^ عندما تحركت السفارة البريطانية لتدين ما حصل في العكر، وأصدر البيت الأبيض الأمريكي بياناً يستنكر فيه الحادث الإرهابي الذي استهدف الشرطة، كان متوقعاً جداً أنْ يسارع حزب الله البحريني وأذياله وآلة الإعلام الأصفر المتقلب لاستنكار الفعل ولو على مضض، إذ ماذا سيكون مبرر سكوتهم أمام البريطانيين والأمريكان؟، ولو سكتوا هل يعني ذلك قبولهم بما حصل، وهم الذين يرفعون دائماً الشعار الكاذب لخداع العالم الغربي ..”سلمية .. سلمية”؟! لدينا محترفو كذب في البحرين، مصدرون معتمدون له، هم اليوم يتقافزون ويقيمون القيامة على أيِّ “رد فعل” من الأطراف الأخرى من مكوِّنات مجتمع تخالفهم الهوى السياسي، أو الانتماء المذهبي إضافة إلى أجهزة الأمن، يقيمون القيامة حتى لو كانت تصرفات فردية مرفوضة (وهم من كان يبرر أفعال جماعتهم بأنها تصرفات فردية، لا يجب أن تنسحب على الجميع)، يقيمون القيامة على تصرفات تدخل في سياق ردود الفعل على الاستفزاز الصريح الذي يدار على الأرض، يخرجون ويصرخون باعتبار أنهم “المسالمون” القابعون في بيوتهم، وأنَّ الآخرين هم من يقتحمون عليهم سكينتهم ويسلبون منهم أمنهم. هؤلاء إنْ كانوا يريدون أنْ يُقنعوا أحداً بمصداقيتهم كان عليهم تسجيل المواقف أولاً بشأن كل فعل تخريبي إرهابي عنصري تمّ ارتكابه من قبل المخربين على الأرض، منذ أن بدأت محاولة الانقلاب وإسقاط النظام، وليس الآن سعياً لخلع رداء الذئب والعودة للبس رداء الحمل الوديع، وليس الآن بعد أنْ تتحدث الدولتان الأجنبيتان اللتان يعولون على مساندتهما لهم، بل كان يفترض أنْ يتمَّ ذلك منذ البداية. لكنهم لم يفعلوا ذلك لأنهم كانوا مشغولين بتوزيع المناصب واقتسام الغنائم باعتبارأنَّ البحرين سقطت، وكان من يتوسل اليوم إعادة اللحمة ويصدر مصطلحات “التعايش” و”الإخوة” هو من يصرخ في وجوه الآخرين بكلماته العنصرية بأنهم “الخارجون” هو وجماعته “الباقون” لأنَّ البحرين لهم فقط. أصحاب المواقف واضحون تماماً وخطابهم مباشرلا يحتاج لفك شفرات أو ينتابه الغموض، من يرفض العنف يرفضه بكل أشكاله وبكل انتماءاته وبكل مذاهبه، لا أنْ يرفضه اليوم لأنه مسه ويسكت عنه، لأنَّ مرتكبيه يعزفون على الوتر الذي يطرب له قلبه والمتضررون منه هم أولئك الذين يقول لهم “ارحلوا”. عندما قتلوا شرطياً ودهسوه خرست ألسنتهم ولم يقولوا هذا عمل إرهابي وقتل صريح، بل بعضهم تحوَّل إلى مخبر سري يفترض الافتراضات ويخترع السيناريوهات فقط لأجل تبرئة ساحة من قتل، وأخذ يستميت مدافعاً عنهم متباكياً على عقوبة الإعدام، فقط لأنهم ممن يميل لهم قلبه، واليوم يتباكى على تكسير محلات تجارية ويقيم القيامة بشأنها! ليتكم تتعاملون بنفس “المكيال” لكنا احترمنا فيكم على الأقل العدالة والإنصاف. لم يدينوا تخريب الممتلكات العامة وقطع الطرق على الناس وشلّ البلد والطائفية في المستشفى والمدارس والاعتداء على فتاة تمر بسيارتها، والآن يقيمون القيامة عندما تتحرك مجموعة من الناس في “رد فعل” على استفزازات يومية وعمليات إرهابية ورمي للمولوتوف وتهديد للمناطق هي “الفعل الأساس”! من يريد أنْ ينتقد العنف عليه أنْ ينتقد أولاً ما يصدر عن جماعته ومن يؤيدهم. والله لا تجرؤون على إدانة المولوتوف إلا بكلمات “خجولة” وبعد تردد حتى لا يغضب عليكم عناصر في الشارع المنفلت الذي احترف التخريب، ويثقل عليكم حمل القلم لكتابة حرف إدانة للعنف إلاحين يدين الخارج ذلك، حتى لا تخسروهم ولتبينوا لهم أنكم تقفون على الحياد. لماذا لا تدينون العنف من جانبكم؟، لماذا لا تدينون استخدام المولوتوف؟، لماذا لا تدعون الشباب الذين تريدونهم أنْ يصفوكم بأبطال الساحة ومناضلي الإعلام أنْ يوقفوا ممارسات التخريب، أتخافون من غضبهم عليكم؟، لماذا لا يصدر مرجع الوفاق فتوى تجرّم استخدام المولوتوف ويرفض التعرض لرجال الأمن باعتبار أنَّ حراك جماعته “سلمي”؟ هم لا يريدون لدائرة العنف أنْ تتوقف، ورهانهم اليوم هو استفزاز المكوِّنات الأخرى حتى تقوم بردات فعل، حينها سيقوم الإعلام الأصفر بدوره في قلب كل شيء، ليقوم هذا الإعلام الذي “خرس” أيام الأزمة عن وصف الجرائم، التي ارتكبت بحق المكونات الأخرى وبحق الوطن، ليقوم اليوم بقلب الصورة وإدانة المكونات الأخرى واتهام “كل” أفراد الأمن بممارسة العنف والإرهاب. المفارقة بأنَّ الدولة امتلكت الشجاعة لاستجلاب لجنة دولية لتقصّي الحقائق، أشارت لأخطاء وقعت في أجهزة الدولة وحمّلتها المسؤولية في بعض الأمور، وقبلت الدولة بذلك واعترفت وبدأت تُصلح، لكن في المقابل لم يعترف المناضلون أو إعلامهم الموالي لهم طائفياً بارتكاب ولو خطأ واحد، لم ينتقدوا ممارسة إرهابية واحدة، لم يصل لعلمهم بأنَّ مريديهم يلقون “المولوتوف” ويستهدفون الشرطة، لم يعترفوا بكل ذلك. يبدو أنهم مجبرون على غضّ الطرف عن مصدر الإرهاب وتحويل سهامهم إلى المكوِّنات الأخرى التي لم تُرَبَّ على ثقافة “الانتقام”، إذ تخيّلوا لو امتلكوا “الشجاعة” لإدانة العنف والإرهاب فأبسط ما سيطالهم سيل من زجاجات المولوتوف الحارقة، وهم يعرفون ذلك تماماً لأنهم يعرفون شارعهم جيداً. هنا قد نجد لكم العذر في استمراركم لممارسة الكذب، إذ يبدو أنها بالفعل “شجاعة من نوع آخر”.
«شجاعة من نوع آخر»!
27 مايو 2012