كتب - طارق مصباح:أيام رمضان وقرب حلول العيد وافتتاح المدارس افرغت جيوب البحرينيين، ومع الحاجة الملحة لتوفير مستلزمات هذه المناسبات، تبرز ضرورة التخطيط السليم لموازنة اقتصاد الأسر البحرينية، وتلافي تراكم الديون واستحقاقات المصاريف المعيشية الأخرى من مأكل ومشرب وفواتير.وازدادت معاناة المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط في شراء مستلزمات العيد والمدارس وقبلها رمضان، ما أخلى الجيوب ونهش الرواتب وبخر الميزانية.وعبر المواطنون ممن التقتهم "الوطن” عن عدم قدرتهم استيفاء مستلزمات المناسبات الـ3 مجتمعة، ما شكل عبئاً مادياً إضافياً أثقل كاهلهم، في وقت تسابقت فيه المحال التجارية في رفع أسعار سلعها وبضائعها وخاصة الملابس والمستلزمات المدرسية والمواد الغذائية.وأجمع المواطنون أنهم مجبرون على تلبية نفقات أسرهم وأطفالهم خاصة بعد صدور المكرمة الملكية بزيادة الرواتب وإصدارها قبل نهاية رمضان، ما ساعدهم على تلبية احتياجات أسرهم من مؤن العيد وحوائجه.رمضان وبوصلة الاقتصاد الأسريويقول محمد يونس رب أسرة من 4 أطفال، إنه أنفق راتب الشهر الماضي بعد مرور 10 أيام من رمضان، بعد شرائه المواد الغذائية المطلوبة خلال الشهر الفضيل وملابس العيد وحلوياته.أم سلمان موظفة وأم لثلاثة أبناء، التقيناها في إحدى المحال التجارية مع أبنائها، وقالت إن الأسعار تشهد استقراراً نسبياً، إلا أن تكاليف الشراء للشهر الفضيل والعيد وحلول الموسم الدراسي الجديد يستنزف كثيراً من الميزانية التقديرية للأسرة.يبدو أن بعض الأسر تمر في ورطة حقيقية، يقول الموظف عبدالرحمن صالح الأب لـ5 أبناء، مضيفاً أنه اضطر للاقتراض من البنك لتلبية احتياجات المواسم المتلاحقة، ومواصلة حياته الطبيعية بعيداً عن ضغط النفقات.ويشير صالح إلى أنه اتخذ كافة التدابير المالية قبل حلول الشهر المبارك، إلا أن ما عنده نفد قبل تلبية الاحتياجات كافة، وقال إن تجاوز الضائقة المالية باجتماع المواسم الثلاث أشبه بالخروج من عنق زجاجة.وقال المواطن خالد علي -موظف ولديه ابنان- إن "اجتماع المناسبات الثلاث تتعاقب خلال السنوات الـ3 المقبلة، ما يستلزم تأمين سيولة مالية كبيرة تناسب الاستعداد الكافي لتأمين الاحتياج الأسري من المؤونة والغذاء ومستلزمات المدارس من القرطاسية والحقائب وأقساط الروضات والمدارس”. ولا ينكر علي حدوث ارتباك وخلل في ميزانية أسرته هذه الفترة "رغم أن لدي ابناً واحداً في الروضة، إلا أن الضغوطات المادية باتت تلاحقني، ما استدعى سلوكي نمطاً استهلاكياً مقنناً لتوفير المستلزمات وبأقل التكاليف”.في حين لا ترى فاطمة أحمد ربة منزل بدّاً من التخطيط المسبق قبل حلول هذه الفترة الصعبة، وأن تشتري الأسرة ملابس العيد قبل رمضان وتدرس ميزانيتها وتقننها وفقاً لمقتضى الحال، وتتحلى بالواقعية وتبتعد عن التقليد الأعمى للآخرين لتنعم براحة البال.التخطيط السليموذكرت نائب رئيس جمعية الاجتماعيين البحرينية هدى المحمود، أن العديد من الأسر البحرينية لا تجيد التخطيط السليم لميزانيتها، وقالت "لابد من النظر في التنسيق والترشيد في ميزانية الأسرة، وعدم التخطيط الواضح يسبب إرباكاً للميزانية”.وأوضحت أنه في كثير من الأحيان تكون مصاريف الأسرة أكبر من قدراتها المالية، ولابد حينها من تقسيم الميزانية وتجنّب الصرف غير المبرر في مناسبات ينبغي أن تكون مواسم نستلهم منها قيم معالجة النفس وضبطها.ودعت أرباب الأسر إلى ترتيب الميزانية بشكل يضمن التخلي عن مظاهر الخيلاء والتباهي في هذه المناسبات، ما يحقق الاكتفاء الحقيقي لكل فرد وفق مطالبه واحتياجاته الفعلية، بعيداً عن أنماط الاستهلاك الباذخة.وعن نوعية المادة التي يرغب المستهلك بشرائها في مثل هذه المناسبات، حذرت المحمود من شراء كميات كبيرة من منتجات بعينها أو الإصرار على شراء ماركات معينة من مختلف المواد والسلع مع توفر بدائلها الأرخص.ودعت أولياء الأمور إلى التجول في الأسواق ومعاينة البضائع وتحديد نوعيات تناسب ميزانيات أسرهم، مؤكدة أنه "يمكن شراء الأساسيات الآن، وبعد أن يبدأ الفصل الدراسي أو ينتصف يمكن شراء بقية المستلزمات الممكن تأجيلها”.وأشادت بالجهود الاجتماعية للمؤسسات الخيرية، التي أخذت على عاتقها توفير مساعدات تعين الأسرة المحتاجة في قضاء مستلزماتها وحاجياتها من خلال مشاريعها المتنوعة ومنها توفير الحقيبة المدرسية.التدخل الإيجابي بالأسواقوقال عضو مجلس النواب ورجل الأعمال النائب عثمان شريف، إن الصرف المالي للأسر يزيد بشكل لافت في المناسبات المجتمعة "رمضان والعيد والمدارس مثلاً”، لافتاً إلى أن الأسر التي لديها الكثير من الأبناء تعيش حالة صعبة وتجد مشقة في تأمين مستلزماتها الضرورية وتغطية نفقاتها خلال الفترة.وبشأن الجهود المطلوبة في الوقت، دعا شريف وزارة التجارة إلى تكثيف جهودها في مراقبة أسعار السلع والبضائع المختلفة، مشيراً أن المملكة لا تملك أدوات قانونية لتحديد الأسعار لكثير من السلع، و«لكننا نطالب الوزارة بحماية المستهلك والوقوف على المستوى المعقول للأسعار حتى لا يستغل بعض التجار مناسبة رمضان والعيد وتعود بآثارها السلبية على المستهلكين”.وبشأن التخوف الذي يعيشه بعض المواطنين بشأن ظهور بوادر ارتفاع أسعار العديد من السلع، قال شريف إنه لابد أن يُعلم أن الوضع الاقتصادي الآن سيء على مستوى العالم نتيجة الأزمة المالية والعجز في الميزانية الأمريكية وغيرها من الأسباب التي ربطت عملات الدول العربية والخليجية بالدولار، موضحاً أن الكثير من البضائع تأتينا من الدول الأوروبية وطرأ عليها ارتفاع في الأسعار للأسباب المذكورة.وأشاد شريف بمساعدات الجهات الخيرية المقدمة للأسر المحتاجة والمعوزة، وتخفف العبء عن كاهل أسر لا تستطيع توفير أسس ومقومات الحياة الطيبة لأبنائها.تكامل الجهود يحقق الهدففي ظل هذه الظروف تبرز الحاجة لبرامج تنموية للأسر المحتاجة، وتوفير فرص تشغيلية للشباب وخفض نسبة البطالة، وتكثيف الجهود التوعوية بأهمية الاقتصاد في الاستهلاك المنزلي وشراء المستلزمات الضرورية فقط، بما يتناسب ومستوى الأسرة الاقتصادي والاجتماعي، وحث وزارة التجارة على تكثيف جهودها لمراقبة الأسعار ومنع التجار من الاحتكار والتلاعب بالأسعار عملاً بتوجيهات سمو رئيس الوزراء.
رمضــان والعيــد والمــدارس أفــرغــت جيـــوب البحــــرينيين
11 أغسطس 2012