صوم رمضان خلال أشهر الصيف وارتفاع درجة الحرارة وساعات النهار الطويلة وزيادة نسبة التعرق ومن ثم فقدان السوائل من الجسم مع زيادة تركيز الأملاح كلها عوامل خطورة تجعلنا نتساءل.. ماذا يفعل مريض الكلى بسبب انقطاعه عن شرب الماء طوال نهار رمضان؟ وما التدابير التي يتخذها للخروج الآمن من هذا الشهر الفضيل؟ ومتى يجبره وضعه الصحي لاستخدام رخصة الإفطار والتعويض في أيام أخرى؟«الوطن” تستعرض في التقرير التالي الإجابة على تلك التساؤلات:يؤكد الأطباء أن الكليتين هما المرشح الطبيعي الذي يبقي على المواد النافعة كالبروتينات والجلوكوز ويلفظ السموم كالبولينا والكريتينين وحمض البوليك بالإضافة إلى علاقتهما بضبط ضغط الدم بشكل عام.ويأتي شهر رمضان المبارك هذا العام في الطقس الحار وساعات الصيام الطويلة نظراً لطول نهار الشهر الفضيل لذلك فتأثير تلك الظروف على مرضى الكلى سيكون سلبياً حيث الحر والرطوبة والجفاف بسبب التعرق وفقدان السوائل من الجسم، ومن ثم يزداد تركيز الأملاح في البول. لذلك فإن من أشهر مضاعفات صوم رمضان هي ازدياد احتمال تكوين حصوات الكلى لمن لهم تاريخ مسبق تكرر فيه تكوين الحصوات البولية نتيجة تركيز أملاح البول بسبب قلة شرب المياه وقلة السوائل في الجسم. ولذلك ينصح استشاريو أمراض الكلى المرضى المعرضين لتكرار تكوين الحصوات بعدة نصائح أهمها ضرورة استشارة الطبيب المختص لإقرار القدرة على الصيام من عدمه طبقاً للحالة الصحية ونتائج الفحوصات والتحاليل لتقييم الوضع الصحي للمريض قبل أخذ القرار المناسب.حصوات الكلىويضيف الأطباء أنه "يوجد في العالم العربي الكثير من المرضى الذين يعانون من حصوات الكلى والتي تتكون نتيجة تركيز الأملاح في البول والتي من شأنها أن تترسب على هيئة حصوات، كما إن درجة حمضية البول قد تساعد على تكوين أنواع من الحصوات مثل حصوات حمض البوليك وكذلك فإن شرب المياه التي تحتوي على نسبة عالية من الأملاح من شأنه زيادة فرص تكون حصوات المسالك البولية، كما إن بعض أنواع الطعام تحتوي على نسب مرتفعة من الكالسيوم أو الأوكسالات والتي تؤدي إلى تكوين حصوات أوكسيلات الكالسيوم. كذلك قد تسبب زيادة الفيتامينات أيضاً تكوين الحصوات إذ إن زيادة فيتامين "د” بالجسم تؤدي إلى زيادة الكالسيوم مما يشجع على تكوين الحصوات، كما إن زيادة فيتامين "سي” تساعد على تكوين الأوكسالات. ويلاحظ أن للبروتينات في طعامنا دوراً كبيراً في تكوين الحصوات وذلك لاحتوائها على كميات كبيرة من الكالسيوم والأوكسالات كما إن ناتج هضم البروتينات هو تكوين حمض البوليك.ويوضح الأطباء أن الحصوات أيضاً تحدث لدى المرضى الذين يلازمون الفراش لفترات طويلة وذلك نتيجة لزيادة الكالسيوم في البول، بالإضافة إلى ضعف البول، ويجب ملاحظة دور العوامل الوراثية في تكوين الحصوات حيث إن الذكور أكثر تعرضاً من الإناث للإصابة بالحصوات، وأكثر أنواع الحصوات انتشاراً هي الأوكسالات ثم حمض البوليك ثم فوسفات الكالسيوم وفوسفات الأمونيوم. وقد تتكون الحصوات في حوض الكلى كما قد توجد بالحالب أو المثانة البولية.وتؤثر الحصوات على المسالك البولية إذ قد تتسبب في انسداد كلي يؤدي إلى تضخم بالحالب أو الكلية، وقد ينتهي الأمر بفشل كلوي حاد أو مزمن إذا أهمل علاجها، وقد يكون الانسداد جزئياً ويؤدي إلى تضخم الكلية ويساعد على إصابة المسالك البولية بالتهابات ميكروبية.هل يصوم مريض الكلى؟يشير أطباء الكلى إلى ضرورة مراجعة طبيب الكلى كي يضع مع المريض خطة عذائية وعلاجية أثناء شهر رمضان ويكون هذا الإجراء من خلال الفحص بالتحاليل والأشعة قبل قدوم الشهر الفضيل بوقت كاف للوقوف على حالة المريض وتقييمها، وكقاعدة عامة معروفة طبياً أن التهاب الكلى وفرصة تكوين الحصوات تزداد عند إفراز العرق بغزارة أثناء المناخ الحار وعند الإقلال من شرب السوائل والماء مع تركيز الأملاح في البول وقلة السوائل في الجسم.ومع ذلك فالحالة المرضية تختلف من شخص لآخر وكذلك الظروف المحيطة ونوع العمل والمجهود والعادات الغذائية أثناء تناول وجبتي الإفطار والسحور والتدخين كلها عوامل تحدد بشكل كبير مدى تأثر المريض بصيامه وانعكاس ذلك على حالته الصحية لذلك ينصح أطباء الكلى المريض بأن يبادر بالتخلص من حصوات الكلى إن وجدت قبل الصيام سواء بالعلاج الدوائي أو بالتفتيت بالمناظير أو أي طريقة من طرق التخلص من الحصوات. أما بالنسبة لصوم المريض من عدمه فهناك حالات يراعى فيها الأخذ بالاحتياطات اللازمة قبل قرار الصيام كالمرضى الذين يعانون من حصوات أو أملاح بالكلى أو تكلسات قبل وأثناء رمضان فهؤلاء يمكن أن يصوموا بشرط مراعاة شرب السوائل والمياه بكثرة أثناء فترة الإفطار وحتى الفجر، وتناول الأدوية المناسبة لكل حالة بانتظام مع البعد قدر الإمكان عن حرارة الشمس بالنهار والمجهود.أما المرضى الذين يعانون من التهابات صديدية بالمسالك البولية أو ارتفاع نسبة البولينا أو الكرياتينين وزيادة البوتاسيوم أو المصابون بالفشل الكلوي ويحتاجون لغسيل الكلى فينصح بعدم صومهم خصوصاً يوم الغسيل أما الأيام الأخرى فيمكنهم الصوم طالما كانت القيم الأساسية تحت السيطرة.الغذاء المناسب للمرضىمرضى حصوات الكلى والحالب والمثانة البولية يمكنهم الصوم بشرط شرب المياه والسوائل بعد الإفطار بكميات كبيرة "8 أكواب يومياً بحد أدنى” مع التقليل من شرب المنبهات والمياه الغازية لاحتوائها على الكافيين الذي يزيد من فقدان الماء من الجسم، وذلك لأن الماء يساعد على تخفيف الأملاح المتكونة وكذلك يمنع الماء ترسب تلك الأملاح ويعتبر طارداً للحصوات الصغيرة قبل تجمعها. أما بالنسبة لغذاء مريض الكلى فينبغي له الإقلال من تناول اللحوم الحمراء وملح الطعام والسبانخ والجبن الأبيض والكرنب، وكذلك أملاح حمض البوليك التي توجد في الكبد والكلاوي والشوكولاتة، لأنها تتسبب في تكون الحصوات التي تترسب على الكلى.ويحذر الأطباء مريض الكلى الصائم من التعرض للشمس خلال فترات النهار، والبعد عن بذل المجهود أثناء الصيام خاصة الأعمال الشاقة في الأماكن الحارة.