كتب - هشام الشيخ:دعا مدير إدارة التشريع والجريدة الرسمية في هيئة التشريع والإفتاء القانوني د. مال الله الحمادي إلى تحرير تشريعات "العقود الإدارية” من البيروقراطية، موضحاً في تصريح لـ«الوطن”، أن توفير الضمانات للمتعاقدين مع الدولة في تلك العقود ينعش الاستثمار ويدعم رؤية 2030، ويحقق وفراً مالياً للدولة من خلال مساهمته في تنويع العروض وتفاوت الأسعار.واقترح إقرار مزيد من التشريعات أكثر تحرراً من بيروقراطية النصوص القديمة فيما يخص "العقود الإدارية” التي تحرص فقط على ضمان سلطات الإدارة، خصوصاً ما يتعلق بمشروعات البنية الأساسية ومشروعات نقل التكنولوجيا، موضحاً أن ذلك يأتي على غرار ما فعله المشرع المصري فيما يتعلق بعقود الالتزام وعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص والعقود الخاصة بالمشاريع الكبيرة كالمطارات ومحطات توليد الكهرباء.وورد هذا الاقتراح في رسالة الدكتوراه التي تعد الأولى من نوعها في مملكة البحرين التي تفرد بحثاً مستقلاً لموضوع ضمانات العقود الإدارية التي تكون الدولة طرفا فيها، وحصل المستشار د. مال الله الحمادي على الدكتوراة في الثامن من يوليو الجاري، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى من معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، في مجال القانون الإداري والعقود الإدارية، تحت عنوان "ضمانات المتعاقد مع الإدارة- دراسة مقارنة”.وأوضح أن مغزى المطالبة بتعديلات على القانون هو الطموح للتطوير نحو الأفضل، مؤكداً أن القانون الحالي في البحرين نموذجي في هذا الشأن، وهو مأخوذ من القانون الذي وضعته لجنة من الأمم المتحدة.وتناول د. الحمادي في البحث، موضوع ضمانات المتعاقد مع جهة الإدارة، سواء في المرحلة السابقة على إبرام العقد أو في مرحلة الإبرام أو أثناء التنفيذ، وأورد العديد من هذه الضمانات، سواء التي تقررت بنصوص تشريعية في بعض البلاد أو تلك التي تقررت بموجب أحكام المحاكم المختلفة أو تلك التي تتقرر وفقاً لاتفاق أطراف العقد، مستعيناً في ذلك بالدراسات المقارنة بين كل من فرنسا ومصر ومملكة البحرين. وخلص في رسالته إلى أن مملكة البحرين عرفت نظرية العقد الإداري، وطبقت محاكمها المدنية أسس وقواعد النظرية في العديد من أحكامها على الرغم من عدم وجود نص صريح يقضي بذلك، وعدم وجود قضاء إداري متخصص، كما إن تطبيق نظرية العقد الإداري لا يستلزم بالضرورة وجود قضاء إداري مستقل، فنظرية العقد الإداري يمكن أن توجد في الدول التي لديها نظام القضاء الموحد وذلك من خلال تطبيق هذا القضاء للمبادئ العامة والقواعد المتعلقة بالعقد الإداري.وأوضح أن” الرأي القانوني لجهة الاختصاص بمملكة البحرين، استقر على جواز الاتفاق على التحكيم لفض المنازعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الجهات الخاضعة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات والمشتريات والمبيعات الحكومية”.وأكد أن” توفير الضمانات المختلفة للمتعاقد مع الإدارة غاية في الأهمية، فهي تحقق هدفاً مزدوجاً يشمل المصلحة العامة ومصلحة المتعاقد مع الإدارة، إضافة إلى أنه يتعين أن تكون العلاقة بين جهة الإدارة والمتعاقد معها علاقة تعاضد وتعاون لتنفيذ العقد على أفضل وجه وبما يتوافر في كلا الطرفين من أمانة وثقة واحترام وحسن نية للوصول إلى الهدف الأسمى وهو المصلحة العامة”.وأضاف أن” من أهم المبادئ التي قررتها المحاكم المختلفة في شأن العقود الإدارية عموماً مراعاة حسن النية في العلاقة التعاقدية بين جهة الإدارة والمتعاقد معها، وتنفيذ العقد من قبل جهة الإدارة بمجرد إبرامه، وعدم جواز تعديل الموقع المحدد لتنفيذ العقد، واحترام جهة الإدارة لمدد تنفيذ العقد وشروط أداء المقابل المالي، وكذلك الخروج على مبدأ عدم جواز الدفع بعدم التنفيذ وأخيراً حق المتعاقد في التوازن المالي للعقد الإداري”.وأوصى د. الحمادي في رسالته بتعديل قانون المناقصات والمزايدات البحريني فيما يتعلق: بتقرير أحكام محددة فيما يحقق مزيداً من الضمانات للمتعاقدين مع الإدارة، خصوصا فيما يتعلق بتنظيم الدفعات المقدمة والدفعات تحت الحساب وإعادة النظر في الأسعار كل ثلاثة شهور نتيجة أية ظرف من الظروف التي قد تحدث أثناء تنفيذ العقد.وإلزام جهة الإدارة "الجهة المتصرفة”، بإعذار المتعاقد قبل اتخاذ أي جزاء ضده، لما يمثله هذا الإعذار من ضمانة أساسية له يتم من خلالها تبصيره بما يمكن أن تتخذه جهة الإدارة ضده من إجراء نتيجة إخلاله أو تقصيره ليكون على بينة من أمره. وإلزام جهة الإدارة بأن تدفع للمتعاقد معها دفعات مقابل ما أداه من أعمال، وأن تسوي له مستحقاته أول بأول عن كل مرحلة من مراحل المشروع. وتقنين فكرة التوازن المالي للعقد الإداري، واتخاذ الريادة في تنظيم أحكامها وفقاً لأسس التعويض وحالات استحقاقه انطلاقاً من النظريات المختلفة لهذه الفكرة. وتقنين التحكيم في العقود الإدارية وتنظيمه بنصوص تشريعية تفصيلية تتضمن المحافظة على طبيعة العقد الإداري وتنظم حقوق المتعاقد مع الإدارة. وإلزام المتناقصين بتقديم عطاءاتهم في مظروفين أحدهما فني والآخر مالي، بحيث يكون هذا الأمر وجوبياً وليس جوازياً. وضرورة موافقة المتعاقد عند تجاوز نسبة الـ "15 %”، المقررة قانوناً لتعديل العقد الإداري. حضر مناقشة الدكتوراه سفير المملكة لدى مصر الشيخ راشد بن عبدالرحمن آل خليفة والقنصل نوار المطوع والملحق الثقافي المستشارة فاطمة البوعينين.ومنح أعضاء لجنة المناقشة لقب مرتبة الشرف الأولى واعتبروه إضافة جديدة للمكتبة القانونية العربية، نظراً لموضوع البحث والأسلوب المتبع وتنوع المراجع والأمانة العلمية.وتكونت اللجنة من عدد من أساتذة وفقهاء القانون في مصر، وهم:« الأستاذ الدكتور جابر نصار الفقيه الدستوري، وأستاذ القانون بجامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور عمر حلمي عميد حقوق عين شمس السابق، والأستاذ الدكتور ربيع فتح الباب، والأستاذ الدكتور محمد سعيد أمين”.