركة في مناطق التنمية السياحية الجديدة بما في ذلك المشاركة في مشروعات البنية الأساسية.عروبة وأمن المنطقة^ ما هو الشكل المتوقع للعلاقات المصرية الإيرانية وتأثيرها على دول الخليج العربية؟هناك محددات للسياسة الخارجية المصرية ثابته وراسخة على مر الزمان، نحو أخواتها من الدول العربية والخليجية لم ولن تتغير، ترتكز على رؤية عروبية تنبع من إيمان كامل بعروبة كل شبر من الأراضي العربية، فضلاً عن احترام سيادة كل دولة على أراضيها ورفض تام للتدخل في شؤونها الداخلية، فقد رفضت مصر التدخل الإيراني المتعاظم في العراق ودول الخليج، إبان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وعندما أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي مؤخراً أن ثمة مؤشرات كثيرة على التدخل الإيراني فيها، جاء الرد المصري بالتأكيد على عروبة واستقرار دول التعاون الخليجية، ثم مؤخراً تشديد الرئيس محمد مرسي، على أن أمن الخليج العربي جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، بما يعكس استمراراً في الرؤية المصرية القائمة على أن تنامي الدور الإيراني في منطقة الخليج يترك تأثيرات سلبية على دوائر الحركة الاستراتيجية لمصر في المنطقة.وإلحاقاً لما تقدم فإنه إذا كان هناك طرح في المستقبل لملف العلاقات المصرية الإيرانية، فإنه دون أدنى شك سوف تستثمره الدبلوماسية المصرية من أجل فتح الملفات الخلافية انطلاقاً من الدور الإقليمي والريادي لمصر وعلى قائمة تلك الملفات أمن دول الخليج العربي بما يؤسس لعروبة وأمن المنطقة.محطات بحرينية^ مع قرب انتهاء مهام عملكم سفيراً لمصر في البحرين نهاية أغسطس، هل هناك ما تود قوله بهذه المناسبة؟مهمتي في مملكة البحرين كانت من أهم محطات حياتي الدبلوماسية أن أخدم في دولة عربية شقيقة لها تاريخ كبير حضاري ولعلاقاتها بمصر، خصوصية شديدة باعتبار أن البلدين كانا على وفاق تام في الفترة المعاصرة في ظل منعطفات تاريخية في مواجهة الأحداث والمتغيرات السياسية التي مرت بها المنطقة العربية ومنطقة الخليج. وكانت مصر رغم أنها بعيدة جغرافيا، قريبة جداً من كافة التطورات التي تحدث في المنطقة، ومع تتابع القيادات السياسية في مصر حافظت على ثوابت مساندة ودعم القضايا السياسية والأمن القومي لمنطقة الخليج العربي، الذي نعتبره خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، في مواجهة أية ضغوط أو تهديدات خارجية. إن النهضة التي شهدتها البحرين والتطور على كافة الأصعدة السياسية والديمقراطية وبرامج الإصلاح التي رعاها جلالة الملك كان لها أثرها الإيجابي على تقوية العلاقات الثنائية.وبهذه المناسبة أود أن أوجه رسالة شكر إلى جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، على رعايتهم الكريمة ودعمهم الدائم، واستجابتهم لكافة الطلبات الخاصة بأبناء الجالية المصرية العاملين في المملكة، ورسالة شكر أوجهها أيضاً إلى شعب البحرين المضياف الذي يرحب بأبناء مصر كأنهم في بلدهم.ولا شك أن ترحيبهم بنا وفتح مجالات كثيرة أمام المصريين كان له تأثير على زيادة عدد الجالية المصرية في البحرين حيث يصل عددهم حاليا لـ 22 ألفا، خصوصا في المجالات الطبية والتدريس والجامعات والاستشارات القانونية.
السفير حربي:أمن الخليج خط أحمر لا يمكن تجاوزه في مواجهة الضغوط والتهديدات الخارجية
12 يوليو 2012