الوطن ـ خاص:في الوقت الذي امتلك مجلس أمناء "بي بي سي” المعروف باسم "بي بي سي تراست”، القدرة والشجاعة على الاعتراف بأن تغطية قناة "بي بي سي” للأحداث التي شهدتها مملكة البحرين خلال العام الماضي اتسمت بعدم التوازن والحيادية، فإن وكالة "رويترز” البريطانية مازالت مستمرة في نهجها لتشويه حقائق الأوضاع والأحداث في المملكة، من خلال حملة إعلامية منظمة تتبنى وجهات نظر أحادية الجانب ولا تتحرى الدقة والمهنية في نقل المعلومات من مصادرها الموثوقة تضليلاً للرأي العام. فبعد مدة وجيزة من اعتراف "بي بي سي”، الذي جاء على طريقة "وشهد شاهد من أهلها” والذي يصعب تصور أنه سيصلح ما أفسده خطابها الإعلامي المضلل على مدار قرابة عام ونصف من دون إجراء عملي يوضح الحقائق التي تم تغييبها، نجد أن "رويترز” تواصل تمسكها بعدم الموضوعية في تعاطيها مع أحداث البحرين، وهو ما أكده تناولها لخبر الحكم على المدعو نبيل رجب في قضية سب أهل المحرق.فالوكالة "المعروفة " لم تتطرق لحيثيات حكم المحكمة وفق ما تقتضيه قواعد المهنية المتعارف عليها بصفته حكماً قضائياً، وقلبت الحقائق وصورت الأمر على أنه استهداف حكومي "مدفوع الأجر” لرجب من "مجموعة من ضباط الجيش والشرطة المتقاعدين والذين يعدّون موالين للحكومة” من دون أن تقدم أي دليل يؤيد ذلك، ما يعني أنه مجرد كلام مرسل لا أساس له من الصحة، خاصة وأن الجميع في البحرين يعرف أن من تقدم بالدعوى هم "عضو بلدي سابق وناشط اجتماعي” من أهالي المحرق وليس عسكريين كما ادعت الوكالة من دون أن تتأكد من صحة هذه المعلومة من عدمها. وحاولت "رويترز” رسم صورة غير صحيحة تتوافق بصفة تامة مع ما تروجه العديد من المنظمات الحقوقية المسيسة والمشبوهة، حول استهداف الحكومة للنشطاء الحقوقيين، رغم أنه لا توجد علاقة للحكومة بذلك من قريب أو بعيد، فالقضية برمتها تنحصر في دفاع مجموعة من المواطنين عن كرامتهم بعد أن قام من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان "نبيل رجب” بسبهم والحط من كرامتهم واتهامهم في وطنيتهم بطرق العلانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما يجعلهم محلاً للازدراء، وهو الأمر الذي عالجه القضاء البحريني وفق محاكمة عادلة أدانته بعد ثبوت التهمة بالدليل القاطع. ويعيد ذلك إلى الأذهان الحملة الإعلامية المغرضة التي مازالت مستمرة ضد البحرين وما ألحقته التغطية غير المتوازنة من أضرار بالغة بمجرى الأحداث، بسبب ما شنته القنوات البريطانية والأمريكية والإيرانية وقناة الجزيرة القطرية والقنوات التابعة لحزب الله اللبناني من حملات إعلامية منحازة، حمل بعضها خطاباً تحريضياً يستهدف إسقاط النظام الحاكم في البحرين، وهو ما دفع البحرين مؤخراً إلى اتخاذ قرار بوقف بث باقتها التلفزيونية على العرب سات بسبب عدم تنفيذ قرار إغلاق القنوات الإيرانية.والغريب في الأمر، أنه رغم أن غالبية المؤسسات الإعلامية الكبرى مثل " بي بي سي " و«رويترز " وغيرها تدعي التزامها بمعايير التوازن والحياد والموضوعية في تناولها لمختلف الأحداث، فإن تجاهلها لهذه المعايير يثير الشكوك حول نوايا تلك المؤسسات وتوجهاتها، والتي تمثل انعكاساً للسياسات والتوجهات البريطانية وسياسة الكيل بمكيالين التي يتبعها الغرب عموماً. وهو ما يؤكد وجود منهجية متكاملة تتبعها وسائل الإعلام الغربية منذ بداية أحداث ما يسمى بـ "الربيع العربي” لتحقيق أهداف سياسية مكشوفة وتشويه صورة البحرين في الخارج اعتماداً على تزوير الحقائق ونشر الادعاءات الباطلة، لإثارة الرأي العام العالمي تجاه حكومة البحرين، ومحاولة تصوير الأمر بسذاجة على أنه " قطعة دومينو جديدة في طريقها إلى السقوط "في موسم "الربيع العربي”، من دون النظر إلى اختلاف الأوضاع بصفة كلية بين البحرين وغيرها من الدول.وهذا الأمر يتجلى واضحاً بنحو خاص فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان في البحرين، الذي تديره إعلامياً شبكة من العلاقات المشبوهة، التي نسجها من يدعون أنهم نشطاء حقوق الإنسان على مدى سنوات مع المنظمات الدولية، لدعم مواقفهم عبر سلسلة من التقارير غير المحايدة والتغطيات الإعلامية المنحازة، وذلك بعدما بات هؤلاء هم مصدرها الأول وربما الوحيد لكل ما هو مغلوط من معلومات حقوقية. وإزاء هذا الكم من المغالطات والتشويه الإعلامي المتعمد خصوصاً من جانب الإعلام البريطاني، بات التساؤل الأكثر إلحاحاً هل حان الوقت لاتخاذ موقف حاسم ومقاضاة وسائل الإعلام التي تتعمد تشويه صورة البحرين؟