بي بي سي - القدس المحتلة: إن استخدام مدفع الإفطار في شهر رمضان تقليد يعرفه العالم العربي منذ مئات الأعوام.ويشير البعض إلى أن هذا التقليد بدأ في العاصمة المصرية القاهرة، ومع ذلك فقد ظهر التقليد خارج بلدة القدس القديمة منذ فترة طويلة. وينتظر المسلمون انطلاق مدفع الإفطار لينتهي معه يوم صيامهم، ويتبع ذلك أذان صلاة المغرب ثم تناول وجبة الإفطار.وفي القدس، تتولى عائلة "صندوقه” المسؤولية عن مدفع الإفطار منذ 120 عاماً. وتفخر العائلة بهذا الإرث الذي يتناقل من الآباء إلى الأبناء.وتولى رجائي صندوقه، وهو ممثل ومحرك عرائس، مسؤولية مدفع الإفطار عام 1992.ويستخدم رجائي مدفعاً صدئاً يعود تاريخه إلى عــــــــــام 1918 أعلــــــى مقبرة قريبة من شارع تسوق مزدحم بالقدس الشرقية تطل على أسوار المدينة القديمة.ويقول رجائي "قبل حلول شهر رمضان بشهرين، يأتي الناس إليّ ويطلبون مني التأكد من ضبط الوقت لأنهم يريدون الإفطار في أسرع وقت ممكن”. ويضيف "لا ينهي أحد من المسلمين في القدس صيامه في رمضان قبل سماع صوت المدفع، ولا تبدأ المساجد الصلاة حتى تسمع صوت المدفع. وهذا يجعلني أشعر بالفخر”. ويتذكر موقفاً حدث معه قائلاً "في أحد الأعوام ارتكبت خطئاً شنيعاً وانطلق المدفع قبل موعده بدقيقة. وفي اليوم التالي، كان الجميع يصرخون في وجهي ويريدون ضربي، وأدركت مدى أهمية دوري في المدينة وفيما حولها”. وعلى ضوء التوترات بالقدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وضع الجيش الإسرائيلي قيوداً على استخدام المدفع. ففي السابق كان المدفع ينطلق كل صباح ومساء بالتزامن مع موعد بدء وانتهاء الصيام، لكن في الوقت الحالي، يقتصر استخدام المدفع على المساء، كما جرى تغيير نوعية المتفجرات المستخدمة.ويقول رجائي "اضطررنا للالتزام بما تقوله السلطات خشية أن يبقى المدفع صامتاً ولا يمكن أن يحدث ذلك”.تعلم رجائي استخدام المدفع على يد والده، ويتذكر إلى الآن أياماً كان يرافق فيها جده بينما كان يقف على المدفع. واعتاد رجائي أن يتلقى إشارة من مسجد الأقصى المجاور تفيده بأنه موعد انطلاق مدفع الإفطار قد حان وقت. يحظى رجائي بشعبية كبيرة بين المسلمين في مدينة القدس، لكن عاداته خلال شهر رمضان ربما تجلب له بعض المشاكل مع زوجته وأطفاله، فدائماً ما يتأخر عليهم في الإفطار.ويقول "كثيراً ما تتشاجر زوجتي معي وتقول ‘لما لا نستطيع الجلوس معاً كأسرة ونستمتع بالدعاء سوياً ثم تناول الإفطار؟’ كما يشتكي أولادي من تغيبي وقت الإفطار”.وعلى الرغم من تأكيد رجائي على التزامه بما يقوم به، إلا أنه يتطلع إلى يوم يتولى فيه ابنه المهمة بدلاً منه ليتسنى له سماع صوت انطلاق مدفع الإفطار وهو في المنزل.ويتمنى رجائي أن يبقى هذا التقليد في العائلة، ويقول "هذه مسؤولية كبيرة تقوم بها عائلتي منذ عشرات الأعوام، ولذا أجهز ابني لتولي المهمة من بعدي عندما يأتي دوره”.