ألقى العام الماضي بظلاله على سوق المشروعات بدول مجلس التعاون الخليجي. ولأن قيمة العقود التي أرسيت في دول المجلس العام 2011 لم تتجاوز 120 مليار دولار، فإن إجمالي القيمة يقل بحوالي 25 مليار دولار عن نظيره العام 2010 والبالغ 146 مليار دولار.ويعزى الانخفاض الحاد في أنشطة عقود المقاولات أساساً إلى تراجع وتيرة إرساء العقود الجديدة في أبوظبي. وتشمل العوامل الأخرى ذات العلاقة تراجع الأنشطة في قطر، وذلك على خلاف التحليلات التي توقعت ارتفاعها في ضوء استعداد الدوحة لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم العام 2022 وحقيقة أن قيمة العقود التي أرسيت في الكويت هبطت عن مستواها في العام الأسبق. ويتمثل الاستثناء الوحيد لنزعة التراجع تلك في زيادة العقود التي تم إرساؤها في السعودية، وذلك طبقاً للبيانات الواردة في تقرير سوق المشروعات السعودية للعام 2012، والصادر عن مجلة «ميد». وارتفع إجمالي قيمة العقود في السعودية بنسبة 6% ليبلغ 66 مليار دولار العام الماضي، ما يعني أن الرياض أرست عقوداً تصل إلى ضعف قيمة العقود التي أرسيت في باقي دول مجلس التعاون. وليس هناك شك في أن السعودية أصبحت اليوم أكبر سوق للمشروعات في المنطقة، حتى باتت الخيار الأول لغالبية الشركات.كما إن هناك عوامل عديدة تدفع حركة النمو هذه في سوق المشروعات. والعامل الأكثر وضوحاً يتمثل في الارتباط القوي بين أسعار النفط وزيادة قيمة العقود التي يتم إرساؤها. ومع صعود أسعار النفط منذ العام 2003، تصاعدت معها عوائد الحكومة، وكذلك قدرات الرياض على زيادة التمويل المخصص للمشروعات. وفي سوق للمشروعات لاتزال تحت هيمنة القطاع العام، قد يشكل سعر النفط العامل المهيمن الذي يقود أداء هذه السوق. وفي الوقت ذاته، يعني هذا أيضاً أن تراجع أسعار النفط سينعكس سلباً على أداء السوق. والعامل المهم الثاني هو النمو السكاني، والذي يزيد الضغوطات على مشروعات البنية التحتية، وخاصة المدارس والمستشفيات ومساكن ذوي الدخل المحدود. وتعكس خطة الإنفاق الإضافي -التي أعلنت في أوائل العام 2011- اهتمام الحكومة باحتياجات السكان، بما في ذلك خلق المزيد من الوظائف وتوسيع نطاق الخدمات الحكومية. وتشير التوقعات إلى أن عدد سكان السعودية يتجه للصعود إلى أكثر من 50 مليون نسمة بحلول العام 2050، من العدد الحالي البالغ 30 مليون نسمة. ومن أجل تفادي حدوث أزمة سكانية، تدرك الحكومة أن الواجب يتطلب استثمار المزيد من الأموال الهادفة إلى خلق أعداد من الوظائف تكفي للمواطنين. ومثلما يحصل في مناطق أخرى من الخليج، يهيمن على سوق المشروعات السعودية ذاك النوع من المشروعات التي يطلقها القطاع العام، في حين ينحصر نشاط القطاع الخاص أساساً في قطاعات البتروكيماويات والإنشاءات والطاقة.وتشير التوقعات إلى اتجاه حصة مشروعات القطاع الخاص إلى الارتفاع في ظل تشجيع الحكومة إجراءات توسيع دور هذا القطاع وزيادة مشاركته في تطوير المشروعات. وسيتخذ مبدئياً، شكل نزعة تنحو نحو زيادة التركيز على المشروعات التي تقام بواسطة القطاع الخاص في قطاعات الطاقة والمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، علاوة على المشروعات العقارية.عملاق قطاع الإنشاءاتداخل قطاع الإنشاءات السعودي لا يوجد إلا لاعب مهيمن واحد ألا وهي مجموعة بن لادن السعودية. وهذه الشركة كبيرة جداً من ناحية الأعمال التي تنفذها إلى الدرجة التي تعادل أعمالها حجم الأعمال التي تنفذها باقي الشركات التسع الكبرى مجتمعة. بل إنها شركة المقاولات الأكبر في منطقة الخليج دون منازع. وتمارس مجموعة بن لادن دورها عملياً كذراع إنشائي للدولة، حيث تتلقى بعض أكبر وأغلى عقود القطاع العام. وحسب العادة فإن هذه العقود الكبيرة تقسم إلى عقود أصغر ويعاد إرساؤها من الباطن على مقاولين فرعيين وأن بعض النجاحات المتميزة في هذا المجال تحققت من خلال المقاولين الفرعيين دون غيرهم، إضافة إلى أن مجموعة بن لادن ذاتها تحولت إلى الشريك الذي تبحث عنه شركات المقاولات الأجنبية دائماً.وتعتبر «أوجر» السعودية شركة المقاولات الوحيدة التي يمكن مقارنتها بمجموعة بن لادن، بل وظلت تمثل قوة رئيسة في السعودية طوال عقدين من الزمان. وليس من المفاجئ أن شركة «ارمكو» تعتبر الزبون الأكبر في السعودية من ناحية حجم الأعمال المنفذة. إذ إن أكبر شركة نفط وغاز في العالم تنفذ مشروعات تصل قيمتها إلى 25 مليار دولار، وذلك في إطار تنفيذ خطتها برفع إنتاج النفط وإقامة معملي تكرير بطاقة 400 ألف برميل في اليوم لغرض التصدير - في كل من الجبيل وينبع. وتأتي شركة الكهرباء السعودية في المرتبة الثانية. فهذه الشركة تحمل على عاتقها مهمة ضمان 4 آلاف ميغاواط من الطاقة الإنتاجية الجديدة سنوياً حتى تلاحق الطلب المتصاعد، ومن ثم فقد اشتهرت بإرساء عقود إقامة محطات إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية. ومن المتوقع أن تكون «البتروكيماويات» القطاع الذي يشهد أقوى درجات النمو نتيجة للعقود التي أرسيت لإقامة مشروعين كبيرين، هما مجمع شركة الصدارة للكيماويات في الجبيل، والمرحلة الثانية من توسعة مشروع بترورابغ، إضافة إلى توسعة وترقية عمليات مجمعي البتروكيماويات «كيميا» و»سبكيم». وكل هذه المشروعات ستوفر فرصاً هائلة لمقاولي الإنشاءات.المصدر: ميد
السعودية تقود سوق المشروعات الخليجية
21 يوليو 2012