^ إيجابي أن تتفاعل الدولة مع أية تصريحات تأتي من جهات خارجية، سواء أكانت رسمية أو غير رسمية، موثوقة أم مشبوهة، بغية بيان حقيقة الأمور، لكن الإيجابي أكثر أن تتفاعل الدولة أولاً مع داخلها بشكل أكثر وضوحاً. مجموعة من الموجودين خارج البحرين، غير ملاحقين أمنياً، كرسوا أنفسهم لتشويه صورة البحرين وخدمة الأجندة الأجنبية الطامعة في بلادنا، يتنقلون من واشنطن إلى جنيف إلى العراق ويصرفون مبالغ كبيرة لا يجرؤون على كشف مصادرها، ينتهي بهم المطاف إلى الادعاء بأنهم يتعرضون للتهديد. المفارقة أنهم هم من يهددون الدولة، وهم من يحركون الأدوات بالداخل لتهديد أمن البحرين ومواطنيها. تنساق منظمات وجمعيات وراء ما يقولون، ويجزمون به ويأخذون به باعتباره الحقيقة المطلقة، بينما الدولة ترد على ذلك بالنفي، وبالأسلوب المعتاد، أي أسلوب “ردة الفعل”، في حين مازال “الفعل” ضعيفاً، ومازال إيصال الحقيقة البحرينية لما حصل لا يضاهي جملة الأكاذيب التي طالت البحرين. طيب إن كانت المؤسسات والمنظمات الدولية حريصة على ضمان أمن وسلامة البشر، فلماذا لا تتحدث عمن يتعرضون يومياً للتهديد في حياتهم داخل البحرين؟! لماذا لا تدين الأفعال الإرهابية ورمي المولوتوف وقطع الطرقات؟! هل لأن الحقيقة لا تصلهم؟! إن كان الجواب بنعم، فعليكم أن تبحثوا عن المقصرين في إيصال الحقيقة، ولسنا نتحدث عن اجتهادات أفراد لتعلق عليها الشماعة، بل عن جهود جهات رسمية لها ثقلها ووزنها، نتحدث عن إعلام لا يعرض حتى محلياً ما يحصل من عمليات إرهاب وتخريب يومية، نتحدث عن مؤسسات مجتمع مدني كثير منها لا يهمه مما يحصل سوى جني المكاسب والتحضير للانتخابات القادمة. البحرين وسمعتها ينهشان نهشاً في الخارج ونحن نكتفي برد الفعل ونقول لهم لا تصدقوهم إنهم يكذبون. جهات خارجية تغدق الأموال وتصرف على هذه الخناجر لتواصل طعن البحرين، بينما في الداخل نضع الأغاني تلو الأغاني ونقول الأمور طيبة. إن كان أي شخص سيدعي أنه مهدد ومتضرر سيصل لجهات خارجية ويسوق عليها قصصه الخيالية، وبعدها ستتفاعل أجهزة الدولة مع موضوعه، فمن باب أولى أن يوصل المتضررون الحقيقيون في حياتهم داخل البحرين معاناتهم للخارج ويطلبوا من هذه المنظمات أن توصي الدولة بحمايتهم من الإرهاب. البحرينيون المخلصون يعانون اليوم من تهديدات سببها الإرهاب المنظم الذي يغطيه أصحابه بشعارات حرية الرأي والديمقراطية وغيرها. اليوم المواطنون والمقيمون يعانون من سد الطرقات والإرهاب وتداعيات التصادمات اليومية، وكل ما يطالبون به هو إعادة الأمن والاستقرار في البلاد، ومحاسبة من يرتكب الجرائم ويخرق القانون، لكن للأسف باتت القناعة لديهم بأن الإجراءات فقط ستتوقف عند بيانات وتصريحات. لا تثبيت دعائم الأمن في الداخل مستقر وواضحة معالمه، ولا الدفاع عن البحرين في الخارج يتم بطريقة تقارع الاستهداف. ألم نتكلم فيما مضى عن الضرر النفسي وكيف أن المواثيق الدولية تجرمه، وأنه أخذ حيزاً كبيراً من المناقشات في اجتماعات جنيف على امتداد سنوات طوال؟! لم لا تقولون لهم بأن الشعب البحريني اليوم متضرر نفسياً ومستهدف أمنياً. أليس هؤلاء بشر؟! أليس لهؤلاء حقوق؟! أم أن الحقوق يتم التعهد بحفاظها لمن يطعن الدولة ثم يتباكى ويصرخ ويقول بأن الدولة هي من تطعنه وتهدده. حتى في دفاعنا عن قضيتنا العادلة وفي دفاعنا عن بلدنا مازلنا نعاني ونجهل كيف يجب أن تدار الأمور؟! لا نريد ظلم أحد خاصة من يجتهد، لكننا نقول بأن المحصلة النهائية لا تبعث على الارتياح. ^ اتجاه معاكس.. كتبنا قبل أيام عن ضرورة تواصل الوزراء مع المواطنين، ووجوب فتح مجالسهم وأبوابهم لهم، وبالأمس يوجه سمو رئيس الوزراء حفظه الله -وهي ليست المرة الأولى وأجزم بأنها لن تكون الأخيرة- الوزراء للتفاعل أكثر مع المواطنين، وأن يكون رضا المواطن هو معيار نجاحهم في أداء مهامهم. طبعا حينما يوجه سمو رئيس الوزراء هذا الكلام فإن الطبيعي أن نرى الجميع يهز رأسه بالموافقة ما يعني أن كلامه هو ما يفترض أن يطبق وأن ينتهجه كل مسؤول، بالتالي من حقنا كمواطنين أن نقول حينما لا نرى تغييراً في سياسة بعض الوزراء في التواصل (إلا من رحم ربي) بأن هناك من يتعمد عدم التواصل مع الناس، وأن هناك من لا يطبق سياسة الحكومة التي تتضح جلية من خلال رئيسها الذي نضرب به المثل دائما في تحركاته وجولاته وقربه من الناس وفتح بابه لهم. الوزير يظل موظفاً في الدولة عليه واجبات يجب أن يقوم بها، وحينما يرضى الناس عن أدائه فهو دليل على كفاءته واجتهاده، والعكس صحيح.
المتعرضون للتهديد
28 مايو 2012