^  مئات الآلاف من البحرينيين وغيرهم تابعوا منذ فبراير 2011 الهجمة الإعلامية الكبيرة من شبكة واسعة من القنوات الفضائية الإيرانية والعراقية واللبنانية ضد البحرين والسعودية لأسباب معروفة وواضحة. هذه الشبكات تمثل الأداة الإعلامية لتنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية، وتمثل في الوقت نفسه أداة دعم للجماعات الراديكالية المؤيدة لطهران من أجل تنفيذ أجنداتها وتشمل الضغط السياسي والإعلامي. مثل هذا الأسلوب ذكي وفعّال ومؤثر، ولكنه يمكن أن يكون كذلك إذا كانت البيئة التي تعمل فيها مثل هذه الأدوات خصبة وصالحة للاستخدام والتأثير على الرأي العام. وهذا هو الواقع بالنسبة للمؤسسة العربية للاتصالات الفضائية (عرب سات) التي باتت مخترقة وغير قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة ضد القنوات الفضائية الناشطة ضد الدول العربية التي أسست هذه المؤسسة أصلاً. نفهم جيداً طبيعة الارتباطات القائمة على أرض الواقع من قيام إحدى الشركات الخليجية بتأجير باقة في (عرب سات)، ومن ثم تأجيرها بشكل غير مباشر لمجموعة من القنوات الداعمة لفكر ولاية الفقيه وبث الأيديولوجيا الإيرانية. ولكننا لا نفهم عدم قدرة الحكومات العربية على اتخاذ قرار شجاع وجريء بإيقاف مثل هذه القنوات الفضائية لتأثيراتها الخطرة والسلبية على تشكيل اتجاهات الرأي العام العربي، خاصة وأنها تطورت ووصلت لمرحلة التأثير على الأوضاع السياسية القائمة، بحيث يمكنها المساهمة في تغييرها كما حدث في العديد من البلدان. إذا كانت مؤسسات العمل العربي المشترك غير قادرة على حماية المصالح العربية الأساسية، فإنه لا جدوى من استمرارها، ولا جدوى من العمل من خلالها. ولذلك فإن قرار هيئة شؤون الإعلام بإيقاف باقة البحرين عبر (عرب سات)، خطوة مهمة تستحق التقدير، وتتطلب وقفة حقيقية من البلدان العربية الأخرى. إذ ليس من المقبول أن تبادر إحدى الدول بإيقاف باقتها على (عرب سات)، في حين تسمح الدول العربية الأخرى باستمرار وجود شبكات فضائيات مدعومة إيرانياً في تشويه الخطاب الإعلامي العربي لصالح أجندة سياسية بالدرجة الأولى. إن استمرار باقات بقية البلدان العربية عبر (عرب سات) وشبكاتها الفضائية مع الشبكة الإيرانية دون اتخاذ موقف هو شكل من أشكال التضامن الإعلامي غير المقبول والذي يتطلب تدخلاً حاسماً وموقفاً أكثر وضوحاً بدلاً من التمسك بشعارات “التعاون العربي الإعلامي المشترك”. أيضاً قرار هيئة شؤون الإعلام بشأن (عرب سات) يعكس موقفاً مهماً من حكومة البحرين تجاه طهران، وهو خطوة تمثل البداية ينبغي أن تتبعها سلسلة من الخطوات على صعيد العلاقات السياسية والاقتصادية أيضاً حتى يكون موقف الدولة البحرينية أكثر حسماً تجاه التدخلات الإيرانية.