عواصم - (وكالات): نجح مجلس الأمن أمس إثر مفاوضات صعبة مع روسيا في إصدار أول قرار له يتعلق بالوضع في سوريا، قضى بإرسال مراقبين دوليين تصل طليعتهم اليوم للإشراف على وقف إطلاق النار، الذي اهتز في يومه الثالث ما أدى إلى وقوع 20 قتيلاً مدنياً. وفي حين ركزت الدول الغربية بعد صدور القرار على ضرورة «إقران الأقوال بالأفعال» بالنسبة إلى النظام السوري، سارع المجلس الوطني السوري المعارض إلى الترحيب به معلناً استعداده لتسهيل تنفيذه. وبعد مفاوضات صعبة أصدر مجلس الأمن بالإجماع القرار 2042 الذي أعطى الضوء الأخضر لنشر مراقبين في سوريا يشرفون على وقف إطلاق النار. وأعلن المتحدث باسم دائرة عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة كيران دواير أن «5 مراقبين عسكريين استقلوا الطائرة» فور تبني القرار متوقعاً وصولهم إلى سوريا «على الأرجح اليوم» على أن يليهم 25 مراقباً «في الأيام المقبلة». وسيكون هؤلاء المراقبون مقدمة لإرسال أكثر من 250 مراقباً في وقت لاحق، إلا أن نشر هؤلاء سيحتاج لأسابيع عدة ولابد من قرار جديد لمجلس الأمن لإرسالهم. وهذا القرار هو الأول الذي يصدر عن مجلس الأمن بشأن سوريا، إذ سبق أن حالت روسيا والصين مرتين في السابق دون صدور قرار عبر استخدامهما حق النقض. ويطلب القرار من السلطات السورية ضمان أمن المراقبين وحرية تحركهم التي يجب أن تكون «كاملة دون عقبات وفورية»، كما يشير القرار إلى ضرورة أن تكون الاتصالات بين المراقبين سرية. وجاء في القرار أيضاً أن مجلس الأمن يحتفظ لنفسه بحق «اتخاذ أي إجراءات يراها مناسبة» في حال لم يتم تطبيق القرار. كما تطالب الدول الـ15 من الحكومة السورية في هذا القرار الالتزام بوعودها بسحب قواتها من المدن «بشكل واضح» طبقاً لخطة الموفد الخاص الدولي والعربي إلى سوريا كوفي عنان. كما ذكرت أن عنان كان طالب القوات السورية بـ»العودة إلى ثكناتها» لتعزيز وقف إطلاق النار. وكانت الدول الغربية قدمت مشروع القرار وخضع لمناقشات صعبة مع روسيا بشكل خاص والصين قبل أن يقر أمس. واعتبرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، أن عودة العنف إلى سوريا وخصوصاً قصف حمص «يطرح من جديد شكوكاً جدية حول رغبة النظام» السوري في الالتزام بوقف إطلاق النار. كما أعرب السفير الفرنسي جيرار ارو بعد صدور القرار عن ارتياحه مشيداً بـ»عودة المجتمع الدولي للكلام بصوت واحد»، مضيفاً «لقد تراجع العنف إلا أن القصف الذي استهدف المدنيين في حمص يؤكد مخاوفنا حول جدية التزام النظام السوري». من جهته قال السفير البريطاني مارل ليال غرانت إن هذا القرار «يأتي بعد أن عانى الشعب السوري خلال أكثر من عام من وحشية لا توصف على أيدي نظام جعل من بقائه أولية». وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين إن «تعديلات مهمة أدخلت لجعل النص أكثر توازناً» معتبراً أنه سيكون على المراقبين «رفع تحد صعب وإظهار الكثير من المهنية والشجاعة والموضوعية في عملهم». ورحب المجلس الوطني السوري المعارض بقرار مجلس الأمن وأكد استعداد المعارضة لتنفيذه. وجاء في بيان صادر عن رئيس المجلس برهان غليون «يشكل هذا القرار الذي تأخر صدوره، أول ثمرة سياسية دولية لكفاح السوريين وتضحياتهم، وخطوة أُولى مهمة في طريق تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الشعب السوري». ورحب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بالقرار الجديد واعتبر أن بعثة المراقبين «مرحلة حيوية في دعم وقف إطلاق النار الهش في سوريا، ومن الضروري أن تبدأ العمل قريباً ومن دون عراقيل» وذكر بأن على النظام السوري أن «يتوقف عن استخدام الأسلحة الثقيلة في الأحياء السكنية». ميدانياً أدت أعمال العنف أمس إلى مقتل 20 مدنياً وعنصرين من قوات الأمن السورية، حسبما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتعرضت أحياء في مدينة حمص وسط سوريا لسقوط قذائف مصدرها القوات النظامية، كما أطلقت قوات الأمن النار على متظاهرين في حلب ما أسفر عن سقوط قتلى. وقتل متظاهرين برصاص الأمن في مدينة حلب أثناء تشييعهم قتيلاً سقط برصاص الأمن في تظاهرات أمس الأول. من جهة أخرى، نقل التلفزيون السوري أن «مجموعات إرهابية مسلحة في حلب تنتشر في جبل الإذاعة وتطلق النار عشوائياً». وفي حمص، أفاد ناشطون بسقوط قذائف على أحياء حمص القديمة، ما أسفر عن مقتل مدنيين بحسب المرصد السوري. ودخل وقف إطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ، وتبعه ذلك انحسار في أعمال العنف رغم تسجيل خروقات عدة له أسفرت عن سقوط عدد من القتلى. من جانب آخر، أعلنت الحكومة الألمانية أنها تحقق في احتمال انتهاك الحظر على الأسلحة لسوريا بعد نشر مقال تحدث عن نقل أسلحة إيرانية على متن سفينة شحن ألمانية لتسليمها للنظام السوري. وصرحت متحدثة باسم وزارة الاقتصاد الألمانية بعد نشر مقال على موقع صحيفة «دير شبيغل» الألمانية أن «الحكومة الألمانية تدرس كل الدلائل حول احتمال انتهاك الحظر» على الأسلحة لسوريا. وأكدت الصحيفة أنه تم اعتراض سفينة شحن ألمانية تنقل أسلحة إيرانية لتسليمها للنظام السوري على بعد 80 كلم قبالة ميناء طرطوس السوري. وقالت المتحدثة إنه بحسب مجرى التحقيق «يتعلق الأمر بسفينة صاحبها ألماني». وبحسب الصحيفة فإن سفينة الشحن «اتلانتيك كروزر» يملكها الألماني بوكشتيغل ومقره امدن شمال غرب ألمانيا وقد تكون حملت في مرفأ جيبوتي بأسلحة لنقلها إلى نظام بشار الأسد بعد أن نقلتها سفينة إيرانية في وقت سابق.