جمعها: بديع المدني عالمنا اليوم قامة من قامات العلم، وإمام من أئمة التابعين، أدرك ما يقرب من خمسين صحابياً، وكانت له حلقة عظيمة في وجود أكابر الصحابة رضي الله عنهم، يرغب الملوك في قربه حيث كان إمامًا حافظًا متقنًا فقيهًا فصيحًا، عالمًا بالقرآن، ورِعًا، واسع العلم، عارفًا بأخبار العرب وأيّامها ، ويحتاج الجميع إلى علمه، ذو دعابة ،وذكاء كان يقول: "ما كتبتُ سوداء في بيضاء، ولا حدثني رجل بحديث قطّ إلاّ حفظته، ولا أحببتُ أن يُعيده عليّ” هو عامر بن شَراحيل الشَّعبي أبو عمرو المولود بالكوفة عام 16 للهجرة على قول الكثير من المؤرخين .روى عنه جمعٌ كبير من الرواة ،وقد مرّ ابن عمر رضي الله عنهما بالشعبي وهو يُحدّث بالمغازي، فقال: " لقد شهدتُ القوم، فلهو أحفظ لها وأعلم بها.” ،وقال ابن عيينة: " كان الناس بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه” ،وقال ابن معين: " إذا حدّث الشعبي عن رجل فسمّاه؛ فهو ثقة يُحتجّ به "، وقد مر الإمام الشعبي رحمه الله بمحنة كسائر الأئمة الكبار حيث خرج مع القراء على الحجاج بن يوسف الثقفي ، وبعد انتهاء تلك الفتنة أتوا بالشعبي مكبلاً إلى الحجاج ولما رأه يزيد بن أبي مسلم داخلاً على الحجاج قال "إنا لله يا شعبي لما بين دفتيك من العلم " ثم ما لبث أن عفى عنه الحجاج .وكلمات هذا الإمام الكبير وأخباره كثيرة منها أن قيل له ذات مرة : من أين لك كل هذا العلم؟ قال: " بنفي الاغتمام، والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمام، وبكور كبكور الغراب” وقال رحمه الله : "تعايش الناس بالدين زمناً طويلاً حتى ذهب الدين، ثم تعايش الناس بالمروءة زمناً طويلاً حتى ذهبت المروءة، ثم تعايش الناس بالحياء زمناً طويلاً حتى ذهب الحياء، ثم تعايش الناس بالرغبة والرهبة، وأظن أنه سيأتي بعد هذا ما هو أشد منه ".و قال: " إذا كانت محاسن الرجل تغلب مساويه فذلكم الرجل الكامل، وإذا كانا متقاربين فذلكم المتماسك، وإذا كانت المساوئ أكثر من المحاسن فذلكم المتهتك "، وعن الشعبي قال: " العلم أكثر من أن يُحصى فخذ من كل شيء أحسنه ".و قال رحمه الله : "الرجال ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا شيء، فأما الرجل التام هو الذي له رأي وهو يستشير، وأما نصف الرجل فالذي ليس له رأي وهو يستشير، وأما الذي لا شيء فالذي ليس له رأي ولا يستشير” .ومن طُرفه رحمه الله أن سأله أحد تلاميذه، ما اسم زوجة إبليس ؟ قال الشعبي " هذا عرس لم نشهده " ، وسأل رجل الشعبي عن المسح على اللحية، فقال: خللها قال الرجل: أتخوف أن لا نبلها! فقال الشعبي: إن تخوفت فانقعها من أول الليل.مات الإمام الشعبي رحمه الله سنة (104هـ) وعمره 87 عاماً ؛ فجزاه الله تبارك وتعالى خير الجزاء على ما قدم في خدمة الإسلام والمسلمين .
الشَّعْبِــــيُّ عـَـــــــامــــــِرُ بـــــــنُ شَــــــرَاحِيْـــــــلَ
01 أغسطس 2012